كيف أثّر التدخل الروسي واتفاق خفض التصعيد على الثورة السورية؟

كيف أثّر التدخل الروسي واتفاق خفض التصعيد على الثورة السورية؟
دخلت الثورة السورية عامها الثامن مودعة سبعة أعوام مليئة بالتضحيات والمآسي والجراح التي أحدثها نظام الأسد وروسيا وإيران بحق المدنيين، وتستقبل الثورة عامها الجديد وسط صمت دولي حول المجازر التي ترتكب في غوطة دمشق الشرقية حيث تسعى روسيا إلى تهجير أهلها الصامدين.

ومنذ تدخلها لصالح الأسد في أيلول 2015 استطاعت روسيا انتزاع النظام من الهاوية فدعمته بكل أنواع الأسلحة حتى تمكن من تهجير أهالي حلب والزبداني وداريا وغيرها من المناطق التي طبقت عليهم موسكو سياستها المعهودة منذ أيام "غروزني" متمثلة في القتل والتنكيل مستغلة برود جبهات الثوار بسبب اتفاق ما بات يعرف بـ "خفض التصعيد" الذي أنتجته في العاصمة الكازاخية أستانا إضافة إلى تخاذل وصمت المجتمع الدولي تجاه الشعب السوري وقضيته.

التدخل الروسي واللعب في مصير الثورة

فشل نظام الأسد بكل ما أوتي من قوة أن يخمد ثورة السوريين، فاستجلب الميليشيات الإيرانية على رأسها "حزب الله" لتشاركه قتل الأطفال والنساء وتدمير المناطق المحررة، وحين شارف النظام وتلك الميليشيات على الانهيار هرول مسؤولو النظام ونظرائهم من نظام الملالي إلى موسكو لطلب النجدة فسارعت روسيا ولم تتأخر وتدخلت بحجة "محاربة الإرهاب" فصمتت دول العالم وأدارت ظهرها وبدأت تتابع مسلسل القتل والتشريد بحق الشعب الثائر.

يقول المحلل العسكري العقيد (أحمد حمادة)، إن التدخل الروسي العسكري بقوة الطيران والبحرية والاستطلاع والقصف المركز على قوى الثورة في أرياف حماة وإدلب واللاذقية والبادية ودير الزور وحوران وآخرها الغوطة وفر دعماً نارياً لميليشيات إيران وعصابات الأسد مما مكنها من الانتقال للهجوم فتم تقليص مساحة الأرض المحررة والضغط العسكري على الثورة والسيطرة على حلب وتهجير أهلها وداريا وسهل الزبداني ووادي بردى وبرزة والقابون والبادية والآن يتم العمل للسيطرة على الغوطة. مؤكداً أن هذا التقدم ما كان ليكون لولا التدخل الروسي العسكري واجتماعات أستانا وأن ما قاله الساسة الروس يعكسه الواقع في إشارة إلى تصريحات المسؤولين الروس القائلة "لولا تدخلنا لسقط الأسد". 

وأضاف (حمادة) لأورينت نت، "التحالف الروسي الإيراني مع الأسد هدفه خلق مناطق نفوذ لهم كقواعد عسكرية (حميميم في طرطوس مثالاً)، وغيرها لقاء تمكين الأسد وعصابته من البقاء لذلك استخدمت روسيا 11 مرة الفيتو وعطلت كل القرارات الأممية".  وتابع "كذلك الروس جربوا أسلحتهم ودربوا طواقمهم وعرضوا هذه الأسلحة عبر فيديوهات لقصف السوريين كدعاية للسلاح، عدا عن عودة الروس كلاعب في المنطقة بعد انهيار السوفييت". 

أما مكاسب روسيا الاقتصادية من تدخلها وعدوانها على الشعب السوري فيراها (حمادة) في سيطرة الروس على حقول النفط والغاز في البادية وتوقيعهم على عقود بمليارات الدولارات في إعادة الاعمار، وقال "الروس اليوم قوة محتلة لسوريا تتنافس مع إيران التي تريد تقاسم الكعكة السورية لقاء خدماتهم لنظام قاتل مجرم".

وأكد على أن الثوار بما يملكونه من عتاد وسلاح وقفوا في وجه الآلة البربرية ولازالوا صامدين ويملكون أوراق عديدة ولكن بحاجة إلى تقديم الدعم السياسي والمالي والسلاح والتنظيم، بحسب قوله.

خديعة مناطق خفض التصعيد

لم تكتف روسيا بالتدخل العسكري الذي وبدون شك أثر على سير المعارك وأعطى جرعة للنظام جعلت كفته ترجح على حساب الثوار أحياناً، بل عملت موسكو على الجبهة السياسية أيضاً زاعمة أنها تبحث عن حل سلمي لما يحدث في سوريا، فقدمت نفسها على أنها دولة ضامنة وراحت تنسج خيوط شباكها في العاصمة الكازاخية فاستدرجت إليها فصائل الثورة عبر اتفاق مناطق "خفض التصعيد" وأوقعت بها.

المحلل العسكري العقيد (عبدالله الأسعد) وضح ذلك قائلاً "تعلم روسيا أن وفد الثورة المفاوض في أستانا لا يعرف شيء عن مفهوم خفض التصعيد أو المناطق العازلة أو مناطق حظر الطيران، فاستغلت موسكو ذلك وطبقت الاتفاق على مزاجها".

وقال مناطق "خفض التصعيد من حيث المفهوم العسكري ليست منطقة آمنة دائمة وإنما هي عبارة عن منطقة مؤقتة يمكن أن ينشب فيها القتال ويتدخل فيها الطرف الضامن لوقفه فكيف إذا كان الضامن هو المهاجم!". وأردف في حديث لأورينت نت "روسيا وإيران متواجدة في معظم مناطق خفض التصعيد التي تم إقرارها في الجنوب والغوطة وريف حماة وريف حمص الشمالي ومؤخراً".

وقال (الأسعد) "في جولات أستانا الأولى خسرت الثورة داريا والغوطة الغربية بعد أن انفرد النظام بكل منطقة على حدى والآن الغوطة منطقة خفض تصعيد ورغم ذلك هي تقصف ويقتل أهلها من قبل روسيا الضامن للاتفاق".

 

وخلص (الأسعد) إلى أن مناطق خفض التصعيد كانت "خديعة كبرى" وقع بها الثوار والشعب السوري من قبل روسيا التي منذ أن تدخلت في سوريا قدمت نفسها على أنها دولت احتلال عبر سعيها إلى تحقيق مكاسب جيوسياسية في المنطقة إضافة إلى الضامن الآخر إيران التي لديها أهداف مذهبية تتمثل في تشييع المنطقة.

وعلى الرغم من سوداوية المشهد في سوريا بفعل العدوان الروسي والتدخل الإيراني إلى جانب الأسد، يُصر الشعب السوري على السير في الطريق الذي بدأه لنيل الحرية والكرامة ويظهر ذلك حالياً بشكل جلي في الغوطة الشرقية التي تتعرض لحملة إبادة ممنهجة منذ شهر بسبب رفضها الاستسلام للنظام، كما تجلى ذلك أيضا في مظاهرات السوريين التي تجوب المناطق المحررة وهي تُحيي عيد الثورة السابع وتستقبل عاماً جديداً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات