واشنطن وموسكو تتنازعان "أبوّة" الانتصار على "داعش"!

واشنطن وموسكو تتنازعان "أبوّة" الانتصار على "داعش"!
ارتفعت وتيرة التسخين الإعلامي والدبلوماسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، في اعقاب تنازع الطرفين على "أحقية" إعلان النصر على تنظيم الدولة في كل من سوريا والعراق.

فبعد زيارة مفاجئة وخاطفة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في سوريا، وإعلانه خطاب النصر على "الإرهابيين" وبدء سحب جزء مع قواته مع الاحتفاظ بقاعدتي حميميم وطرطوس، خرج البيت الأبيض ليعلن النصر ونسبة الفضل إليه فيه، على تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق.

موسكو انتقدت (الأربعاء)، ما وصفته بـ"محاولة سرقة الانتصار" في سوريا، وحمَل الكرملين على ادعاء واشنطن تحقيقها انتصاراً على داعش، ووجه نواب في مجلس الدوما الروسي انتقادات قاسية للتصريحات الأميركية ووصفها بعضهم بأنها "عبثية"، بحسب صحيفة الحياة، وأن واشنطن "تغافلت عن نشاط الإرهابيين في سوريا والعراق طويلاً ما ساعدهم في تعزيز مواقعهم".

الكرملين دخل أمس، على خط السجالات، وقال الناطق باسمه ديميتري بيسكوف، إن "الهزيمة يتيمة وللنصر آباء كثر" للتشكيك بأهمية الإعلان الأميركي عن "الانتصار على الإرهاب".

وأكد بيسكوف في الوقت ذاته، أن إعلان بوتين عن سحب جزء من القوات كان واضحاً لجهة الإبقاء على قاعدتي طرطوس وحميميم وما يلزم للقاعدتين من وسائل الحماية والتشغيل.

من ناحيتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، رفض موسكو ذرائع التحالف الدولي للبقاء في سوريا، مؤكدة أن ذلك ينتهك "السيادة السورية" على حد تعبيرها.

وقالت ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية: "التواجد الروسي (في سوريا) يحمل طابعاً قانونياً متوافقاً كلياً مع القانون الدولي"، مضيفة أنه لا يمكن قبول تبريرات التحالف التي تنتهك سيادة سوريا. وفيما يتعلق بسحب القوات الروسية، أكدت زاخاروفا، أن العسكريين الروس "سيقطعون الطريق أمام الإرهابيين عند الضرورة".

الإعلان الأمريكي

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أول من أمس، أن بلاده حققت انتصاراً على الإرهاب في سوريا والعراق، وذلك بعد مرور يوم واحد على إدلاء نظيره الروسي بتصريحات مماثلة أثناء زيارته قاعدة حميميم.

وزاد التراشق بين الطرفين، تقليل وزارة الدفاع الأميركية، على لسان الناطقة باسمها "أدريان رانكين غالاواي"، من أهمية إعلان بوتين سحب القوات الروسية من سوريا. وقالت إن الولايات المتحدة لم تلحظ أي سحب كبير للقوات الروسية منذ إعلان بوتين. وشددت على أن "هذه الخطوة لن تغير أولويات واشنطن في سوريا".

إعادة تمركز

في غضون ذلك، أفاد "معهد دراسات الحرب" ومقره واشنطن بأن إعلانات موسكو من قبل عن سحب قواتها أدت إلى إعادة تمركز للقوات الروسية. واعتبر المعهد أن روسيا "استخدمت الإعلانات السابقة عن سحب جزئي لكي تحرك وحدات مختارة من أجل التجديد والإصلاح واستبعاد القدرات الزائدة عن الحاجة واستخدام أنظمة أسلحة بديلة مفيدة بشكل أفضل للمرحلة المقبلة من العمليات الداعمة للنظام".

كما شكك مسؤولون أميركيون في إعلان موسكو أن سوريا باتت بلداً مهيأً للسلام فور استعادة آخر الجيوب من تنظيم داعش، في إشارة إلى أن قوات النظام أضعف من أن تستطيع حفظ الأمن في البلاد. وأن داعش وجماعات أخرى في سوريا لديها فرصة كبيرة في إعادة تنظيم صفوفها خاصة، إذا ظلت الأزمة السياسية التي تسببت في اندلاع الصراع.

وقالت ناطقة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض: "نعتقد أن الإعلان الروسي عن هزيمة داعش سابق لأوانه... رأينا مراراً في التاريخ الحديث أن أي إعلان سابق لأوانه عن النصر يعقبه فشل في تدعيم المكاسب العسكرية واستقرار الوضع وتهيئة الظروف التي تحول دون إعادة ظهور الإرهابيين". 

ويحتفظ الجيش الأميركي بنحو ألفي جندي في سوريا، وأعلن أن أي سحب سيعتمد على شروط، مشيراً إلى أنه ستكون هناك حاجة لوجود طويل الأمد للقوات الأميركية لضمان تحقيق هزيمة دائمة لداعش.

وبحسب صحيفة الحياة، يعتبر مسؤولون أميركيون أن الإعلان الروسي يشير إلى "صورة مختلفة لسوريا تصبح فيها القوات الأجنبية غير ضرورية. وأن بوتين يريد بعد أن حول الدفة في الصراع لمصلحة بشار الأسد، المساعدة في التوسط في اتفاق سلام". 

وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس دونالد ترامب طالباً عدم نشر اسمه إن الولايات المتحدة تعتقد أن الأسد سيفشل إذا حاول فرض "سلام المنتصر". وأضاف أن "فرص غرق سوريا في حرب أهلية ثانية ستكون عالية من دون مصالحة سياسية ذات معنى".

بينما أكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أهمية "وجود خارطة طريق للسلام"، تتضمن انتخابات تسمح بتصويت في الخارج الذين فروا من الصراع. وأضاف: "نعتقد أنه من خلال هذه العملية لن يكون نظام الأسد جزءاً من هذه القيادة".

التحالف وفرنسا

التحالف الدولي الذي يقاتل داعش منذ 2014، لطالما اتهم الروس بأنهم لا يستهدفون المتطرفين، عن استيائه الشديد من إعلان روسيا النصر.

وقال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان ساخراً: "أرى أحياناً أنه من المفاجئ قليلاً، أن تنسب روسيا إلى نفسها الانتصار على داعش". وأكد أن "بشار الأسد والروس والإيرانيين وصلوا متأخرين إلى هذه الحرب ضد داعش... ولا يجب أن يمدحوا أنفسهم على أعمال لم يقوموا بها".

وقال البنتاغون إن روسيا "لم تقد سوى جزء صغير من العمليات ضد الإرهاب في سورية ومكافحة داعش لم يكن ضمن أولوياتها".

موقف النظام

في موازاة ذلك، شدد رئيس وفد النظام إلى جنيف8 بشار الجعفري على أن التهديدات في سوريا لم تنته مع هزيمة داعش، قائلاً للمبعوث الأممي وهو يشير إلى خريطة سوريا: "التهديد الإرهابي جدِّي في سوريا". 

وأشار إلى مناطق مثل إدلب وشمال حماة والتنف والبادية السورية كمناطق ما يزال فيها تنظيمات تهدد سوريا، على حد زعمه، ما قد يتعارض مع كلام الكرملين الذي أعلن الانتصار على داعش وضرورة الشروع في العملية السياسية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات