يبدو أن عام 2018 سيشهد معادلة جديدة للحل السياسي في سوريا، تقوم على أساس دخول أطراف إقليمية ودولية تمثل مصالح أطراف المعارضة السورية، التي ظلت طوال السنوات الماضية يتم التعاطي معها وكأنها في حكم المهزومة، مما يحتم عليها القبول بأي حل يفرض عليها لصالح نظام الأسد. من الواضح أن الإدارة الأميركية استغلت عامها الأول لكي تنتهي من مراجعة سياستها السورية، ثم العودة بقوة إلى الساحة بتوافق مع حلفائها الإقليميين من جهة والمعارضة السورية من جهة أخرى. الرؤية الأميركية الجديدة للحل تستند إلى حتمية رحيل الأسد عن الحكم، مع ضرورة فترة انتقالية تعقب رحيله واستعادة السلم الأهلي بأشكال مختلفة من الوجود العسكري الأميركي، ويمكن القول إن عودة واشنطن تأتي متزامنة مع فشل موسكو في إيجاد أي حلول سياسية طوال السنوات الخمس الماضية، واكتفائها بتعزيز الحلول العسكرية وتقديم الدعم اللامحدود لنظام الأسد، وفرضها رؤيتها لترجمة الواقع العسكري الجديد بين النظام والمعارضة لصالح الأول عبر مسارات آستانة، ولعل آخر مؤشرات الفشل الروسي سياسياً تأجيلها مرتين موعد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، مع احتمال بدأ يلوح في الأفق بتأجيل ثالث.
إذا كانت روسيا تقبل على مضض العودة الأميركية القوية إلى سوريا، في ظل تفهم واشنطن لاستمرار المصالح الروسية وعدم التعرض لها، فإن أكثر الخاسرين، بعد نظام الأسد بالطبع، هو النظام الإيراني، فإن الرؤية الأميركية بمثابة إعادة تقييم الولايات المتحدة لحساباتها السياسية والأمنية، وأبرزها رغبة الإدارة الأميركية في توجيه رسائل عملية لإيران، التي تعتبرها واشنطن الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة، بوضع ميليشياتها المحاربة في سوريا على قدم المساواة مع تنظيمات المعارضة السورية المسلحة المصنفة إرهابياً، ومن ثم فإن الوجود العسكري الأميركي في سوريا سيكون أحد أهدافه الرئيسية قصقصة جناح الميليشيات الإيرانية، وهو هدف لا تعارضه موسكو ما دامت مصالحها لن تتأثر.
التعليقات (0)