ولكن وخلال الأسبوع الأخير على نحو خاص ارتفعت في تركيا الأصوات التي تطالب حكومة العدالة والتنمية بإعادة الثقة المتبادلة مع نظام الأسد، وعدم الإصرار على رحيله. من هي تلك الأصوات التي طالبت الحكومة بإعادة إرساء العلاقات مع الأسد؟ وما هي دوافعها؟ وهل تقبل الحكومة التركية بمثل هذا الأمر وتُخاطر بثقة شعبها بها، ولا سيّما أنّها هي التي أصرت إصرارا تامّا على رحيل الأسد منذ ما يزيد عن سبعة أعوام؟
كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري وخلال الجلسة الاستثنائية لحزبه، دعا الحكومة التركية إلى التواصل المباشر مع حكومة دمشق، قائلا: "نقولها بصراحة ونوجّه نداء إلى الحكومة وندعوها إلى التواصل المباشر مع (حكومة سوريا)، إن كنا نريد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإيقاف الدم المسال فعلينا مباشرة أن نقيم علاقات مع (دولة وحكومة سوريا).
الكاتب والإعلامي التركي "أوغور دوندار" من صحيفة سوزجو المعارضة أيضا، أجرى لقاء مع السفير التركي المتقاعد "شكرو إيليكداغ" تناولا خلاله الأبعاد الدبلوماسية والسياسية والعسكرية لعملية غصن الزيتون .
وأشار إيليكداغ إلى أنّ روسيا تهدف من خلال تعاونها مع تركيا في عملية غصن الزيتون إلى تقليص نطاق أمريكا في المنطقة، وإبعاد أنقرة عن شيئا فشيئا عن حلف الشمال الأطلسي.
وأضاف إيليكداغ في الإطار ذاته: "طالبت الوحدات الكردية -التي حُصرت في عفرين- نظامَ الأسد بإرسال عناصر لحماية الحدود، وعند عدم تلقيها ردا إيجابيا دعت تلك الوحدات النظامَ إلى استلام الإدارة في عفرين، وعلى أساسه بدأت المفاوضات بين الطرفين برقابة روسية، ولذلك من الضروري أن تعيد تركيا الثقة المتبادلة مع نظام دمشق الذي فقد ثقته بأنقرة نتيجة الاتهامات المستمرة له من قبل حكومة العدالة والتنمية التي لا تفتأ تصفه بالإرهابي، على "العدالة والتنمية" ألا تخاف من الانتقادات التي قد توجّه لها في حال إعادته الثقة مع نظام الأسد، وذلك لكون العدول عن الخطا مهما بلغ أمرا صائبا بحدّ ذاته".
فاروق أكسوي من صحيفة يني شفق المؤيدة رأى أنّ الروس متحمسون أكثر من الأمريكان لمعرفة عاقبة منبج، وذلك لكون موسكو بحسب الكاتب ستُدرك حقيقة ما تفكر به واشنطن حيال أنقرة وفق تطورات وسير الأحداث في منبج.
وأردف الكاتب: "على تركيا أن تكون حذرة في منبج، ويجب أن تسأل مخاطَبيها صراحة عن كل ما يقضّ مضجعها، وعليه يجب أن تحدد أنقرة موقفها الجديد، وأن تعيد النظر في لون خطوطها الحمر مرة أخرى، على سبيل المثال الأسد، فالجميع أدرك من خلال المشاهد التي رأيناها في أثناء زيارة بوتن إلى القاعدة الروسية في سوريا أنّ الأسد ليس برئيس دولة، بل ولا يصلح أن يكون واليا حتى، ولذلك على تركيا -وبعد رؤيتها لتلك المشاهد-ألا تصر على رحيل الأسد، فرحيل الأسد وبقاؤه لن يشكلا شيئا، المطالبة برحيل الأسد تعني مطالبة روسيا بالانسحاب من سوريا، وروسيا لا يمكنها أن تقبل بذلك".
ففي ظل ارتفاع هذه الأصوات، هل يمكن لتركيا أن تنصاع لمثل هذا المطلب؟ المحلل السياسي التركي "بكير أتاجان" أوضح في حديث لأورينت نت أنّه من المحال أن تستجيب تركيا لمثل هذا المطلب.
ونوّه أتاجان إلى أنّ السبب الرئيس الذي يمنع الحكومة التركية -أيا كانت الشروط- من إعادة العلاقات المتبادلة مع نظام الأسد يعود لكون الأسد ارتكب مجازر إنسانية مروّعة بحق الأطفال والنساء والمدنيين، وهجّر الملايين من شعبه، وإعادة العلاقات معه ستعني بشكل أو بآخر مشاركته في الجرائم التي ارتكبها.
وختم أتاجان حديثه: "عندما يجمع العالم بأسره على إن هذا الشخص عدو الإنسانية، وتأتي انت لتقف جنبا إلى جنب معه، سواء أكانت تركيا أم دولة أخرى فهذا يعني أنّ هذه الدولة شريك للأسد في جرائمه، وإن وافقت تركيا على هذا الأمر فهذا يعني أنها المسؤولة عن الجرائم التي حدثت في سوريا، ولذلك على الحكومة ألا تقبل بهذا الأمر على الإطلاق".
التعليقات (4)