ضغوط غربية متزايدة على روسيا.. هل بات كأس العالم في خطر؟

ضغوط غربية متزايدة على روسيا.. هل بات كأس العالم في خطر؟
انتقل الصراع الغربي الروسي من ساحات السياسة، وميادين توجيه "الصفعات" في الملفات السياسية المعقدة (سوريا، اليمن، أوكرانيا..) إلى مضمار الرياضة الذي تستضيف فيه روسيا، العام المقبل، أكبر حدث رياضي عالمي (كأس العالم 2018).

قرار "أولمبي" دولي جديد وجهت من خلاله دول غربية مجتمعة رسائل عدة إلى "الدب الروسي" الطامح باستعادة نفوذه ومكانته على الصعيد الدولي، ومنها ميادين الرياضة، بعد أن نجح إلى "حد ما" في فرض سطوته في عدد من الملفات المعقدة.

اللجنة الأولمبية الدولية اتخذت قراراً "جريئاً" باستبعاد روسيا عن المشاركة في أولمبياد 2018 الشتوي بسبب برنامج موسكو لاستعمال المنشطات بشكل ممنهج كما سمته، لكنها سمحت لرياضييها بالمشاركة في المسابقات المقررة في "بيونغتشانغ" الكورية الجنوبية تحت "علم أولمبي وشروط صارمة"، وأوقفت وزير الرياضة الروسي السابق مدى الحياة.

وبحسب رويترز، فقد أعلنت اللجنة قرارها بعد فحص أدلة "تنشط منهجي" على مدى سنوات تورطت فيه الكثير من أجهزتها، من وزارة الرياضة إلى أجهزة الأمن، ووصلت إلى ذروتها في ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية العام 2014.

وأوقفت اللجنة مدى الحياة نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن الشؤون الرياضية "فيتالي موتكو"، والذي كان وزيراً للرياضة عندما استضافت سوتشي الأولمبياد الشتوي العام 2014.

سوابق تاريخية

حاولت وسائل إعلام غربية "تبرير" قرار اللجنة الأولمبية الدولية بإبعاد روسيا وتجنب صراعات السياسة، فعادت لتقع مرة أخرى في "أوحالها"، وأشارت وكالات رويترز وفرانس برس إلى استبعاد دول سابقاً من الألعاب، خصوصاً جنوب أفريقيا خلال سنوات الفصل العنصري، لكن أياً منها  لم يتم استبعاده بشكل كامل بسبب المنشطات.

وذكر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني "توماس باخ" أن التنشط الروسي المنهجي بين العامين 2011 و2015، وخصوصاً في أولمبياد سوتشي 2014، "شكل هجوماً غير مسبوق على نزاهة الألعاب الأولمبية والرياضة".

وأضاف باخ "كرياضي، أعتذر لجميع الرياضيين النظيفين من اللجان الأولمبية الوطنية الأخرى المتضررين من هذا التلاعب.. اتخذت اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية عقوبات متناسبة مع التلاعب المنهجي، مع حماية الرياضيين النظيفين".

مقاطعة رياضية

وعن مقاطعة جميع الرياضيين الروس المشاركة تحت "العلم الأولمبي" بحسب دعوة اللجنة الأولمبية الدولية بعد صدور تعليمات من الكرملين، قال "توماس باخ": "المقاطعة الأولمبية لم تحل أي شيء... لا أرى أي سبب لمقاطعة الرياضيين الروس، لأننا نسمح للرياضيين الروس بالمشاركة" في أولمبياد 2018 المقرر بين التاسع و25 شباط/ فبراير المقبل.

ونقلت وكالة "آر سبورت" للأنباء عن رئيس اللجنة الأولمبية الروسية ألكسندر جوكوف قوله إن بلاده ستطعن على قرار اللجنة الأولمبية الدولية. وقررت اللجنة أيضاً إيقاف "جوكوف" باعتباره أحد أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية بحكم منصبه في رئاسة اللجنة الأولمبية المحلية.

مواقف دولية

اللجنة الأولمبية الأميركية سارعت إلى "تحية" القرار ووصفه بـ"القوي والمبدئي"، فيما تقبلت اللجنة المنظمة في بيونغتشانغ الكورية قرار اللجنة الأولمبية مع ما يعنيه من "ضربة" لاستضافتها، وقالت إنها "تحترم قرارات اللجنة الدولية".

من جهة أخرى، أشار الاتحاد الدولي لكرة القدم في بيان، أنه "أخذ علماً" بقرار اللجنة الأولمبية الدولية والذي "ليس له تأثير على الاستعدادات لمونديال 2018" الذي تستضيفه روسيا الصيف المقبل.

واستثمرت موسكو مليارات الدولارات من أجل احتضان أولمبياد 2014 الشتوي، الأغلى في تاريخ الألعاب الأولمبية، في منتجع سوتشي، إذ أنهت المنافسات في المركز الأول قبل أن تجرد من 11 ميدالية من أصل 33 وتصبح نظرياً خلف النرويج في الترتيب العام.

تأسياً باتحاد ألعاب القوى

اللجنة الدولية سارت بالتالي على خطى الاتحاد الدولي لألعاب القوى الذي أوقف روسيا في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر) 2015 بعد الكشف عن برنامج استعمال رياضيها للمنشطات بشكل ممنهج.

وأبعد الاتحاد الدولي روسيا عن أولمبياد ريو 2016 الصيفي، مع السماح لرياضييها "النظيفين" بالمشاركة، ثم عن مونديال لندن 2017 لألعاب القوى، نتيجة صدور تقرير المحقق الكندي "ريتشارد ماكلارين" بناء على طلب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات والكشف عن نظام التنشط الذي اتبعته الحكومة الروسية.

وشارك 276 رياضياً روسياً من أصل 387 في أولمبياد ريو، إذ رمت اللجنة الأولمبية الدولية الكرة في ملعب الاتحادات الرياضية الدولية للسماح بمشاركة الرياضيين الروس من عدمها، ما عرضها لانتقادات شديدة.

لكن بعد سنتين من تحقيقات لجنتين أنشأتهما اللجنة الدولية برئاسة السويسريين "دنيس أوزوالد" و"صامويل شميد"، كانت الأدلة مهمة جداً لإيقاف روسيا مرة جديدة، بحسب وكالات الانباء الغربية. ورأى السويسري شميد، رئيس إحدى لجنتي الانضباط من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، أن لجنته "لم يكن لديها أي دليل على تورط مباشر" للرئيس بوتين في "برنامج التنشيط".

الموقف الروسي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الاستبعاد المحتمل لبلاده بـ"الإهانة" التي تأتي في وقت تستعد فيه روسيا لاستضافة الحدث الرياضي الأكثر متابعة حول العالم وهو مونديال 2018 لكرة القدم الذي سحبت قرعته الجمعة الماضي في الكرملين.

وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مدد الاتحاد الدولي لألعاب القوى إيقاف روسيا الغائبة عن أم الألعاب في أولمبياد ريو 2016، وأكدت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات استبعاد الوكالة الروسية.

وترفض موسكو دائماً البعد الحكومي في برنامج استعمال المنشطات لرياضيها، الذي كشف عنه "تقرير ماكلارين"، وأجهزة التحقيق الروسية تؤكد تورط الرئيس السابق لمختبر موسكو "غريغوري رودتشنكوف" الذي كان وراء الشرارة الأولى حول نظام التنشيط والصادرة بحقه مذكرة توقيف روسية، وتتهمه بأنه قام بناء على مبادرة شخصية منه بتنشيط الرياضيين من دون علمهم.

بدوره، أكد نائب رئيس الوزراء الروسي المسؤول عن الشؤون الرياضية "فيتالي موتكو"، الذي تم إيقافه مدى الحياة، الجمعة الماضي أن التهم بالتنشيط الموجهة إلى روسيا تهدف إلى وضعها ضمن "محور للشر" وتريد أن تجعل من البلد "نوعاً من الشبح".

وصرح الرئيس بوتين مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أن الولايات المتحدة نظمت هذه التهم من أجل الإضرار بسير الانتخابات الرئاسية في آذار/ مارس 2018.

وفي ضوء الصراع الرياضي المعلن بين واشنطن وحلفائها من جهة، وبين موسكو من جهة، ونجاح الأولى في "حظر" رياضي روسيا في أكثر من محفل رياضي "شتوي"، وتوجيه الاتهامات إلى المسؤولين الروس، تحوم الشكوك حول قدرة موسكو على تأمين استضافة لائقة بمونديال كأس العالم المقبل، وتثور التكهنات حول احتمال توجيه ضربة "قاصمة" لهذه الاستضافة، أو قبول موسكو بالضغوط الغربية لتمرير الحدث الأشهر عالمياً مقابل الحصول على تنازلات "جدية". 

التعليقات (1)

    احمد

    ·منذ 6 سنوات 3 أشهر
    كرة القدم تدعو الى روح المنافسة و النقاء و تقريب الشعوب و السلام . فالحقيقة ان تنظيم روسيا للمونديال يدمر كل هده الاخلاق و الندية و روح التعارف بتدميرها لسوريا و اوكرانيا و العراق و البوسنة و الهرسك و افغانستان و مناطق اخرى من العالم تتدخل فيها روسيا بشكل مباشر او غير مباشر .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات