مجلة أمريكية تتحدث عن استراتيجية واشنطن في سوريا

مجلة أمريكية تتحدث عن استراتيجية واشنطن في سوريا
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية مقالاً عن خطط إدارة ترامب بالنسبة لسوريا على ضوء الخطاب الأخير لوزير خارجيته (ريكس تيلرسون) الذي قدم فيه رؤية إدارته للحل في سوريا دون أن يبين الخطوات التي ستتخذها الإدارة لتطبيق هذه الخطط.

خطة تيلرسون تعكس رؤية أوباما في سوريا 

على الرغم من أهمية إعلان (تيلرسون) عن تواجد عسكري دائم للقوات الأمريكية لأجل غير محدود في سوريا، وما يعنيه ذلك من عواقب غير متوقعة للدور الأمريكي في الشرق الأوسط المضطرب والخطير، إلا أنه حظي بانتباه عدد قليل جداً من الناس بسبب حالة البلبلة الداخلية الحاصلة في إدارة ترامب. 

حدد تيلرسون في خطابه، 17 كانون الثاني الماضي، خمسة أهداف، وصفتها بوليتيكو بالمضحكة، لإدارته في سوريا وهي بحسب المجلة الأمريكية:

 (1) الهزيمة الدائمة لتنظيمي "داعش والقاعدة" وأي تهديد إرهابي للولايات المتحدة في الداخل أو في الخارج.

(2) حل النزاع في سوريا من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة تضمن خروج بشار الأسد. 

(3) تقلص النفوذ الإيراني.

(4) العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا.

(5) سوريا خالية من أسلحة الدمار الشامل.

 بشكل عام، تعكس هذه الأهداف السياسة العامة التي رسمتها إدارة (أوباما) لسوريا، وبالنسبة للعديد من المسؤولين السابقين في إدارة (أوباما)، يشكل تعاملهم مع الملف السوري، حكاية مأساة وإحباط، قصة من الفرص الضائعة، والصفقات التي لم تتم، والكوارث التي لم يتم تجنبها، ولكن هل يمكن أن يؤدي نهج (ترامب) إلى نتائج مختلفة؟ تسال "بوليتيكو". 

أوضح (تيلرسون) أنه حتى مع اقتراب هزيمة تنظيم "داعش" فالولايات المتحدة "ستحافظ على تواجد عسكري في سوريا"، ومن ضمن التعليقات التي خرجت من بعض مراقبي الشرق الأوسط، قال أحدهم "من المهم بالنسبة للولايات المتحدة أن تبقى مشاركة في سوريا. الانسحاب الكامل للعناصر الأمريكية في هذا الوقت سيعيد الأسد الذي سيتسمر بتعامله الوحشي مع شعبه."

ينبغي الإشادة بإدارة (ترامب) لإضفاء الوضوح على قضية ذات أهمية استراتيجية كبيرة، ومما يبعث على الأمل أن تكون أولويات السياسة الأمريكية واضحة بشكل عام، ومن المطمئن أن الإدارة الأمريكية قد تغلبت على خلافاتها الداخلية، هذه كلها أخبار سارة.

الأخبار السيئة هي أن الأهداف التي حددها (تيلرسون) هي ببساطة مجرد: أهداف. وغير واقعية إلى حد كبير، وكما كان عليه الحال مع (أوباما) الذي أعلن في عام 2011 أن على الأسد أن يرحل - مع ذلك رفض كل هذه الدعوات - لا يوجد أي مؤشر على أن فريق (ترامب) قد طور أو بدأ بتنفيذ استراتيجية لتحقيق أهدافه الكبرى، كما أنه لا يعتزم تطوير الموارد اللازمة لإنجازها.

فشل الرهان على قسد

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مكافحة الإرهاب ستكون دائما الأولوية، وتمثل الهزائم الفعالة التي لحقت بتنظيم "داعش" إنجازا كبيرا، تماما كما كانت الحملة الجوية الروسية حاسمة لإنقاذ نظام الأسد، كانت الحملة الجوية الأمريكية حاسمة في ردع "داعش". 

بل أكثر من ذلك، كان الجيش الأمريكي منذ أيلول / سبتمبر 2014 يدعم مجموعة على الأرض تعرف الآن باسم "قوات سوريا الديمقراطية / قسد" والتي يسيطر عليها الأكراد بالأعداد والقيادات والتي، بحسب "بوليتيكو"، تمتلك أكثر من 50 ألف مقاتل، وتسيطر الآن على 25% من الأراضي السورية الغنية بالنفط والزراعة. 

ويرى المسؤولون الأمريكيون أن تدريب وتسليح "قسد" من شأنه إرساء الاستقرار في المنطقة، ومن خلال الاستقرار، تضمن الولايات المتحدة عدم عودة "داعش".  

تحقيق أهداف الولايات المتحدة من خلال دعم "قسد" يعني الاستمرار بإزعاج كل اللاعبين المتواجدين في سوريا تقريباً. مما يسبب مشكلة أساسية هنا، فتركيا تعتبر "وحدات حماية الشعب -  YPG" المكون الأكبر في "قسد" تابع لحزب العمال الكردستاني، والذي يشكل تهديد أمني وجودي على أمنها القومي. كما تم، في مطلع هذا العام، تسمية الوحدات الكردية من قبل "وكالة الاستخبارات المركزية – CIA" على أنها الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاما. 

هذا الإحباط التركي المفهوم، قد تتوج على شكل تدخلين متتاليين في شمال سوريا، كلاهما مثل تحديا جوهريا لاستمرار الاستراتيجية الأمريكية في شمال شرق البلاد، وتسبب في اندلاع أزمة بين الحليفين منذ فترة طويلة، اليوم، تشارك "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة في حرب شاملة مع عضو في تحالف "الناتو".

في هذه الأثناء، تزدهر في شمال غرب سوريا مجموعات القاعدة والجماعات المماثلة لها، والتي وفقا لتقديرات "بوليتيكو" الأخيرة قد يصل عدد أعضائها لأكثر من 15,000 شخص، يتواجدون في الجانب الآخر من البلاد بعيداً كل البعد عن القوات الأمريكية في الشرق.

حسب (تيلرسون) فإن الولايات المتحدة تسعى إلى هزيمة هذا التهديد، ولكن الإدارة الحالية ليس لديها الرؤية الاستراتيجية أو الوسائل للقيام بذلك، في الواقع، فإن قرار فريق (ترامب) والذي صدر في منتصف عام 2017 بوقف كل الدعم عن مجموعات المعارضة المعتدلة، أدى بالجهاديين لاستغلال هذا الضعف الناتج عبر التوسع، وبخلاف تقديم بيانات بلاغية واسعة، لم تظهر الإدارة ميلا إلى مواجهة القاعدة بشكل مجد في شمال غرب سوريا.

السقف المحدود لتواجد القوات الأميركية

تطرقت أهداف (تيلرسون) الأربعة الأخرى للحديث عن واقع النزاع السوري الممتد قرابة 7 سنوات، واعترف وزير الخارجية، وهذه نقطة تحسب له، أنه طالما بقي الأسد في السلطة فان سوريا ستبقى بيئة غير مستقر ذات آثار مقلقة وخطيرة.  

ومع ذلك، فإن قوله بأن سحب القوات الأميركية البالغ عددها 1,500 جندي من الشمال الشرقي لسوريا من شأنه أن "يعيد الأسد" يعني ضمنا أن الوجود الصغير الأمريكي المناهض لداعش يهدد بقاء النظام السوري. 

وهذا ليس صحيحاً، بل أن الأسد لم يكن أكثر أماناً في دمشق منذ بداية الصراع، فكيف لـ 1500 جندي أمريكي في المناطق الريفية الشمالية الشرقية أن "يقلل التأثير الإيراني" هذا يتطلب قدر أكبر من الخيال، بحسب تعبير "بوليتيكو".

تبدو إدارة (ترامب) على قدر عال من الاهتمام بالمشكلة الإيرانية، وكذلك حلفاء أمريكا في المنطقة، الأردن وإسرائيل.

 في سوريا، يمكن القول إن إيران هي الجهة الفاعلة الأكثر تأثيرا من جميع الأطراف، وتمارس قبضة حديدية على مستقبل البلاد بفضل قوة ميليشيا قوامها 150 ألفا تخضع لسيطرتها وليس لسيطرة النظام في دمشق.

 كما تسيطر إيران على القواعد العسكرية السورية وتدير العديد من مصانع الصواريخ الباليستية، واستثماراتها الاجتماعية والاقتصادية مكنتها من خلق تأثير لا رجعة فيه، وتتبع إيران نفس الأسلوب الذي اتبعته أصلا في لبنان، والذي تمضي قدماً به في العراق، ولن تتخلى عن طيب خاطر عن قدرتها الجديدة وعن السلطة في سوريا. 

بالإضافة إلى أن التهديد الموجه لإسرائيل قد يكون هو الأكبر من نوعه الذي تواجهه منذ عقود، وهكذا، في حين أن اهتمام العالم يرتكز على استمرار القتال في الشمال الغربي أو على مستقبل الأكراد في الشمال الشرقي، فإن أخطر منطقة في سوريا على المدى الطويل قد تكون في جنوب غرب البلاد، حيث يهدد وجود إيران وحزب الله باندلاع حرب واسعة النطاق مع إسرائيل.

 لعبت الولايات المتحدة دورا رئيسيا في التفاوض على صفقة مناطق خفض التصعيد على طول الحدود الإسرائيلية، والتي كان يمكن أن تذهب بأبعد من ذلك للتقليل من التهديدات الأمنية على الشريط الحدودي، إلا أن الشروط التي وضعتها روسيا كانت بعيدة كل البعد عن الفعالية المطلوبة والتي يبدو أنها بدأت بالتآكل.

ربط الأقوال بالأفعال

دائماً ما هدد النظام بشعار "الأسد أو نحرق البلاد"، ولم يفشل أبدا في تحقيق شعاره هذا، من ناحية أخرى، أعلنت الولايات المتحدة عن ضرورة الإطاحة بالأسد منذ ما يقرب من سبع سنوات، لكنها لم تسع أبدا إلى تحقيق ذلك، إن الاستمرار في إعلان الأهداف الكبرى دون نشر الوسائل الضرورية لتحقيقها لن يؤدي إلا إلى زيادة تآكل مصداقية الولايات المتحدة. 

وإذا كان حجر الأساس في النفوذ الأمريكي هي "قسد" في الشمال الشرقي من سوريا والتي أدت إلى اندلاع حرب مع حليف "الناتو"، فنحن بحاجة إلى طرح أسئلة جادة حول طريقنا إلى الأمام. 

وبعد أن تخرج إيران من الصراع الحالي بقدرات جديدة لمواجهة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، هذا يعني، بحسب "بوليتيكو"، أنه آن الأوان لإعادة تقييم أولويات الاستراتيجية الأمريكية السورية، أو أن نسأل عما إذا كانت الولايات المتحدة لديها أي استراتيجية على الإطلاق. 

للاضطلاع على المادة باللغة الإنجليزيةاضغط هنا

التعليقات (2)

    حسن

    ·منذ 6 سنوات شهرين
    انا استغرب جدا لكاتب المقال..واتسائل..لماذا لا تحاكم امريكا الظالم..طبعا لانه قدم اكبر هدية..لمشروع الارهاب الدولي..ارى ان الكثير من المقالات في قناتكم الموقرة تتناغم مع المصالح التركية في تشويه الحقائق..ولا نختلف او نجد عجبا ان تبيعنا الدول لبعضها اما ان يبيع السوريون بعضهم للدول ..فهذه بحق نهاية سورية..ولن تفيدنا الحلول..هناك فقط حلان اما نظام ديكتاتوري...او حل فيدرالي..يحفظ حقوق الكل ضمن ارض سورية واحدة

    نتمنى ذلك

    ·منذ 6 سنوات شهرين
    هذه الأهداف لو صحت فأنها تتطابق مع أهداف الثورة وتعطي الأمن والأطمئنان لشعب السوري بأن لايتم التأمر عليه من خلال تحالفات النظام مع الأقليات والروس والأيرانين ومن هم طامعين بأرض سوريا الحبيبة , لذا طالما وجدت هذه الأهداف فأن الشعب السوري وجيشه الحر الوحدة والتكاتف لبناء قوة ضاربة تفرض مطالب الثورة بالقوة
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات