ويسعى المبعوث الأممي إلى سوريا (ستافان دي ميستورا) الباحث عن حل سياسي للملف السوري إلى استثمار المحطة التاسعة في فيينا لإنقاذ مسار جنيف برمته، واختبار التوافقات الدولية حول مستقبل المسار السياسي في سوريا ومدى جديته.
الفرصة الذهبية المهدورة
عقدت الجولة الثامنة من مباحثات جنيف الشهر الماضي وكانت بمثابة "فرصة ذهبية مهدرة"، بحسب دي ميستورا، الذي ألقى بأغلب اللوم في فشل الجولة على جانب النظام متهماً إياه "بوضع شروط مسبقة".
والأسبوع الماضي، أعلن دي ميستورا أن "جنيف 9" ستعقد يومي 25 و26 يناير/ كانون الثاني الجاري في فيينا عوضاً عن جنيف السويسرية لأسباب لوجستية، وسط آمال بأن تكون هذه الجولة بداية النهاية لتعقد المسار السياسي الخاص بسوريا.
وتوقع دي ميستورا في بيان صدر عن مكتبه أن يأتي وفدا المعارضة والنظام إلى فيينا على استعداد للدخول في حوار موضوعي معه ومع فريقه، مع التركيز على القضايا المتعلقة بالدستور من أجل التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
سوتشي بالانتظار
تأتي أهمية هذه الجولة ذات الطابع النمساوي من مسار جنيف من كونها تعقد قبل أيام قليلة من "مؤتمر الحوار السوري" الذي تستضيفه روسيا في منتجع سوتشي على البحر الأسود يومي 29 و30 يناير/ كانون الثاني، برعاية الدول الضامنة لمسار أستانة، تركيا وروسيا وإيران، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول.
واستناداً إلى جولات سابقة لجنيف، فإن أجندة الاجتماعات "النمساوية" وفق القرار الأممي 2254، تتمثل بمناقشة أربع سلات؛ الحكم الانتقالي، الدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن نقاش مبادئ أساسية من 12 مادة لمستقبل سوريا.
لكن دي ميستورا يأمل أن ينجح في تدشين مفاوضات مباشرة بين وفدي النظام والرياض قبل أن يطيروا جميعاً إلى سوتشي، لاستئناف الحوار هناك، وفق الرغبة الروسية، ويخشى دي ميستورا، أن يحل مسار سوتشي مكان نظيره في جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة، بما يعنيه ذلك من انتقال المسار السياسي (بعد العسكري في أستانا) إلى "المظلة الروسية" وتهميش دور الأمم المتحدة والمبعوث الأممي بطبيعة الحال.
جنيف.. المسار المتعثر
انطلق مسار جنيف عام 2012 وتعثر في عدة محطات كان آخرها الشهر الماضي حيث انتهت المباحثات دون إحراز تقدم، وحمل دي ميستورا المسؤولية لوفد النظام قائلاً إنه "أضاع فرصة ذهبية بسبب شروطه المسبقة، وتركيزه على ملف مكافحة الإرهاب".
وشدد وفد الرياض في نهاية الجولة الأخيرة أن "المفاوضات المباشرة غير المشروطة تعني طرح ونقاش كافة المواضيع، ولا يحق لأحد وضع شروط مسبقة".
وقبل أيام، دعا الوفد على لسان نصر الحريري، رئيس الوفد في مفاوضات "جنيف 8"، الأمم المتحدة للإفصاح أمام المجتمع الدولي عن سعي النظام لهدم المسار السياسي في جنيف.
ورغم حضور وفد الرياض الجولة الأخيرة بوفد موحد انبثق عن اجتماع في العاصمة السعودية الرياض نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أن رئيس وفد النظام بشار الجعفري رفض التفاوض المباشر، احتجاجاً على البيان الصادر عن الاجتماع الذي كان الثاني من نوعه.
وقال الجعفري إن وفد النظام لم يكن يرغب في أن تفشل المحادثات، لكن المعارضة وضعت شرطاً مسبقاً في بيان ختامي لمؤتمر "الرياض 2" الذي قالت فيه إن الأسد وزمرته عليهم أن يرحلوا مع بدء المرحلة الانتقالية.
بالمقابل، رأى دي مستورا أن إصرار وفد النظام على أن تسحب المعارضة البيان المذكور "ليس منطقياً"، وأضاف قائلاً: "لأن ذلك بدا لي وكأنه شرط مسبق. لم تشارك الحكومة معي في مناقشات إلا عن الإرهاب. في الحقيقة لم يقبلوا بالحديث عن أي موضوع سوى هذا".
ظلال سوتشي
يخيم مؤتمر سوتشي يخيم بظلاله على الجولة الجديدة، وتشكل مسألة الدستور بالإضافة إلى الانتقال السياسي والانتخابات ومكافحة الإرهاب النقاط الرئيسية لجدول أعمال المفاوضات.
وفيما اعتبر المبعوث الأممي أن الجولة الجديدة تنعقد في "مرحلة حرجة جداً"، في إشارة إلى التصعيد العسكري على عدة جبهات في سوريا. أكد رئيس وفد الرياض نصر الحريري أن جولة فيينا ستكون "اختباراً لمدى جدية كل الأطراف للتوصل لحل سياسي"، وحث الأطراف الدولية الضامنة للعملية السياسية على مطالبة النظام بالالتزام ببنود اتفاق خفض التصعيد.
ويبدو أن النتيجة الوحيدة "المنتظرة" و"المترقبة" من جولة فيينا هي قرار المشاركة في مؤتمر سوتشي من عدمه، في ظل انخفاض سقف التوقعات من الجولة الحالية، نظراً لضيق الوقت وتعسر "حلحلة" ملفات معقدة كـ"الدستور" و"الانتخابات" و"هيئة الحكم الانتقالي" في يومين فحسب!
التعليقات (0)