بالنسبة للمنطقة، فهي تعي الضرر البالغ القادم من الضفة الشرقية للخليج العربي، غير أن العواصم الغربية ما زالت تعتقد أن الخلاف هو خلاف مؤقت وسياسي وقابل للحل بالتهدئة، وهو الأمر الذي تراه الرياض، وهي تقود مشروعاً عربياً هو الأول من نوعه لمواجهة إيران، غير ذي جدوى، كما قال الأمير محمد بن سلمان: «تعلّمنا من أوروبا أن التهدئة لا تنفع. لا نريد أن يكرر هتلر الإيراني الجديد في الشرق الأوسط ما حدث سابقاً في أوروبا».
سنوات طوال والرياض تسعى لإقناع العالم بخطورة ما تفعله إيران بالمنطقة، وأن ترك الأفعى تتحرك دون قطع رأسها، تكون نتائجه وخيمة على كل دول المنطقة والعالم؛ ماذا كانت النتيجة؟ اتفاق نووي كافأ المعتدي على أفعاله، وسمح له باستمرار سلوكياته العدوانية، عندها علمت السعودية أن استيعاب الغرب لحقيقة الخطر الإيراني لن يحدث أبداً؛ تحركت المملكة بدورها للتصدي وإيقاف المد القادم من الثورة الإيرانية، اعتمدت على نفسها وعلى حلفائها بالمنطقة في إنجاح مشروعها، بالطبع لا يمكن إغفال أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحدها تساند وتدعم المشروع العربي لمواجهة إيران، بينما العواصم الأوروبية ما زالت على المدرسة القديمة المعتمدة على المزيد من المحاولات والمساعي الدبلوماسية لاحتواء إيران، بالطبع لا تسأل إلى متى يستمر هذا الاحتواء؟ هل بعد اعتراف إيران بسيطرتها على أربع عواصم عربية؟ هل مع انتظار عاصمة خامسة تسقط؟ هذا السيناريو المريع الذي لا تستوعبه العواصم الأوروبية، وربما لا تكترث له لو حدث، هو الذي أفضى إلى أن تتحمل الرياض دورها في قيادة المواجهة العربية ضد إيران. لن تنتظر السعودية طويلاً اقتناع الغرب بمشروعها، هي قادرة على المضي فيه بقناعة أوروبية أو من دونها.
لم تعد المنطقة تتحمل انتظار هدية غربية تساندها في مواجهة التغول الإيراني، هذه الهدية قد تأتي وقد لا تأتي، والأسوأ أن تأتي متأخرة جداً، بعد أن تسقط العواصم العربية بشكل متتالٍ، كما فعل هتلر عندما احتلت ألمانيا معظم قارة أوروبا (عدا بريطانيا) وثلث مساحة الاتحاد السوفياتي، وربما من إيجابيات ثماني سنوات قاتمة لولايتين للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أن دول الخليج عرفت أن اعتمادها على أدواتها وقوتها هو المعادلة الحاسمة لمواجهة التحديات التي فرضت عليها، وهي المرة الأولى التي نشهد هذا التحول الاستراتيجي في اعتماد السعودية وحلفائها العرب على أنفسهم بالدرجة الأولى، وربما السؤال الذي يطرح هنا: هل تقبل أوروبا بتكرار تجربة هتلر مرة أخرى؟ والإجابة طبعا هي: لا، إذن لماذا يراد لدول الخليج أن تتعايش مع نظام نازي وهتلر جديد يهدد استقرارها ويريد العبث بأمنها؟!
التعليقات (1)