أين ستخوض روسيا حروبها في عام 2018؟

أين ستخوض روسيا حروبها في عام 2018؟
خاضت روسيا في عام 2017 حرباً دموية حرقت فيها الأخضر واليابس دعماً لنظام الأسد والانفصاليين المسلحين الذين يحتلون شرق أوكرانيا، كما واصلت حملتها الدعائية التي تستهدف الانتخابات في الديمقراطيات الغربية، وهي الحملة نفسها التي ساعدت دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض. واستمتعت روسيا استراتيجياً بالنجاح في خططها لعام 2017 في التأثير على الانتخابات، وزعزعة استقرار المنافسين، ودعم الأنظمة الحليفة، وضمان الوصول إلى القواعد الحيوية. ومن المؤكد أن موسكو ستواصل هذه الاستراتيجية في عام 2018. 

وبحسب تقرير ترجمته أورينت نت عن صحيفة (ذا ديلي بيست) الأمريكية، فإن سياسات الكرملين تنفي وجود أي سبب يدفعها للاعتقاد بأن عام 2018 سيكون مختلفاً. ومع إعجاب دونالد ترامب بشخصية بوتين ونظامه الاستبدادي، واستمرار تجاهل فريق الأمن القومي التابع له لواحد من أكبر التهديدات التي تواجه المصالح الأميركية يبقى من غير الواضح ما ستفعله الإدارة الحالية المنقسمة للبيت الأبيض لمواجهة نفوذ روسيا المتنامي.

 وبسبب استمرار روسيا بهجماتها على الغرب ومصالحهم فمن الممكن أن تكون السنة المقبلة خطرة، وبينما تكافح أمريكا وحلفاؤها للرد على الروس بطريقة متماسكة.  حذر خبراء في (المجلس الأطلسي) في واشنطن من سياسات روسيا الحالية معتبرين أن "النتيجة الواضحة لكل هذا ستكون تآكل الاستقرار والسلام في العالم".

سوريا كمقر للحملات المستقبلية ضد الناتو

تدخلت القوات الروسية في الحرب ضد الثورة السورية التي كان عمرها أربع سنوات في أواخر عام 2015. فقصفت سفن موسكو وطائراتها الثوار. بينما شنت القوات الخاصة الروسية غارات على قادة المعارضة. وعلى الرغم من أصرار موسكو على أن هدفها هو تدمير تنظيم الدولة، إلا أن العديد من الهجمات الروسية ضربت المجتمعات والجماعات التي تحارب تنظيم الدولة بفاعليه.

ووفقاً لمؤسسة الأبحاث (راند) التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، فإن حرب بوتين في سوريا تندرج في سياق "الدعم الروسي لحليف طويل الأمد ومن موقف روسيا من تغيير النظام". وعلاوة على ذلك، فإن الحفاظ على نظام بشار الأسد يعني أيضاً المحافظة على القواعد البحرية والجوية الروسية في سوريا، وتوسيع الخيارات المستقبلة بشأن الحملات ضد الناتو والغرب. وبحسب (راند) فإن هذه القواعد العسكرية يمكن أن تمكن روسيا من تحدي الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. ومع إعلان الكرملين عن خطط لتواجد عسكري دائم في سوريا حيث اعتبر أن "تجمع القوات الروسية في سوريا سيركز جهوده الرئيسية على تقديم الدعم للسوريين في استعادة الحياة السلمية ومراقبة اتفاقات وقف إطلاق النار" إلا أنه ينبغي ألا يفاجئنا الإعلان الروسي، حتى مع استمرار توجدهم بعد هزيمة داعش. 

القواعد العسكرية في سوريا لتدخلات إقليمية أكثر

حرب موسكو في سوريا يمكن أن تكون نذيراً لمزيد من التدخلات المستقبلية في المنطقة. وبسبب بقاء نظام الأسد على قيد الحياة، يمكن لروسيا أن تشترك بنفسها مباشرة في صراعات إقليمية أخرى حيث ستستفيد موسكو من القواعد الاستراتيجية لها في سوريا. ومن الجدير بالذكر أنه في عام 2017، عززت روسيا دعمها لما يعرف بـ (الجيش الوطني الليبي)، الجناح المسلح لأحد الجماعات السياسية المتنافسة في ليبيا، الدولة التي لها حدود هي الأخرى مطلة على البحر الأبيض المتوسط.

التصعيد في أوكرانيا

في الوقت الذي تدخلت موسكو لدعم نظام الأسد في سوريا، غزت روسيا، في 2014 أوكرانيا في محاولة منها لزعزعة استقرار الحكومة التي بدأت تتجه أكتر نحو الغرب. وبنفس الاستراتيجية والتي كان لها تأثير حاسم في جورجيا في عام 2008، تسللت القوات الروسية بسرعة إلى شبه جزيرة (القرم) الاستراتيجية في أوكرانيا قبل أن تضطلع بدور أقل مباشرة في توفير ودعم الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة (دونباس) الشرقية في البلاد. وقد استمر الصراع في الشرق الأوكراني حتى عام 2017 على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار الرسمي في عام 2015. 

إلا أنه وفي خطوة مفاجئة في كانون الأول/ ديسمبر أعلنت إدارة ترامب أنها ستسمح للشركات الأمريكية ببيع بعض أنواع الأسلحة إلى أوكرانيا - وهو عكس سياسة باراك أوباما المتمثلة في إرسال الإمدادات غير المميتة إلى البلد المحاصر. أدانت روسيا مبيعات الأسلحة الأمريكية المحتملة، مدعية إنها يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الصراع. وقال المشرع الروسي (فرانز كلينتسيفيتش) إن "الأميركيين يدفعون القوات الأوكرانية مباشرة نحو الحرب". ناهيك عن أن موسكو هي من صعدت لسنوات وعن عمد الحرب الأوكرانية من أجل إضعاف البلد الجارة وضمان قبضتها على الأراضي المتنازع عليها.

الاتجاه لتكريس المد الروسي؟

ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، كانت كافية، لمحلل سياسي واحد على الأقل للاعتقاد ببدء نجاح مناورة بوتين، سواء في 2018 أو لاحقاً. "هناك طريقة واحدة يمكن من خلالها أن نتمكن من المساعدة على الحد من مخاطر الحرب بين الناتو وروسيا دون المساس بقيمنا أو التضحية بمصالح أي من حلفائنا وأصدقائنا، " قال (مايكل أوهانلون) من معهد (بروكينغز) في العاصمة واشنطن وأضاف "إنها تبدأ بالاعتراف أن كل عمليات توسع الناتو، وكل إنجازاته، قد وصلت إلى الحد الكافي". أصر (أوهانلون) أنه "يجب أن نسعى، إذا ما استمر بوتين بهذا الدور، لخلق هيكل امنى جديد لشرق أوروبا يستبعد صراحة جلب دول مثل أوكرانيا وجورجيا إلى التحالف المكون من 29 عضوا".

اقتراح (أوهانلون)، والذي حظي بقبول واسع النطاق، كان من شأنه مكافأة روسيا أساسا لغزو دولة جاره من أجل تخريب إرادة الناخبين. وهذا كان يمكن أن يشجع موسكو على مضاعفة ما يمكن القول بأنه استراتيجيتها الأكثر فعالية حتى الآن، المتمثلة بنشر الأخبار المزيفة من أجل تقويض الانتخابات الديمقراطية في البلدان المتقدمة دون الحاجة إلى إرسال الدبابات والقوات الخاصة الروسية.

فعالية الهجوم باستخدام "الأخبار المزيفة"

من بين محاولة التلاعب بأصوات الناخبين بالغرب، عبر نشر الأخبار المزيفة وتكريس حملات موجهة ضد مرشحين معادين لسياسية الكرملين، تدخلت موسكو في الاستفتاء الذي أجرته المملكة المتحدة للتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016، وانتخابات الرئاسة الفرنسية في عام 2017.

أما في فرنسا لم يسلك التصويت الطريق الروسي. على عكس نتيجة الأصوات التي صوتت في بريطانيا وأمريكا. حيث كتبت (ألينا بولياكوفا) في (المجلس الأطلسي) إن "تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016 أرسل إشارة إلى الغرب: المجتمعات الديمقراطية معرضة بشدة للنفوذ الأجنبي". ولكن من غير المؤكد إذا ما كانت الحكومة الأمريكية سوف تفعل أي شيء للتخفيف من هذا الضعف.

الاعتماد على عامل الوقت

إذا ما استمر الحزب الديمقراطي المناهض لسياسيات ترامب في فوزه في الانتخابات، وسيطر على الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كما هو متوقع، من الممكن أن يوجه ذلك ضربة قاسية للعناصر المؤيدة لروسيا داخل إدارة الحالية (إدارة ترامب).

 ومع الانتخابات التمهيدية التي تبدأ في الربيع، ينتهي المشرعون من التصويت على تشريعات مهمة تقوض النفوذ الروسي منها، على سبيل المثال، الأمن الإلكتروني. رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ (ريتشارد بور)، وهو من أعضاء الحزب لجمهوري في ولاية كارولينا الشمالية، أعترف بضرورة الإسراع في إنهاء مشروع من هذا النوع قائلاً "بلا شك، ليس هنالك الكثير من الوقت".

رابط المقال في صحيفة (ذا ديلي بيست)  هنا 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات