نيويورك تايمز: روسيا تواجه مشكلة كبيرة بشأن مستقبل الأسد في سوريا

نيويورك تايمز: روسيا تواجه مشكلة كبيرة بشأن مستقبل الأسد في سوريا
نشرت صحيفة " نيويورك تايمز" تقريراً تحدثت فيه عن المشكلة التي تواجه روسيا في سوريا، بعد أن ربطت جني ثروتها مع (بشار الأسد)، الأمر الذي يترك لها مساحة محدودة للمناورة.

وأشارت الصحيفة بعد عامين ونصف من التدخل الروسي العسكري لدعم نظام (بشار الأسد)، يجد الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) نفسه عالقاً في سوريا، غير قادر تماماً على إيجاد حل على الرغم من إعلانه "إنجاز المهمة" في ثلاث مناسبات على الأقل. وفي حين أن تدخل (بوتين) العسكري نصب الكرملين كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ عقود، إلا أن تخلص روسيا من سوريا يثبت أنه أكثر صعوبة بكثير مما كان متصوراً.

وبحسب الصحيفة، فإن (بوتين) لا يستطيع السحب أو الدفع بأي تغيير سياسي حقيقي في سوريا دون المخاطرة بانهيار حكومة (الأسد)، الأمر الذي سيعرض كل الجهود الروسية المبذولة لتقليل النفوذ الأمريكي في المنطقة للخطر بما في ذلك مكانة (بوتين) الخاصة. بدوره يدرك (الأسد)، ذلك جيدًا، حيث يقاوم المحاولات الروسية للتوصل إلى حل وسط مع المعارضة السورية. في هذا التوازن غير السار، تستمر الحرب بنتائجها غير المعروفة بالنسبة لموسكو. 

فروسيا، بوصفها أقوى ممثل خارجي، تتهم على نحو متزايد بالمأساة السورية التي تستهدف المدنيين السوريين.

وأصدر يوم الثلاثاء الماضي، محققو الأمم المتحدة تقريراً يربط سلاح الجو الروسي للمرة الأولى بجريمة حرب محتملة في سوريا، نتيجة لسلسلة من الهجمات نفذتها طائرة عسكرية مقاتلة في تشرين الثاني على الأتارب غرب حلب، أسفرت عن مقتل 84 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 150.

وبحسب الصحيفة فإن المزج غير المتماسك من القوات في جميع أنحاء سوريا- بما في ذلك المرتزقة الروس والذي يسبب مصيرهم الصداع (لوبتين) في سوريا - يخاطر بتضخيم العنف وتعميق تدخل روسيا. وفي الوقت نفسه، فإن المنافسة المتنامية مع إيران بشأن عقود إعادة الإعمار تخاطر بتآكل التحالف الروسي معها.

خلافات ظهرت في فالداي

وبحسب الصحيفة، فإن الخلافات مع النظام كانت واضحة جداً في اجتماع عقد حول الشرق الأوسط في موسكو في أواخر شباط.

حيث افتتح (سيرغي لافروف)، وزير الخارجية، اجتماعًا امتد ليومين في "منتدى فالداي الدولي"، والذي يعد المنتدى السياسي الدولي الأبرز في روسيا. وبحسب الصحيفة، فالتقييم الوردي الذي أورده المسؤولون الروس للجهود التي تقودها روسيا لتوحيد الأطراف السورية ضمن مفاوضات لإنهاء الحرب، قوبل بعدم اهتمام تام من قبل ممثلي النظام في المؤتمر.

ففي خطاب لها، حذفت (بثينة شعبان)، ذكر أي تسوية قد يمكن لتفاوض عليها. بدلاً من ذلك، قالت مرارًا وتكرارًا إن دمشق ستعلن قريبًا "نصراً نهائياً"، قالت إنه تأخر، بسبب تقديم الأمريكان والأتراك المساعدة للمعارضة.

بينما أعربت روسيا عن إحباط علني. حيث نقلت الصحيفة، ما أسمته توبيخ لأطراف النظام، كان ظاهراً حتى في أوراق "فالداي" التي وزعت على الحضور، والتي جاء فيها، "أن جزءاً من النخبة الحكومية قد يكون لديها آمال أكبر في تحقيق النصر العسكري، عوضاً عن حصة من الأرباح يحصلون عليها في نهاية المطاف نتيجة للمفاوضات".

أما في موسكو، فقد أشار خبراء الشرق الأوسط والمحللون العسكريون إلى وجود انقسامات داخل الحكومة الروسية، خاصة داخل وزارة الدفاع، الأمر الذي يساهم في توسيع الفجوة بين روسيا وسوريا.

فالطرف المتشائم يريد أن يحافظ على مكانة الجيش بالخروج من سوريا، حيث يرى أن هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العام الماضي بمثابة منفذ خروج. بينما الطرف الذي يضم الصقور، يرى مزايا لروسيا في جرح سوريا المفتوح.

فعلى المستوى المهني، يتناوب الضباط الروس في سوريا كل ثلاثة أشهر، ويكتسبون خبرة في ميدان المعركة، وترقيات وأجور أعلى، كما يوفر النزاع استعراضاً للأسلحة الروسية، والتي تعد أهم صادرات البلاد بعد النفط.

الخلافات مع إيران

وبحسب الصحيفة، فمن الناحية الاستراتيجية، تتفق موسكو وطهران على الحفاظ على النظام بشكله الحالي. كما تحافظ موسكو على نوع من العلاقة العسكرية التكافلية مع طهران، حيث تمتلك روسيا السماء، في حين أن إيران تدير حوالي 60 ألف مقاتل يشكلون العمود الفقري لقوات النظام البرية. ومع ذلك، تظهر الاختلافات، حيث يبدو عصر إعادة الإعمار في مكان ما في الأفق. وما يترتب على ذلك من إعادة بناء قطاعات هامة في الاقتصاد، لا سيما النفط والغاز والفوسفات ومحطات الطاقة ومرفئ جديد وشركة اتصالات ثالثة للهواتف المحمولة.

اعتقدت إيران أنها احتجزت مشاريع مهمة بسلسلة من المذكرات الموقعة في أوائل عام 2017. إلا أنه لم يتم التوصل إلى عقود مؤكدة، بحسب (جهاد يازجي)، المحرر في "التقرير السوري" ومقره بيروت.

وبحسب دبلوماسي عربي بارز، تحدث للصحيفة بشكل مجهول، فإن (ديميتري روغوزين)، نائب رئيس الوزراء الروسي، أقتطع جزء من هذه العقود، خلال زيارة له في كانون الأول. وبشكل علني، أعلن (روغوزين) أن روسيا قد حصلت على السيطرة الحصرية على قطاع النفط، والذي كانت الشركات الغربية قد طورته في السابق.

وأشار (رحيم صفوي)، أحد كبار مستشاري (خامنئي) في إيران، إلى أن روسيا قد حصلت بالفعل على امتيازات سياسية وعسكرية واقتصادية، معتبراً أن سوريا يمكن أن تسدد التكاليف التي تكبدتها إيران من خلال التعاون في قطاعات النفط والغاز والفوسفات، بحسب ما نقلته وكالة "اسنا" الإيرانية.

ومع ذلك، قال المبعوث الروسي الذي حضر الاجتماع مع (الأسد) نقل أن (روغوزين) قال أيضاً، في محضر الجلسة أن الشعب الروسي يتوقع العودة بفوائد نتيجة لتضحياتهم، ودعا سوريا "دولة غنية جداً".

وهم التفاوض

على الرغم من مطالبهم، تورد الصحيفة، أن لا روسيا ولا إيران قادرة على تحمل تكاليف إعادة إعمار سوريا والتي تقدر بأكثر من 200 مليار دولار. وبدلا من ذلك، يبدو أن كلاهما يريد أن يكون بمثابة وكلاء لشركات خاصة أو دول أخرى.

وقال (فلاديمير فرولوف)، محلل السياسة الخارجية للصحيفة "الأمريكيون ودول الخليج والاتحاد الأوربي جميعهم اشترطوا بأن تكون عملية إعادة الإعمار مرتبطة بعملية سياسية ذات معنى، الأمر الذي لا يمكن للروس أن يتفاهموا حوله مع بشار" وأضاف "يحاول الروس استخدام حملة علاقات عامة لجعل الأحداث تبدو وكأنها عملية دستورية حقيقية، يقودها السكان الأصليون في سوريا، بينما هي في الأساس مزيفة. لن يتفاوض بشار حتى مع نفسه للخروج من السلطة".

شبح أفغانستان

 

وبحسب الصحيفة، فأن شبح أفغانستان، والتي أصبحت مستنقعًا عسكريًا للاتحاد السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي وساعدت في تسريع انهياره، يحوم حول بسوريا. ومع ذلك، فإن مستوى الالتزام الروسي أقل من أفغانستان بكثير، من حيث المال وخسارة الأرواح، وأقل وضوحاً في الداخل، وحتى الآن لا يشكل مشكلة مع الروس العاديين.

وتضيف الصحيفة أنه وفي نهاية المطاف، يقول المحللون، سيتعين على الكرملين التعامل مع واشنطن التي تسيطر على ثلث البلاد، بما في ذلك معظم ثروة النفط. حيث يعتقد العديد من الخبراء أن شكلاً من أشكال الحوار الروسي الأمريكي هو الأمل الوحيد لإنهاء الصراع.

إلا أن روسيا تتوقع أنها عبر التشبث بموقفها، ستتوصل في النهاية إلى اتفاق سلام مع واشنطن من شأنه أن يعزز دور الكرملين في الشرق الأوسط.

"ربما اعتقدت الحكومة الروسية أنه عندما دمر داعش، انتهت الحرب، وأنها ستنهي العنف وتوفر الوسائل لحل سياسي" قال (بوريس ف. دولغوف)، خبير الشرق الأوسط في أكاديمية العلوم الروسية، للصحيفة، مضيفاً "الواقع ليس كذلك"

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات