جنرال تركي سابق: اتفاقية سرية بين موسكو وواشنطن بشأن سوريا

جنرال تركي سابق: اتفاقية سرية بين موسكو وواشنطن بشأن سوريا
أجرت صحيفة حرييت المعارضة حوار صحفيّا حول عملية "غصن الزيتون" مع رئيس هيئة الأركان التركي السابق "إلكير باشبوغ"، مستفيدة من خبرته العسكرية في فهم التطورات الأخيرة فيما يخص العملية التي بدأتها القوات المسلحة التركية في عفرين بالتعاون مع عناصر من الجيش السوري الحر.

واستوضحت الصحيفة في حوارها الذي ترجمته أورينت نت، عن الاتفاقيات السرية المحتملة بين كلّ من روسيا وأمريكا فيما يتعلق بالشأن السوري، بالإضافة إلى أهمية عفرين بالنسبة إلى أنقرة، وعن تاريخ التنظيم الإرهابي في مدينة عفرين، ودور الأسد في تشكيل تنظيم داعش، وغيرهم من الأسئلة الأخرى.

 

تركيا أبدت إصرارها وبدأت بضرب عفرين، أنتم كقائد سابق في الجيش التركي ما هو رأيكم بالعملية؟

أظن أنّ تركيا فكّرت وخططت للدخول إلى عفرين منذ تاريخ 12 تشرين الأول / أكتوبر تاريخ بدء عملية إدلب، ولكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير والتي أدّت إلى اتخاذ خطوة فعلية من قبل تركيا في هذا الصدد، هي محاولة جيش النظام في نهاية شهر كانون الثاني / ديسمبر لدخول إدلب من الجنوب، منذ ذلك الوقت باتت عملية عفرين بالنسبة إلى تركيا ضرورة لا بدّ منها.

 

هل كان لتركيا أن تتخذ مثل هذا القرار في حال عدم فتح المجال الجوي أمامها؟

تركيا كانت مصممة على البدء بعملية عفرين سواء أفتحت روسيا المجال الجوي أمامها أم لم تفتح، الجيش التركي كان قد خطط وفكّر بأدق التفاصيل في العملية، وعلى أساس ذلك باتت تفكّر بتطبيقها على أرض الواقع، الموضوع الأهم برأي هو التفكير بالأسباب التي أدّت إلى العملية، وكيف تمّ اتخاذ مثل هذا القرار؟ وكيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه فيما يخص الملف السوري؟

 

متى بدأت المعادلة تتغيّر في عفرين بالنسبة إلى تركيا؟

لا بدّ من لفت الانتباه أولا إلى الطبيعة الجغرافية في عفرين، وعلى نحو خاص الغرب منها، غرب عفرين عبارة عن سفح مرتفع، وتنظيم بي كي كي متواجد هناك منذ زمن طويل، وأول من احتضن التنظيم وأسهم في تشكّله هو "الأسد الأب"، ولكن اللافت للانتباه هنا أنّ النظام منذ تموز 2012 انسحب من المدينة وتركها بين يدي "الوحدات الكردية".

 

أُجبر على ذلك؟ أم إنها خطوة لها أبعاد سياسية؟

ربما أراد النظام استخدام تنظيم بي كي كي المتواجد بالأساس في عفرين كورقة ضد أنقرة، ذلك لكون منطقة عفرين تشكل تهديدا وخطرا كبيرين بالنسية إلى تركيا، السبب الآخر في انسحاب النظام من المدينة وتركها بيد التنظيم، ربما هو لكون النظام قد شعر بالحاجة إلى جنوده المتواجدين هناك، ولا سيّما أنّ الأحداث في سوريا كانت تتجه نحو حرب أهلية، ولهذه الأسباب قد يكون النظام قد فعل ذلك عن دراية وتخطيط مسبق، ولا سيّما أنّ داعش لم يكن متشكلا حينها، إذ تشكّل داعش في تموز 2013.

 

هل لعب الأسد دورا في تشكّل داعش في سوريا؟

نعم للأسد دور في تشكّل داعش، وسمح بتشكّل التنظيم بهدف استخدامه ضد قوات المعارضة، عندما تشكّل داعش في تموز 2013 ظهر عنصر آخر مهم أيضا شارك في اللعبة وهو "عبد الله أوجلان"، إذ قال في أغسطس / آب 2013: "سيلعب عناصرنا دورا مهما وأساسيا في سوريا الجديدة، إذ ستتشكل هناك مناطق حكم ذاتي، عندئذ سندخل مرحلة جديدة، مرحلة التوسع نحو تركيا"، في 20 كانون الثاني / يناير يتم تمّ إعلان الجزيرة كمنطقة حكم ذاتي، ومن ثم تم إنشاء كانتونات في عفرين وعين العرب، عين العرب كانت نقطة انعطاف كبيرة، إذ تمكّنت "الوحدات الكردية" (YPG) في آذار 2015 وبدعم أمريكي من تخليص عين العرب من يد داعش، هنا بدأت تركيا تلاحظ أنّ أمرا ما يحدث في الشمال السوري، في حزيران / يونيو 2015 لعبت سيطرة "الوحدات الكردية" على مدينة تل أبيض دورا مهما في إدراك تركيا لبعض الأمور بشكل أفضل، حيث أيقنت أنّ هناك محاولات تسعى إلى إنشاء ممر إرهابي في الشمال السوري، ومع نهايات 2015 كانت مدينة إدلب قد خرجت بشكل نهائي من سيطرة النظام، وكان وضع الأسد قد بدأ يتأرجح عند ذلك دخلت روسيا على الخط.

ما هو الهدف النهائي لروسيا؟

وقّع بوتين مع الأسد اتفاقية القاعدة "الجوية والبرية" لـ 49 عاما، وعلى أساسه لا ترغب روسيا -على الأقل على المدى القريب- برحيل الأسد، موسكو ترغب بأن يبقى شرق الفرات تحت سيطرتها وسيطرة الأسد معا، عند ذلك بإمكاننا أن نطرح السؤال التالي: هل توجد اتفاقية سريّة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا فيما يخص سوريا؟ هنا لا يمكننا أن نجزم بوجود اتفاقية سريّة، ولكن في الوقت نفسه من الصعب أن ندّعي عكس ذلك أيضا.

 

ما هي الاتفاقية التي تلمحون إليها؟

اتفاقية تنص على بقاء غرب الفرات تحت سيطرة النظام وروسيا، وشرق الفرات تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية و"الوحدات الكردية"، المشهد العام يلمّح إلى احتمالية وجود اتفاقية من هذا النوع.

 

ما الحجّة التي تعزز فرضيتكم بوجود الاتفاقية التي ذكرتموها؟

في آب / أغسطس 2016 تركيا بدأت بعملية درع الفرات، تزامن ذلك بقيام النظام بعملية حلب، وأريد أن ألفت انتباهكم إلى أنّ حلب ومدينة الباب مترابطتان مع بعضهما البعض، الأمر الآخر هو أنّه في شهر تشرين الأول / أكتوبر من عام 2017 بدأت عملية إدلب، وفي شهر كانون الأول / ديسمبر حاول النظام دخول مناطق خفض النزاع في إدلب من جهة حماة، روسيا تحاول من خلال بعض العمليات على تعزيز إدارة النظام في غرب الفرات، شرق الفرات مسألة مهمة قائمة بحدّ ذاتها، وهذا الأمر يثير لدى المترقّب لسير الأمور سؤالا  مفاده "هل هناك اتفاقية سريّة بين روسيا وأمريكا؟ اللافت للانتباه أنّ قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين تعرّضتا لهجمات عقب محاولات النظام بدخول إدلب، في الواقع روسيا لا ترغب بترك ورقة أكراد سوريا وبوجه أدق ترك ورقة "الوحدات الكردية" (YPG) بيد الولايات المتحدة الأمريكية.

ما شكل سوريا الذي تريده كلّ من روسيا وأمريكا؟

أرى أنّ روسيا جديّة برغبتها في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نسأل هل تريد الحفاظ على الوحدة الجغرافية والسياسية في سوريا بشكلها الحالي، أم بشكل مختلف؟ أرى أنّها على الأقل ستفكر بإعطاء حكم ذاتي للأكراد في سوريا.

 

أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية، الهدف الأوّل والأهم بالنسبة إليها "إيران"، كل خطوة تخطوها أمريكا في الشرق الأوسط تجدون أنّها مرتبطة بطريقة أو بأخرى بإيران، فعلينا أن ندقق مليّا باستراتيجية واشنطن في المنطقة، ولا سيّما أنّ وثيقة استراتيجية الأمن القومي تتضمن ما يلي: "إيران تأتي في مقدّمة الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية"،  ويرد فيها أيضا "العراق كدولة مستقلة -وعلى المدى الطويل- شريك استراتيجي بالنسبة إلينا"... أمريكا تنظير إلى العراق كعنصر من عناصر توازن القوى ضد إيران، وفي سوريا أيضا ترغب واشنطن بإضعاف الدور الإيراني فيها.

 

أمريكا منذ 2011 تريد للأسد بالرحيل، ولكن لا نعلم إن كانت ستقبل ببقائه على المدى القريب أم لا، أرى أنّ بقاء الأسد في مكانه بالنسبة إلى واشنطن سيكون رهينا بموقفه من "الوحدات الكردية". وبالعودة إلى ما تريده او تسعى إليه أمريكا في سوريا، بإمكاننا القول إنّها تريد تأسيس دولة "للوحدات الكردية" في شرق الفرات، في التصريح الأخير قالت أمريكا سنبقى في سوريا، والسؤال هنا "ما الذي يدفعكم إلى البقاء في سوريا على الرغم من انتهاء داعش".

أمريكا حساسة إلى حدّ كبير فيما يخص شرق الفرات، ولهذا لم تقبل بالدعم الذي عرضته تركيا لها في عمليتي الرقة ومنبج، فأنا على قناعة بأنّ أمريكا تفكّر بإنشاء فدرالية في سوريا، الدستور العراقي فدرالي، ولكنّهم وضعوا فيه مادة لا توجد في دستور أي دولة فدرالية، والمادة تنص على ما يلي "ستكون للإدارة المحلية الكردية في الشمال العراقي قوّة عسكرية"!! يبدو أنّ واشنطن تريد تطبيق الأنموذج العراقي في سوريا.

 

ما مخاطر الممر الإرهابي بالنسبة إلى تركيا؟

الممر الإرهابي يشكّل تهديدا وجوديا بالنسبة إلى تركيا، فالتشكل الإرهابي هذا على الحدود مع سوريا يختلف عن التشكّل الإرهابي في العراق، ففي الشمال العراقي توجد الإدارة الكردية المركزية التي ترتبط بالدستور العراقي.

 ذهبت في عام 2016 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحضرت اجتماعا عُقد في جامعة الدفاع الوطني  هناك، وحضر الاجتماع مسؤولون  ذوو صلة بالعراق، سألتهم صراحة "لدينا تصوّر في تركيا أنّكم تريدون إنشاء دولة كردية مستقلة في شمال العراق،  ولذلك عليكم أن تعملوا على إزالة هذه المخاوف التركية لتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين"، فجاءني الجواب التالي "لا يمكن ذلك، لا يمكن إنشاء دولة كردية مستقلة في العراق"، هذا الكلام كان قبل عام من الاستفتاء الذي أجري في الشمال العراقي فيما يخص الانفصال.

 

ماذا لو قارنا بين عملية درع الفرات وعملية غصن الزيتون؟

عملية غصن الزيتون أصعب بكثير، السبب الأول بسبب الطبيعة الجغرافية لـ عفرين، والسبب الآخر هو كون المواجهة تتم بشكل مباشر مع  "الوحدات الكردية"، ولكن القوات المسلحة التركية لديها القوة التي تمكّنها من إتمام هذه العملية بنجاح، إلا أنّ الهم الوحيد بالنسبة إلى القادة العسكريين في مثل هذه المعارك الانتهاء بأقل الخسائر الممكنة، ولكن في النهاية لا توجد عملية عسكرية من دون خسائر.

 

ما الربح الذي ستحققه تركيا في حال تطهير عفرين كاملة؟

الربح الأول التخلص من الخطر الذي يشكّله هذا التنظيم على حدودها، والربح الآخر هو أنّ تركيا ستدمر قسما من العتاد العسكري الموجود بين يدي التنظيم، ومن الممكن أن تغتنم بعضا منها، وهذه كلها أرباح، والأهم من كل ذلك أنّ تركيا بهذه العملية ستكون قد قطعت الآمال المعقودة بإنشاء دولة كردية تصل حتى البحر الأبيض، على الأقل على المدى القريب، وهذا يكون بمثابة ضربة معنوية ونفسية للتنظيم، والأمر الآخر هو أنّ تركيا سيكون لديها الإمكان في حال تمكنها من تطهير عفرين بإعادة بعض اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

 

تركيا صرحت بأنّ منبج هي الهدف التالي بعد عفرين، برأيكم ما الذي يمكن أن يحدث في منبج؟

من الناحية السياسية، عملية منبج ستكون أصعب بكثير من عملية عفرين، ففي منبج يوجد جنود تابعون للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بالإضافة إلى جنود النظام.

التعليقات (2)

    لابد للجيش الحر دعم المشروع التركي بإعادة 2,5 مليون لاجئ سني الى سوريا

    ·منذ 6 سنوات شهرين
    الكيان الصهيوني مشروعه في المنطقة هو بتحالف الأقليات وتسيدها للمنطقة والفرس لهم مشروع أخر وهو تسيد الفرس على الجميع , وكلا المشرعين يتلاقيا في هدف واحد هو تدمير المنطقة وتشريد الشعوب العربية التي تمثل الأكثرية الدينية والعرقية وإعادة بنائها كالنموذج اللبناني وهو تسيد المسيحين وبنزعة فينيقيه معادية للعرب كما ينتهجها باسيل والمشروع الأخرالتي يتبنها الثنائي الشيعي , كلا المشروعين خبيث ومدمر وقذر, المشروع التركي تلتقي معه المصلحة السورية والتي أعنت بإعادة 2,5 مليون مهجر الى أراضيهم

    شريد الغوطة

    ·منذ 6 سنوات شهرين
    من حَق تركيا الحِفاظ على أمنَها الأقليمي وَلَو خاضَت أعتى الحُروب تركيا هيَ الدَولة الوَحيدة التي تُعتَبَر صَديقة لِلوَطَن العَرَبي وَ بلدَرَجة الأولى صَديقة لِلشَعب السوري الله ينصر تركيا وَ الشَعب السوري المَظلوم من تَكالُّب الأمَم عَلَينا كَمُسلِمين سُنة مُعتَدلين كُّل الأعتِدال وَ أصحابُ حَق لا لُبثَ فيه وَ الله قادِرٌ على نَصرَنا وَ لَو كَرِها المُجرِمون تَحية لِلشَعب السوري البَطَل في وَقت عَذَت بِهِ البُطولة
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات