إعادة ترتيب التحالفات.. محور سوتشي في مواجهة المحور الخماسي؟

إعادة ترتيب التحالفات.. محور سوتشي في مواجهة المحور الخماسي؟
لم يمرّ تصريح التركي، رجب طيب أردوغان، عقب انتهاء اجتماعات قمة سوتشي الثلاثية (روسيا وتركيا وإيران) التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، مرور الكرام. فكلام الرئيس التركي حينها عن أن الدول الثلاث "وحدها" من يملك رسم مستقبل الحل السياسي في سوريا، دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (بعده بساعات) للاتصال به، وكسر "جليد الجمود" بين البلدين، فيما اعتبر حينها بداية لصفحة جديدة من العلاقات الثنائية.

الاتصال الأمريكي بتركيا منحها آنذاك "ضوءاً أخضر" لشن عملية عفرين التي تعثرت ترتيباتها السياسية والعسكرية بانتظار شارة الانطلاق حتى بداية العام الجديد 2018. وبينما كان المسؤولون الأتراك يصعّدون لهجتهم تجاه الوحدات الكردية في عفرين ومنبج، جاء الرد الأمريكي بالإعلان عن تشكيل "قوة أمنية حدودية" قوامها 30 ألف مقاتل، وعمادها ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية عموماً.

نزال تسجيل النقاط!

موقف محور دول "قمة سوتشي" على الخطوة الأمريكية جاء "متفقاً" على الرفض التام، وكان لافتاً تصريح الخارجية الروسية بأنها تدرس "الرد المناسب" على الأمريكان بالتشاور مع حلفائها (تركيا وإيران).

ومع نهاية الأسبوع الماضي (السبت) انطلقت عملية "غصن الزيتون" التركية بمساندة قوات "الجيش السوري الحر" باتجاه عفرين لتأمين الحدود الجنوبية لتركيا، وطرد الوحدات الكردية من منطقة عفرين، وتأمين عودة ملايين النازحين واللاجئين السوريين إلى قراهم وبلداتهم في الشمال السوري، بحسب تصريحات المسؤولين الأتراك.

ملامح المحور الخماسي

عملية "غصن الزيتون" التركية باتجاه الوحدات الكردية في عفرين، بموافقة روسية واضحة، أثارت غضباً من الوحدات الكردية التي اتهمت موسكو بالتنسيق مع الأتراك، و"الموافقة" على العملية ضمناً، واستدعت رداً أمريكياً سريعاً.

فعلى هامش مؤتمر دولي جمع نحو 40 دولة في باريس، ودعت إليه فرنسا لمناقشة ملاحقة المسؤولين عن ارتكاب الهجمات الكيماوية في سوريا، ترأس وزير الخارجية الفرنسي (جان إيف لودريان) ونظيره الأميركي (ريكس تيلرسون) اجتماعاً حضره وزراء خارجية بريطانيا والأردن والسعودية في باريس (الثلاثاء)، وتطرّق إلى ما يمكن اتخاذه من خطوات تسهّل التوّصل إلى مخرج يقود إلى حل سياسي للنزاع في سوريا، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

وقبل بدء الجلسة، رجّح ديبلوماسيون غربيون وعرب أن يعرض تيلرسون "ورقة" تبيّن الخطوط العريضة لاستراتيجية الولايات المتحدة في سوريا بهدف تحقيق الاستقرار والمضي قدماً في التوصل إلى حل سياسي، بحسب ما نقلته صحيفة الحياة اللندنية.

وأوضحت مصادر دبلوماسية فرنسية أن فكرة الاجتماع ولدت عقب إعلان الرئيس (إيمانويل ماكرون) مبادرة تقضي بإنشاء "مجموعة اتصال" للعمل على عملية الانتقال السياسي في سوريا. 

وأضافت أن تبادلاً للآراء تم بين (لودريان) و(تيلرسون) في شأن إمكانية تسريع مخرج الوصول إلى حلّ، نظراً للتدهور المتزايد الذي يتّسم به الوضع حالياً.

المصادر ذاتها، لفتت إلى أن تهديدات نظام الأسد بشنّ عمليات عسكرية واسعة في محافظة إدلب والنزاع القائم بين تركيا الوحدات الكردية شمالاً "هي عناصر يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التفاقم" في الملف السوري. وتابعت أن هذا ما حمل فرنسا على التفكير مع الأميركيين وغيرهم من الأطراف، في المعايير التي يمكن اعتمادها لإيجاد ظروف تؤدي إلى بنية مستقرة في سوريا، ما يمهد لنهج انتخابي وآخر دستوري.

ولم يقدّم الدبلوماسيون تفاصيل في شأن "ورقة تيلرسون" أو إذا ما ستشكّل أساساً لأي محادثات مستقبلية مع روسيا التي تستضيف مؤتمر "الحوار الوطني السوري" في سوتشي يومي 29 و30 الجاري.

ويبدو أن ملامح تحالف جديد باتت تتبلور بناء على المبادرة الفرنسية بتشكيل "مجموعة اتصال" جديدة حول سوريا، ينبثق من حاجة باريس (والاتحاد الأوروبي من ورائها) إلى تعزيز حضورها السياسي في المشهد السوري، ويلمح تقارب المواقف "التقليدي" مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بسوريا، وينطلق، في الوقت ذاته، من المبادرة الفرنسية لمحاسبة مرتكبي الهجمات الكيماوية في سوريا خارج إطار مجلس الأمن، بعد أن أفشلت موسكو كل محاولات إدانة نظام الأسد بالفيتو الروسي، لتستمر منازلة "تسجيل النقاط" ومبادرات الرد على التحركات السياسية والعسكرية التي أضحى ميدانها الجديد (سوريا).

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات