مقتل "جنرال الضباب" في سوريا يسلط الضوء على مهام روسيا السرية

قالت وكالة رويترز في تقرير لها، إن مقتل ضابط روسي في سوريا عام 2017، كشف عن تورط روسيا في التدخل المباشر إلى جانب حلفائها في سوريا وأوكرانيا بمهام سرية غير معلنة، رغم نفيها المتكرر في هذا التورط.

ويتناول تقرير "رويترز" المهام التي أوكلت للضابط الروسي (فاليري أسابوف) في كل من سوريا وأوكرانيا، قبل أن تعلن وزارة الدفاع الروسية عن مقتله أواخر أيلول عام 2017 في منطقة قريبة من مدينة دير الزور، بعد تعرضه لقصف بقذائف مورتر من قبل تنظيم الدولة "داعش".

وكشف التقرير، أنه عندما قتل (أسابوف) أثناء مهمة رسمية لعامين في سوريا، اتضح أن اسمه كان زائفا للتمويه على دور روسيا الرئيسي في صراع تصر موسكو والمتمردون أنه أمر يخص أوكرانيا وحدها.

وأشارت الوكالة إلى أنه في خريف 2015 تم تقديم مجموعة من الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا لقائد جديد يستخدم الاسم الحركي (تومان) وهي كلمة روسية معناها "ضباب، وكان يوقع على الوثائق باسم (الجنرال بريماكوف)، لكنه "في حقيقة الأمر كان (فاليري أسابوف) جنرالا روسيا يعمل سرا.

وقد نفى الكرملين مرارا تقديم دعم عسكري للانفصاليين الذين رفضوا قيادة جديدة موالية للغرب في كييف في العام 2014 وأقاموا دولتين في شرق أوكرانيا، حيث يعتبر كثيرون أنفسهم من الروس.

وبحسب التقرير، فإن خمسة متمردين قالوا في لقاءات منفصلة، إن (أسابوف) كان قائدا للقوات المسلحة في واحدة من الدولتين وهي جمهورية (دنيتسك الشعبية)، وقال اثنان على وجه التحديد، إنه كان يرأس الفرقة المسلحة الرئيسية للمتمردين وهي فيلق الجيش الأول، كما أكد شقيقه الأصغر (فياتشيسلاف) أن شقيقه كان في أوكرانيا، وأنهم ينحدرون من منطقة كيروف على بعد 800 كيلومتر شرقي موسكو.

كذلك، كشف ثلاثة من المتمردين، أن (أسابوف) ليس هو الجنرال الأول الذي يعار لكي يتولى قيادتهم، وأن الروس مستمرون في التناوب على قيادة جيش المتمردين، مطالبين عدم نشر أسمائهم لأنهم لا يريدون أن يفتضح أمرهم ويُعرف أنهم أفشوا أسرارا.

وتؤكدر رويترز، أن حكاية (أسابوف) تبيّن من جديد، أن الدور الروسي في حربي أوكرانيا وسوريا أعمق مما تعترف به موسكو، كما يوضح الأساليب السرية في استراتيجية "الحرب الهجين" التي تبرز من خلالها روسيا القوة عن طريق دس أفراد يعملون سرا في قيادة القوات المحلية، دون أن تخاطر علنا بإرسال أعداد كبيرة من القوات إلى أرض المعركة، كما تعرّف "الحرب الهجينة" بأنها "الاستخدام المتزامن والمتقن، لمزيج من الأسلحة التقليدية والتكتيكات غير النظامية، والإرهاب، والتصرف الإجرامي في ساحة المعركة من أجل تحقيق أهداف محددة ".

ونفى (فلاديمير بوتين) نفسه نشر قوات روسية في أوكرانيا لا في بداية التمرد في شرق تلك الجمهورية السوفيتية السابقة، ولا أي وقت منذ ذلك الحين، كما نفى عبور أي من قواته الحدود الأوكرانية، عندا وسئل عن حالات عسكريين من الروس تم القبض عليهم في أوكرانيا.

وكانت الحكومة الأوكرانية قد فرضت عقوبات على أكثر من ألف مواطن روسي وأوكراني من بينهم ضباط عسكريون روس منهم اسم (أسابوف) في عام 2016، حيث وصفته المخابرات الأوكرانية بأنه "مجرم حرب" لمنصبه الرفيع في قوات الانفصاليين.

ومن المعلموات التي كشفها تقرير رويترز، أن (بوتين) منح (أسابوف) رتبة "لفتنانت جنرال" قرب نهاية مهمته الرسمية في مدينة (روستوف أون دون) الروسية في صيف 2016، والتي تبعد 60 كيلومترا عن الحدود الأوكرانية وذلك وفق مرسوم منشور على الإنترنت.

ويقول التقرير، إنه ورغم أن الدور الروسي في سوريا معلن فإن "عمق هذا الدور مستتر" فمن الناحية الرسمية تنفذ روسيا غارات جوية لمساندة نظام الأسد ولها وجود محدود من القوات الخاصة والمستشارين العسكريين على الأرض.

ووفقا للإعلان الرسمي من وزارة الدفاع عن مقتله، فقد كان الدور الرسمي لـ (أسابوف) في سوريا هو كبير المستشارين العسكريين، وقد قال رئيس هيئة أركان الجيش الروسي (فاليري جيراسيموف) إنه كان قائد الفيلق الخامس للقوات الهجومية من "المتطوعين في سوريا"، وقد استحدث نظام الأسد هذا الميليشيا نهاية 2016، كـ "قوة جديدة" بهدف "إنهاء الهجمات على دمشق لكن لم يسمع عنه منذ ذلك الحين".

وتقول رويترز، إن "الأهمية العسكرية لمثل هذه الوحدات من المتطوعين سواء في أوكرانيا أو سوريا لم تتضح"، في حين قال ضابط كبير في أوكرانيا، إن "أسابوف ركز فيما يبدو على التدريب، وكان معظم القتال العنيف قد انتهى عندما وصل عام 2015".

وتشير الوكالة في تقريرها، إلى أن (أسابوف) دفن في 27 سبتمبر أيلول الماضي في المقبرة العسكرية الاتحادية التذكارية خارج موسكو وأقيمت له جنازة عسكرية كاملة، وبعد بضعة أيام كان علمان صغيران من أعلام الانفصاليين الموالين لروسيا (أوكرانيين) يرفرفان فوق قبره.