نيويورك تايمز تكشف معلومات عن عناصر داعش في سجون "قسد"

نيويورك تايمز تكشف معلومات عن عناصر داعش في سجون "قسد"
تناولت صحيفة "النيويورك تايمز" في تقرير لها مصير معتقلي تنظيم "داعش" في معسكرات الاعتقال التي تقيمها ميليشيا "قسد" في شمال شرق سوريا. 

المعضلة القانونية

لم تتخذ إدارة ترامب على الرغم من مخاوفها، أي إجراء تجاه مقاتلي التنظيم المحتجزين والذين أتوا من أكثر من 30 دولة حيث تم أسرهم أو استسلموا بعد انهيار الرقة، عاصمة التنظيم العام الماضي. 

وعلى عكس المحتجزين المشتبه بانتمائهم إلى "داعش" في العراق (تحديداً في الموصل والمناطق المحيطة بها) يتعرض المحتجزون في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" إلى معضلة قانونية ويواجهون مصيرا غير معروف، حيث تخضع السلطات في "قسد" المقاتلين لنظام فضائي خاص بها، مع أنها لا تزال جزءاً من سوريا. كما أن المناطق المسيطر عليها كردياً لم يتم الاعتراف بها دوليا. وقد أشارت بعض الدول كروسيا إلى أنها ستستقبل المقاتلين الذين يحملون جنسيتها، إلا أن العديد من الدول الأخرى ترفض ذلك.

ويمثّل معتقلو "داعش" مشكلة من عدة مشاكل تواجه الولايات المتحدة مع شركائها الأكراد، فعلى الرغم من أن القوات الأمريكية التي حاربت إلى جانب الميليشيات التي يقودها الأكراد في المعركة ضد التنظيم شمال سوريا، لم تظهر أي نية للتراجع عن دعمها؛ إلا أن واشنطن تحاول الحد من التوترات المتصاعدة في سوريا بين الميليشيات الكردية وتركيا، الدولة الحليف "للناتو" والتي تعتبر أن الأكراد يشكلون تهديدا إرهابياً لأمنها القومي. 

زيادة التطرف في فترات الاعتقال 

ونصحت القوات الخاصة الأمريكية الميلشيات الكردية المعروفة بـ "قسد" بإنشاء سجلات لحوالي 200 إلى 300 معتقل موزعين على ثلاثة معتقلات في الرقة، من خلال البصمات وإجراءات أخرى تعرف بالقياسات الحيوية. كما استجوبت القوات الأمريكية المعتقلين لكشف المزيد عن شبكات المقاتلين الأجانب والتهديد الذي يشكلوه على أوطانهم الأم.

ويرى العسكريون الأمريكيون الأمر بالتوازي مع حرب العراق، حيث تم اعتقال الميليشيات ضمن معسكرات اعتقال بما فيها (أبو بكر البغدادي) زعيم تنظيم "داعش" الحالي في معسكر "بوكا" وهي منشأة احتجاز أمريكية على الحدود الكويتية تحولت إلى بيئة أكثر تطرفا.

"من الواضح أننا رأينا ما يحدث، عندما يكون لديك مجموعة من المقاتلين الإرهابيين المدربين تدريبا عاليا إذا ما بقوا محتجزين لفترة طويلة" يقول العقيد (ريان ديلون) الناطق باسم التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في بغداد (نيويورك تايمز).

وأضاف "نحن لا نريد أن نرى ذلك، وهذا الأمر يتم نقاشه في هذه الأثناء" وإذا كان الأمر على هذا النحو، تضيف الصحيفة، فإن كل الجهود الحالية تبدو جهوداً مؤقتة.

محاولة أمريكية للتخلص من عبء المعتقلين

أنشأت إدارة ترامب بهدوء فريق عمل مشترك بين وكالات الاستخبارات، بما في ذلك مسؤولين من وزارة الدفاع والعدل، لمساعدة الأكراد السوريين في التعامل مع هذا الأمر؛ إلا أنه يبدو أن المسؤولين الأمريكيين يريدون غسل أيديهم من هذه المشكلة المتفاقمة على الرغم من المخاطر الأمنية والإنسانية المحتملة.

"إن الأجانب الذين يحملون السلاح في العراق وسوريا ويتم القبض عليهم لاحقا في الميدان لا يسلمون بالضرورة إلى التحالف، كما أنه لا يوجد أي اشتراط لإرسالهم إلى قوات التحالف" رد التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في بغداد عبر البريد الإلكتروني للصحيفة. 

وأحال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض (مارك رايموندي) جميع الأسئلة التي وردت من (نيويورك تايمز) إلى وزارة الخارجية الأميركية. وعندما طلبت الصحيفة من وزارة الخارجية التعليق، ردت الوزارة عبر البريد الإلكتروني "نعمل حالياً على معالجة القضايا المتعلقة بمقاتلي داعش المحتجزين في بلدان أخرى. وهذا يشمل نقاشات تدور مع الشركاء الأجانب". 

الجانب الإنساني والقانوني

وتورد الصحيفة، أن المنظمات الإغاثية الدولية تسعى إلى الحصول على مزيد من المعلومات عن الأوضاع في معسكرات الاعتقال على المدى الطويل، ولا سيما الأرامل والأطفال المشتبه بهم على أنهم مقاتلون. 

وفي تصريح للمتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر (مارك كيلستين) في واشنطن، قال فيه، إن اللجنة "تشارك في سوريا بالنقشات الجارية فيما يتعلق بالوصول إلى المعتقلين" ولكنه رفض تقديم أي تفاصيل لتجنب تعريض العمل الحالي في المنطقة إلى الخطر.

من جانبها، أوضحت الصحافية الكردية (أرين شيخمس - 30 عاما) للصحيفة، أنها زارت ثلاثة معسكرات يحتجز فيها أسرى حرب عرب وأسيويين وأوروبيين، كما روت ما شاهدته من تسليم ما يصل إلى 100 شخص من النساء والأطفال إلى بلادهم بما في ذلك روسيا وإندونيسيا وكازاخستان. 

وبحسب أحد المسؤولين الأمريكيين، فإن معظم المشتبه بهم في أحد المعسكرات الكبيرة هم من حملة الجنسية التونسية.

كذلك، أخبر المحامي (خالد الإبراهيم) والذي يمثل هيئة الدفاع في محكمة الإرهاب في المناطق التي تسيطر عليها " قسد" الصحيفة عبر رسائل واتساب، أن السلطات الكردية والتي تسمى "محكمة الدفاع عن الشعب" تقدم العدالة إلى المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "داعش".

وأضاف أن "أي مدعى عليه يمكن أن يعين محاميا للترافع عن قضيته، كما أن الأحكام تأتي بعد تقديم الأدلة وانعقاد جلسات المحكمة عدا عن أنه ليس لدينا حكم بالإعدام في اتحاد شمال سوريا (مناطق سيطرة قسد) نحن لا نعذب أو نحصل على اعترافات بالقوة. سجوننا هي سجون إصلاحية" كما يقول.

جهود دولية لملاحقة المقاتلين الأجانب

يقول مسؤولون أمريكيون وغربيون، إن نحو 40 ألف مقاتل من أكثر من 120 دولة سقطوا في المعارك التي دارت في سوريا والعراق على مدى الأربع سنوات الماضية، وبينما قتل الآلاف منهم في ساحة المعركة، يعتقد أن آلافا آخرين تسللوا على الأرجح إلى دول تشهد نزاعات مثل ليبيا واليمن والفيليبين أو اختبؤوا في دول مثل تركيا، حيث يعتقد أن 295 أميركيا سافروا إلى العراق أو سوريا أو حاولوا ذلك.

وفي تصريح له للصحيفة، قال (جيل دو كيرتشوف) وهو مسؤول رفيع المستوى في مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوربي، إن 1500 أوربي عادوا إلى بلادهم من بين أكثر من 5 آلاف انضموا إلى هذه التنظيمات، بمن فيهم الكثير من النساء والأطفال، وأن معظم المتبقين قتلوا أو ما زالوا يحاربون. 

وكانت أجهزة الاستخبارات الأوروبية قد أنشأت إلى جانب "الإنتربول" قواعد بيانات جديدة كبيرة للمقاتلين الأجانب المشتبه فيهم. كما أنشأت وكالات الاستخبارات الأوروبية و"اليوروبول" مراكز لمكافحة الإرهاب في هولندا لتبادل المعلومات ووضع الاستراتيجيات. 

ووافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع الشهر الماضي على قرار يطالب جميع الدول بجمع بيانات لركاب شركات الطائرات والاحتفاظ بقوائم لمراقبة الإرهابيين، المعروفين والمشتبه بهم، بالإضافة إلى جمع القياسات الحيوية مثل بصمات الأصابع للمساعدة في اكتشاف المقاتلين الأجانب فيما إذا حاولوا ركوب الطائرات.

استمرار تهديد داعش

تعكف الطائرات الحربية الأمريكية والقوات البرية التي يقودها الأكراد في البحث عما يقارب من ألف مقاتل تابع لتنظيم الدولة، يختبئون على طول وادي نهر الفرات بالقرب من الحدود بين سوريا والعراق، حيث يعتقد مسؤولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون، أن (البغدادي) يختبئ على الأرجح في هذه المناطق الحدودية "السنية" المتاخمة للبلدين.

وحذر (ديفيد م. ساترفيل) وهو دبلوماسي بارز في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، خلال جلسة استماع له في مجلس الشيوخ هذا الشهر، أن عناصر تنظيم "داعش" ما زالوا يشكلون تهديدا أمنياً، حيث قال إن "الكثير من القادة والكوادر الأساسية تجنبوا الحرب" مشيراً إلى أنهم "يبقون على وجودهم وما يزالون متماسكين".

للاطلاع على التقرير باللغة الإنجليزية (اضغط هنا)

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات