أورينت تفتح ملف المواليد السوريين في لبنان.. هذه أبرز العقبات والحلول

أورينت تفتح ملف المواليد السوريين في لبنان.. هذه أبرز العقبات والحلول
تشكل الأزمة السورية تحدياً كبيراً على مستوى الجنسية للأطفال المولودين في دول اللجوء، وقد تؤدي الى تزايد أعداد الأشخاص المهددين بانعدام الجنسية عالمياً مع استمرار وتفاقم الأزمة. 

ووفق تقرير أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، أن 70 في المئة من الأطفال السوريين المولودين في لبنان لا يحملون وثائق ولادة. حيث يقدر عدد الولادات الحاصلة في لبنان للاجئين السوريين والمسجلة لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منذ 2011 لغاية 2018 بحوالي 130 ألفًا، في حين تشير أرقام الحكومة اللبنانية الى أن هناك 260 ألف ولادة سورية في لبنان وليس لديهم جنسية أي دولة، وهم غير مسجلين في سوريا أو لبنان وليس لديهم جنسية أي دولة. ويواجه هؤلاء الأطفال الذين لا يحوزون وثيقة ولادة خطر التعرض لانعدام الجنسية، إذ إنه سيكون من الصعب عليهم إثبات مكان ولادتهم وهوية أهلهم وتالياً تابعيتهم السورية في ما بعد، ما لم تُعتمد إجراءات استثنائية خاصة من قبل الدولة اللبنانية والسورية بهذا الصدد.

خطوات التسجيل سهلة نظرياً

 

ووفق القوانين اللبنانية تتضمن إجراءات تسجيل الولادة إدارياً للأجانب ثلاث مراحل:

أولاً: الحصول على شهادة ولادة من الطبيب المولّد مصادق عليها من المستشفى حيث تمت الولادة أو من القابلة القانونية التي قامت بالولادة.

ثانياً: تنظيم وثيقة الولادة ومصادقتها لدى المختار الذي يتبع له مكان حصول الولادة.

وثالثاً: التصريح بالولادة لدوائر الأحوال الشخصية المختصة حسب المحافظة حيث تمت الولادة. ولا بد من الإشارة هنا الى أن "تسجيل الولادة" بالنسبة للأجانب المولودين في لبنان هي عملية تسجيل واقعة الولادة وليست عملية قيد، نظراً لكون السلطات اللبنانية لا تمسك سجلات وقيود أحوال شخصية للأجانب.

وبالرغم من أن شروط التسجيل قد تبدو واضحة وسهلة نظرياً، إلا أن الواقع مختلف تماماً حيث تواجه هذه الخطوات بالنسبة للاجئين السوريين عوائق عملية وإدارية قد تؤدي الى عدم تسجيل الولادات وبالتبعية الى خطر إنعدام الجنسية، في وقت تتقاعس الدولة اللبنانية عن بلورة سياسة واضحة أو آلية استثنائية خاصة بهذا الوضع المستجد، عدا بعض الإجراءات المؤقتة والمرحلية التي تم إيجادها.

عوائق عديدة تواجه تسجيل الولادات في لبنان

أولاً: تشترط جميع مراحل تسجيل الولادات في لبنان إبراز وثائق ثبوتية للأهل، وهو ما يشكل عائقاً هاماً أمام العديد من اللاجئين السوريين الذين اضطروا للجوء الى لبنان دون أوراقهم الثبوتية بسبب الحرب في سوريا، وهذا ما يسبب عدم تسجيل 40% من ولادات الأطفال السوريين في لبنان لعدم حيازة الأهل المستندات الثبوتية المطلوبة.

ثانياً: تكمن الإشكالية الأكبر باشتراط الإقامة الصالحة للأهل في لبنان من أجل التمكن من تسجيل ولادات أطفالهم. فلا تزال الإدارة اللبنانية تربط تسجيل المولود من أب أجنبي بشرعية إقامة هذا الأخير ولم تقم بأي استثناء بالنسبة للاجئين السوريين، حيث تشدد تعاميم وزارة الداخلية على وجوب إبراز إقامة صالحة في لبنان أو قسيمة دخول صالحة الى لبنان. ومن شأن ذلك أن يحوّل المولود الى ضحية في حال عدم تمتع الأهل بوضع قانوني في البلاد. ويضاف الى ذلك الحالات التي لا يمكن فيها تسجيل ولادات الأطفال السوريين بسبب غياب أحد الوالدين دون توافر مستنداته الثبوتية أو بسبب انفصال الأولاد عن عائلتهم بسبب ظروف الأزمة السورية.

ثالثاً: عدم الحصول على شهادة ولادة من طبيب أو قابلة قانونية، تتم بعض الولادة في المنزل من دون أي معونة طبية، وذلك لأسباب شتى، منها بُعد أماكن تركز اللاجئين عن المستشفيات ومراكز التوليد من جهة وعدم توافر القدرة المادية لدفع بدلات أتعاب الأطباء والقابلات القانونيات من جهة أخرى. والولادة بهذا الشكل تؤدي الى عدم حصول المولود على شهادة ولادة مصادق عليها من الطبيب أو من القابلة القانونية. ويضاف الى ذلك أنه في بعض الحالات، قد يمتنع المستشفى عن إصدار شهادة الولادة إذا لم يسدّد الأهل كامل رسوم المستشفى، وفي حال عدم وجود شهادة ولادة لدى المولود السوري، قد يتعذر تنظيم وثيقة الولادة ومصادقتها من قبل المختار.

إضافة إلى كل هذا، تضاف فئة الأطفال السوريين المولودين في سورية والذين اضطر أهلهم الى الهرب قبل إتمام معاملات تسجيلهم مع السلطات المعنية في سورية. وفي هذه الحال، ليس هناك أي التزام من جانب الدولة اللبنانية بتسجيل هذه الولادات، إذ إن مسؤولية الدولة تنحصر بتسجيل وقوعات الأحوال الشخصية الحاصلة على أرضها للأجانب. إلا أن هذه الفئة أيضاً تواجه خطر الوقوع في انعدام الجنسية في حال تعذر إتمام معاملات قيدها لاحقاً في سورية.

خطة جديدة لتسجيل الأطفال السوريين.. وتشكيك بفعاليتها

وفي هذا الإطار أكد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ"أورينت نت" أن وزارته حصلت على موافقة مبدئية من قبل مجلس الوزراء اللبناني، لتسجيل الأطفال السوريين الذين ولدوا على الأراضي اللبنانية منذ عام 2011.

وأكد أن وزارة الدولة اللبنانية لشؤون النازحين ستبدأ بتسجيل جميع هذه الولادات وأنه قد طلب من وزارة الداخلية والبلديات إصدار التعاميم لتسجل أطفال اللاجئين السوريين المولودين في لبنان منذ 1 كانون الثاني 2011 وحتى الأعوام التي تليها، مشيراً إلى أنه وبحسب القرار لم يعد اللاجئون السوريون بحاجة إلى قرار قضائي لتسجيل مواليدهم الذي بلغوا السنة من عمرهم.

وختم المرعبي: "نعمل على تشجيع اللاجئين على تسجيل ولاداتهم، ونعمل على تذليل بعض المشاكل عبر التعاون مع وزارة الداخلية لإيجاد حلول قانونية لتسهيل تسجيلهم، وضمن السياسة العامة للحكومة والسياسة العامة للتعاطي مع النزوح السوري للبنان".

إلا أنه في المقابل شكك مصدر في وزارة الداخلية بقدرة الوزارة حالياً على البدء بتسجيل الولادات نظراً لدخول لبنان بالمرحلة الحاسمة لإجراء الإنتخابات النيابية وإنصراف معظم دوائر الوزارة الى الإهتمام بالعمليات اللوجستية للإنتخابات المقبلة في 6 أيار، والتي سيليها تشكيل حكومة جديدة وربما تغيير في الوزراء وبالتالي يكون هذا القرار حبراً على ورق. 

لبنان يلتف على القوانين الدولية عبر اعتبار اللاجئين نازحين

من جانبه أشار مستشار وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان المحامي فاروق المغربي لـ"أورينت نت"، أن عدم تسجيل ولادات اللاجئيين السوريين في لبنان يتعارض مع جوهر القوانين الدولية لحقوق الإنسان وما تسببه من مأساة قادمة بحق مئآت الألاف من حديثي الولادة، مشيراً الى أن لبنان يتهرب من بعض مسؤولياته باعتباره السوريين في لبنان "نازحين" وليس "لاجئين" وهو لم يوقع على الاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين ما يجنبه عواقب قانونية متعلقة بالقوانين الدولية.

واستدرك قائلاً إنه بالرغم من عدم وجود نصوص ملزمة للبنان بتسجيل الولادت ولاسيما تلك التي تجاوزت مدتها السنة من تاريخ الميلاد، إلا أن الحكومة اللبنانية تسعى لمعالجة هذه الأزمة إنسانياً، والوزارات المختصة تحاول تشجيع جميع السوريين تنفيذ الشروط السليمة للإقامة وتسجيل أطفالهم المولودين حديثاً، وخاصة الأشخاص الذين يتجنبون التواصل المباشر مع سفارة النظام السوري في لبنان خوفاً على أمنهم وحريتهم.

وأثنى المغربي على قرار وزير التربية اللبناني مروان حمادة بالسماح بالاطفال "مكتومي القيد" التسجل في المدارس واعتبار مراحل دراستهم شرعية ويحصلون على الوثائق الرسمية لدراستهم في مختلف المراحل المدرسية.

عدم تسجيل الولادات قرار ممنهج للتغيير الديموغرافي بسوريا

وفي السياق نفسه يقول مدير المركز اللبناني للدراسات والأبحاث حسان القطب لـ"اورينت نت" أنه "مع بداية النزوح السوري الى لبنان نزح الكثير من السوريين الى لبنان عبر المعابر الشرعية وعبر معابر غير شرعية. فكانت الدوائر الرسمية اللبنانية المعنية بتسجيل الولادات او لا تقوم بتسجيل حالة الولادة الا اذا كان دخول الوالدين بطريقة شرعية فقط،ونتج عن هذه الحالة الاف من حالات الولادة غير المسجلة اصولاً وبالتالي يكون هؤلاء المواليد دون قيود رسمية او (مكتومي القيد) كما يقال في لبنان ومع تزايد اعدادهم تغيرت طريقة المعاملة فأصبح وبحسب التوجيهات الرسمية  يتم إصدار وثيقة ولادة سواء كان الدخول إلى لبنان شرعياً أم غير شرعي". 

ولفت الى أن هذا الامر يتم بطريقة مذاجية وغير منهجية فهو انما ينفذ بحسب خبرة المختار وحنكته وفهمه لبعض القرارات الادارية الصادرة عن الأمن العام اللبناني وبالتالي من الممكن ان يكون هناك حالات ولادة لم يتم تسجيلها حتى بعد تطبيق هذا النهج الاداري نتيجة التعامل الامني مع ملف النازحين السوريين.

وعن المشكلة الناتجة عن عدم تسجيل ولادات السوريين في لبنان قال "ان من لا يحمل وثيقة ولادة وبعضهم قد اصبح عمره سنوات، لا يستطيع مغادرة الاراضي اللبنانية مع والدية او مع عائلته لانه لا يملك وثيقة سفر او هوية تثبت انه سوري الجنسية او مولود لابوين سوريين، كما انه لا يستطيع ان يبقى في لبنان لانه لا يحمل هوية لبنانية او سورية".

معتبراً أن السلطة اللبنانية الرسمية والامنية منها أسست بسوء تعاطيها مع ملف النازحين السوريين ازمة مستقبلية اسمها "مكتومي القيد"، فلا لبنان قادر على استيعاب لاجئين، ولا النظام السوري الحالي الذي ما زال ممسكاً بالمعابر الحدودية بمساعدة ميليشيات لبنانية واقليمية سوف يقبل بعودتهم الى سوريا لان جهد هذه القوى هو تهجير السكان وارساء تغيير ديموغرافي في سوريا واختلاق ازمات سكانية ومعيشية وانسانية تبرر استمرار هذا النظام وبقاء الميليشيات الداعمة له ووضع العبء على كاهل الدول المضيفة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات