كيف تتعامل روسيا مع المظاهرات في إيران؟

كيف تتعامل روسيا مع المظاهرات في إيران؟
أوضح تقرير لموقع (المونيتور) الإخباري الأمريكي، كيفية تعامل روسيا رسميا وإعلاميا مع المظاهرات في إيران. مسلطاً الضور على البعد الذي من الممكن أن تشكله المظاهرات على شراكتهم في دعم نظام الأسد.

وقال التقرير، إن روسيا تراقب عن قرب المظاهرات الحاصلة في إيران، بحذر شديد وتعمل على عدم خروج أي تصريح أو فعل من الممكن أن يُرى كتجاوز أو تعدي على قضايا تعتبرها موسكو قضايا إيرانية داخلية. وفي مطلع العام الحالي أكد بيان لوزارة الخارجية الروسية على أن "المظاهرات شأن إيراني داخلي" هذا الموقف أكده مندوب روسيا الدائم في جلسة مجلس الأمن المنعقدة بشأن المظاهرات الإيرانية. 

الإعلام الحكومي الروسي 

ضاعفت شبكة التلفزيون الحكومية الرئيسية، من عرض بيان الخارجية الروسية الذي جاء فيه "نعبر عن أملنا بأن الأوضاع لن تطور إلى سيناريو العنف وسفك الدماء، وأن التدخل الخارجي الذي يزعزع الاستقرار هو أمر غير مقبول". 

وبينما ذكرت محطات الإعلام المملوكة حكومياً المظالم الاقتصادية وحالات البطالة الموجودة في إيران. تم التركيز أكثر على أن هذه "التحديات قابلة للحل" وأن "القوى الخارجية" هي من تعمل بجهد لزيادة تعقيد المشكلة. 

القناة الأولى الروسية قالت في أحد برنامجها الإخبارية بأن المرشد الأعلى لإيران (علي خامنئي) يدعي أن المظاهرات كانت مدفوعة في البداية من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية. كما اعتبرت القناة أن "المظاهرات لا أساس لها من الصحة".  ولتعزيز الأدلة ذكرت مستندة إلى "مصادر إيرانية" أن "ثلثي التغريدات التي تحرض على الاحتجاجات مصدرها من الرياض".

وتعتمد روسيا على تغريدات الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لتبرهن على أن الولايات المتحدة تتدخل في شؤون إيران الداخلية.  وفي هذا الإطار، قال دبلوماسي روسي متقاعد في تصريح لـ(المونيتور) "عندما تولى ترامب منصبه وعد أن الولايات المتحدة سترفض أي تغير للأنظمة في أي مكان بالعالم"، وأضاف "ما نشهده الآن، أن الولايات المتحدة تكمل ما كانت تفعله منذ عقود. تحث الآخرين للخروج على حكوماتهم عبر حملات من المعلومات تدعم حركة المتظاهرين، وغالباً ما تغطي عملياتهم". 

أما المعلقون المحافظون أشاروا إلى بعثة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) التي أنشأتها إدارة ترامب في تموز/يوليو، كدليل على الجهود الأمريكية المخطط لها منذ زمن طويل لتقويض حكم السلطات الإيرانية.

من جهة أخرى، تجادل وسائل الإعلام الرئيسة لإظهار دور موسكو القوي في دعم المتظاهرين على أساس أنها تقف بجانب الإيرانيين العاديين، الخطوة التي من شأنها ربط صلات مع أي "متظاهر مرشح" قد يظهر على السطح. 

تأثير الوضع الداخلي الإيراني على سوريا

يشير تقرير (المونيتور) في هذا المحور إلى أن الكرملين ليس على استعداد للتنازل عن "الشراكة الخاصة"  التي طورتها موسكو مع إيران في سوريا. حيث تعتبر هذه الشراكة مصدر قلق بالنسبة للروس فيما إذا ما كانت نتيجة هذه المظاهرات ستؤدي إلى إضعاف الدور الإيراني هناك. خصوصاً، أن المشاركة الإيرانية في الحرب أثقل من المشاركة الروسية. فالقوى التي تدعم بشار الأسد تقدمت في مناطق يسيطر عليها الثوار في الأيام القليلة الماضية، في معارك لا تتلقى كامل الدعم الروسي المطلوب. 

ويضيف التقرير أن ذلك من الممكن أن يكون له جانب إيجابي بالنسبة للروس، ففي حال تم الضغط من الداخل الإيراني لتخفيف الدعم الذي يتلقاه النظام، من الممكن أن تنضم طهران إلى الحل السياسي الذي تروجه روسيا لإنهاء الحرب التي استهلكت موارد مالية إيرانية متزايدة وزادت الضغط السياسي على طهران.  بالنسبة لموسكو، لتكتشف دقة هذه السيناريو من المهم لها أن نفهم مدى خطورة الاحتجاجات.

وشكك الخبير الروسي في الشؤون الإيرانية " فلاديمير سازين"، من معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، في أن تؤدي الاحتجاجات إلى تغيير في النظام ولكنه أعتبر أنها من الممكن أن تؤدي إلى تغيرات سياسية حقيقة داخل البلاد. حيث يرى إن رئاسة (روحاني) قامت بالكثير اقتصاديا إلا أن نشاطات الروسية في (العراق وروسيا واليمن) تستنزف هذه المصادر مما ينشر السخط بين أجزاء من السكان. وأضاف "أن المتعلمين غير راضين بالقيود التي يفرضها عليهم العناصر الإسلامية". 

الخوف من انتقال عدوى الاحتجاجات إلى روسيا

الصحافة الروسية الليبرالية ترفض فكرة أن "التدخل الخارجي" هو ما يشكل القوة التي تحرك المتظاهرين في إيران. بدلا من ذلك، ترى أن المزاج الذي يغذي المظاهرات هناك هو نفسه الذي يدفع الناس للتظاهر في روسيا (المظالم الاقتصادية والفساد). ويجادل أنصار وجهة النظر هذه أن "الربيع الإيراني" سينعكس في موسكو، أو يجب أن ينعكس مما يزيد المخاوف خصوصا مع قدوم الانتخابات الروسية في آذار/مارس من هذا العام.  

ففي الحملة الانتخابية لعام 2012، كانت شعارات فلاديمير بوتين "اقتصاد قوي - روسيا القوية" و "روسيا قوية في عالم معقد". لا يشعر منتقدو بوتين بأنه كان ناجحا في تحقيق أي منهم بينما يميل مؤيديه إلى الاعتقاد بأنه جعل روسيا لاعبا أكثر قوة على الصعيد العالمي، إلا أنهم يعترفون ضمنا بأن هناك الكثير من العمل الذي يتعين على (بوتين) القيام به على الجانب الاقتصادي.

وفي حين، أن لجنة الانتخابات المركزية الروسية تقول إن 75٪ من الروس مستعدون للتصويت لصالح بوتين في 18 آذار/ مارس، أظهر استطلاع آخر للرأي أن 24٪ من الروس يرون أنهم يتلقون أجور منخفضة وأن نوعية الحياة عموما هي "المشكلة الأكثر أهمية" في البلاد (في العام الماضي كانت النسبة 14٪). وتتوزع المشاكل حسب الاستطلاع، بين الحالة الاقتصادية 21% والسياسات الاجتماعية 18%. وللمفارقة فإن 85% ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم سعداء، وهي النسبة الأعلى منذ عام 1991.

من جانبه، قال الخبير الروسي في القوقاز "سيرغي ماركيدونوف" إن المقارنة بين الاضطرابات الحاصلة في إيران وتلك التي تحدث بالمناسبات في شوارع روسيا هي "مقارنة غير صحيحة". واعتبر "أن روسيا وإيران مختلفتان جدا على مستويات عديدة، مضيفا "بينما تعتبر إيران دولة إيديولوجية جدا، فان روسيا بدورها تفتقر إلى الإيديولوجية. إلى جانب ذلك، إيران دولة ذات تاريخ غني في الاحتجاجات. إن استخدام الاحتجاجات كقالب للتنبؤ الوشيك في سقوط للحكومات الاستبدادية هو مجرد تفكير يعتمد على التمني - وليس محاولة جادة للتعرف على ما يحدث فعلا في كلا البلدين".

والمبالغة الأخرى، بحسب (ماركيدونوف) هي وجهة نظر التيار المحافظ الذي يرى أن المظاهرات الإيرانية هي جزء من سلسلة " الثورات الملونة" اللاعنفية التي ظهرت في البلقان وأجزاء من الاتحاد السوفياتي السابق في مع بداية دخول عام 2000. حيث اعتبر أن هذه المبالغة هي "تبسيط مثير للاشمئزاز" وأضاف "المظاهرات في أوكرانيا ومصر وإيران كلها ذات طبيعة مختلفة عن بعضها البعض".

أما بالنسبة للخبير الروسي في الشؤون الإيرانية " فلاديمير سازين" فإن "مجموعتين في إيران - الإصلاحيين الليبراليين بقيادة (روحاني)، والمحافظين الذين يسعون إلى الحفاظ على الأسلمة - ما زالوا يتصارعون". موضحاً أن "الليبراليين يمكنهم من خلال الاحتجاجات أن يدعموا أجندتهم الخاصة بالقول انظروا، الناس يريدون التغيير. لا تقفوا في وجه إصلاحاتنا! أما المحافظون، من جانبهم، سيردوا: انظروا، لقد فشل الليبراليون في تنفيذ إصلاحاتهم. ونحن بحاجة إلى المزيد من شد المسامير".

 رابط المادة في الموقع الأصلي هنا

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات