مجلة أمريكية تكشف عن الدور الخفي للصين في سوريا

مجلة أمريكية تكشف عن الدور الخفي للصين في سوريا
لا يظهر اسم الصين كثيراً عند الحديث عن سوريا حيث تطغى روسيا وإيران بسبب احتلالهم العسكري لعدة مناطق سورية ولكن مجلة "نيوزويك" الأمريكية تشير في تقرير لها ترجمه موقع أورنيت نت إلى أهمية ومحورية الدور الصيني في الحفاظ على نظام الأسد.

وتتحدث "نيوزويك" عن الدور الصيني المرتقب في سوريا، وأهمية استمرار نظام بشار الأسد بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم بقيادة (شى جين بينغ)، وتشير إلى أن الانعطاف الذي حصل للنظام في سوريا، لم يكن ممكنا بدون دور الصين، وذلك بالرغم من أن الأنظار كلها تتجه لموسكو بسبب دعمها نظام الأسد.

طموحات الرئيس الصيني

صعود الصين على المستوى العالمي ليس بجديد خصوصاً مع قيادة الرئيس الصيني (شى جين بينغ) والذي أظهر مدى قوته في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني (الحزب الحاكم) والذي أنعقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. 

الرئيس (شي) قام بإصلاحات واسعة النطاق لإصلاح الجيش الصيني وتطوير خط التجارة التاريخي الذي يمر بآسيا، والشرق الأوسط وأفريقيا وأوربا، وفي خضم هذه المساعي، يشكل بقاء النظام في سوريا فائدة بالنسبة لبيجين. 

التوافق بين البعث والشيوعي الصيني

وقال (كمال علام)، المحلل العسكري السوري والزميل الزائر في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدفاع والدراسات الأمنية" في المملكة المتحدة، لـ "نيوزويك" إن هناك إمكانية كبيرة لتكون سوريا "مركز خدمات لوجستي رئيسي بالنسبة للصين، تاريخها، أساسي لعودة الاستقرار إلى الشرق، مما يعني أنه يتعين على الصين إدراجها ضمن خطتها للمنطقة، ومن منظور آمني، إذا كانت سوريا غير آمنة، لن تكون كذلك استثمارات الصين في دول الجوار" وأضاف علام "من الناحية الثقافية، طبيعة نظام الأسد تناسب معايير الحزب الشيوعي <الصيني>، سوريا تحت حكم بشار كانت مزيح من الاشتراكية واقتصاد السوق المفتوح، مع تركيز على التعليم، والولاء للدولة فوق الدين، هذا يجذب الصين، تحديداً في منطقة يكثر فيها ارتفاع الأصولية الدينية".

كما أشار علام إلى أن الروح الاستبدادية المناهضة للغرب في الحزب الحاكم الاشتراكي في سوريا، حزب البعث، تتفق دائماً مع النظام الصيني الاشتراكي. 

مصنع "السكود"

زودت الصين سوريا بمكونات الأسلحة منذ التسعينات، لكن علاقتها مع سوريا لم تزدهر إلا بعد وراثة بشار الأسد للحكم، حسب علام، ففي عام 2002 تقدمت الصين بمقترح لإنشاء مركز لإنتاج صواريخ السكود في سوريا، ونتيجة لذلك أصبحت بعدها الصين واحدة من أكبر خمس شركات أسلحة تقليدية في سوريا بين عامي 2006 و2010. 

ولم تتوقف الأسلحة عن التدفق في العام التالي (2011) الذي اندلعت فيه اشتباكات بين قوات الأمن السورية والمتظاهرين في حرب شاملة عمت أرجاء البلاد، وفي حين ألقى الغرب وتركيا ودول الخليج بثقلهم مباشرة للإطاحة ببشار الأسد في 2011 فإن الصين وروسيا تدخلتا لدعمه، كما تقول "نيوزويك".

كان القرار سهلا، بالنسبة للروس، حيث تحتفظ موسكو ودمشق بعلاقات قوية تعود إلى 1971، أي في السنة التي تولى فيها حافظ الأسد السلطة واصطف بقوة مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة. وفي نفس السنة، سمح للبحرية الروسية أن تعمل من قاعدة قبالة شواطئ مدينة طرطوس الساحلية، مما أعطى الاتحاد السوفيتي قوة نارية في البحر المتوسط، وأعطى النظام صديق مدى الحياة.

وبينما تزداد احتمالات وقوع حرب باردة ثانية بين واشنطن وموسكو، تدعم الصين بشار الأسد ليس لمواجهة الولايات المتحدة بقدر ما تريد دعم مصالحها خارج الحدود. 

التمسك بإعادة الإعمار

باعت الصين أسلحة وأرسلت عدداً محدوداً من قواتها إلى سوريا، وفقاً لصحيفة The Global Times التابعة للحزب الشيوعي، ولكنها مع ذلك تمكنت من البقاء بعيدا عن طريق الولايات المتحدة وروسيا. 

اختارت الصين التمسك بإعادة الإعمار والمساعي الاقتصادية ولذلك بقيت بحسب (كمال علام) بعيدة عن التورط بشكل مباشر "الصين لا تواجه نفس الخطر الذي تواجهه روسيا وإيران، فهي لم تتورط بالقتال، لذلك لم يلحقها أي سوء، الصينيون عادة يبقون خارج النفوذ السياسي، لذلك سينجحون".

مخاوف من مقاتلي "الإيغور"https://orient-news.net/news_images/18_1/1516890724.jpg'>

وتعتبر "نيوزويك" أن الصين لديها أيضاً مصلحة أمنية في استقرار سوريا، وتستشهد بما قاله (عماد مصطفى) سفير النظام في الصين لوكالة رويترز في أيار/مايو "الصين، كما أي بلد آخر، يجب أن تشعر بقلق شديد" حيث يُعتقد أن ما يصل إلى 5000 صيني يقاتلون في سوريا بين صفوف "المنظمات الجهادية" مثل "القاعدة" وتنظيم "داعش"، وأشار (علام) إلى أن الصينيين يعتمدون على نظام الأسد "من أجل استخبارات حيوية تخص المسلحين الإيغور".

ويتهم أبناء أقلية "الإيغور" الصين، بقمع الهويات الثقافية والدينية والعرقية للغالبية الإسلامية، حيث اتخذت بيجين موقفا متشددا من الهجمات المسلحة من الإيغور، وبحسب الخبراء، فالإيغور، هم الدافع الأساسي لدور الصين في سوريا، وتنقل نيوزويك عن (جيوفري أرونسون) خبير شؤون الشرق الأوسط ورئيس شركة الاستشارات في "مجموعة مورتونس" قوله بإن " مخاوف الصين بشأن الإسلاميين في سوريا متجذرة بمخاوفهم بشأن الإسلاميين في الداخل" وأضاف "هناك أسباب قليلة جدا للصينيين لدعم المعارضة، حتى ما يسمى بالمعارضة العلمانية التي لم تعد موجودة".

استثمار في المستقبل

احتضنت الصين المبادرة السياسية التي تقودها روسيا، في استانا، وسُميت الصين كعضو مراقب محتمل في أيلول/سبتمبر، وفي الشهر الماضي اجتمع وزير الخارجية الصيني (وانغ يى) مع مستشارة الأسد السياسية والإعلامية (بثينة شعبان) لبحث "دور أكبر <للصين> في العملية" وفى خروج آخر عن الغرب بدأت الصين بالفعل في تأمين حصتها الاقتصادية في إعادة إعمار البلد الذي مزقته الحرب.

وبينما تشترط الولايات المتحدة والحلفاء الآخرون بأن تؤدي عملية السلام إلى انتقال سياسي متين لا يشمل الأسد، تختلف معها الصين التي تصب اهتمامها بالفرص المربحة عوضاً عن السعي لتغير النظام في البلد الذي يقع على مفترق طرق بين البحر المتوسط والشرق الأوسط. حيث تعد هذا المنطقة نقطة اتصال رئيسية لحزام الصين وطريقها، أو مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، والتي تهدف إلى إعادة بناء وتوسيع الطرق التجارية التاريخية للصين في جميع أنحاء آسيا نحو أوروبا وأفريقيا.

في تصريح لرئيس جمعية الصين للصرافة العربية (تشين يونغ) لـ "بلومبيرج" حول موقف الشركات الصينية من سوريا قال " انهم يرون إمكانات تجارية ضخمة هناك لان البلاد كلها بحاجة إلى إعادة بناء" 

بالنسبة لخبير الشرق الأوسط (أرونسون) أخبر "نيوزويك" أن "الصينيين يروننا <الأمريكان> كيف نأخذ أموالا من البنك ونستثمرها في لا شيء". الصينيين يشعرون برهبة من هذا الأمر فهم لا يفهمون ذلك. نحن، بمعنى ما، ليس لنا في أعمال إعادة بناء البنية التحتية والتنمية التي لا تتصل مباشرة بوجودنا العسكري" وأضاف "سنقوم ببناء مهبط للطائرات، وقاعدة عسكرية، بينما سيبني الصينيون خط سكة حديد، وميناء. انهم يستثمرون في المستقبل" وأكمل (أرونسون) بالقول "كنا عادة ما نقول إن التجارة تلحق البلد، بالنسبة للصين، البلد هو من يلحق بالتجارة".

*للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات