زواج السوريات من المقاتلين الأجانب.. فتوى التحريم لمواجهة العواقب

ناقشت حلقة برنامج "هنا سوريا" (أمس الأربعاء) ما وراء الفتوى التي صدرت عن مجلس الإفتاء التابع للمجلس الإسلامي السوري حول تحريم الزواج من أجانب مجهولي النسب والهوية، حيث حّذرت الفتوى من مخاطر تزويج الفتيات من المقاتلين "المهاجرين" الذين لا يفصحون عن هوياتهم، وهو ما يتسبب في حدوث أضرار ومفاسد شرعية واجتماعية.

واستضافت مقدمة البرنامج أحلام طبرة كلاً من الدكتور أحمد حوى عضو مجلس الإفتاء في المجلس الإسلامي السوري الأعلى، والحقوقي غزوان قرنفل رئيس تجمع المحامين الأحرار، فما رأي الشرع وماذا يقول القانون؟

في البداية سألت طبرة الدكتور أحمد حوى: لماذا الفتوى الآن؟ فقال إنّ البعض قد يرى أنّ هذه الفتوى متأخرة بعض الشيء، لا سيّما أن قدوم الوافدين الأجانب إلى سوريا بدأ منذ سنوات الثورة الأولى وبعضهم تزوج بأسماء مجهولة، لكن مجلس الافتاء تشكّل منذ أشهر تقريباً، وكانت هناك فتاوى تصدر عن عدد من الروابط والهيئات الشرعية تصدّت من قبل لهذه الظاهرة، لكن استمرارها دعانا إلى إعادة إصدار مثل هذه الفتاوى.

وحول الأرقام التي توثق حالات الزواج بـ"مهاجرين" مجهولي الهوية أشار حوى إلى عدم وجود أرقام دقيقة، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ هناك حالات كثيرة قد تصل إلى المئات، وأضاف "الأكثر من ذلك يتمثّل في التبعات على الجانب الاجتماعي، إذ خلّفت الثورة آلام ومصائب مثل الأرامل والأزواج المفقودين منذ سنوات حيث قد يصل عددهم إلى الآلاف."

واعتبر حوّى أنّ هناك العديد من القضايا الأسرية تحتاج إلى بيان وفتاوى تحدّد الحكم الشرعي وهنا الحديث، حسب قوله، عن ما بات يشكّل ظواهر خطيرة في المجتمع السوري، وهذا ينطبق على من هم في الداخل أو الذين اضطروا للهجرة خارج سوريا.

من جانبه، قال القانوني والحقوقي غزوان قرنفل إنّ المشكلة ليست في توصيف حالة الزواج، بل في الأطفال الذين يتم إنجابهم عن هكذا زواجات، وأوضح: "نحن منذ عام ونصف أطلقنا في مركز الكواكبي لحقوق الإنسان حملة بعنوان: "أبناء من؟" في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بسبب انتشار ظاهرة الزواج من مقاتلين أجانب، حيث يُكتب عقد الزواج بأسماء مستعارة من قبيل "أبو فلان الليبي" أو "المصري" وهكذا.. دون أن يتم إبرام عقد الزواج بموجب وثيقة رسمية يحملها الزوج. فالمفروض أن يتم عقد العقد بتوثيق هوية الزوج سواء كان مصريا أو سعوديا أو غير ذلك، أو بالاستناد إلى رقم جواز سفره والجهة التي أصدرته.

وأكّد قرنفل على ضرورة استمرار الحملات نتيجة الانتشار المرعب لهذه الظاهرة، حسب تعبيره، وأضاف "حاليا في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام هناك ما لا يقل عن 60 ألف طفل مجهول النسب، بمعنى أنّ والدته قد تكون معلومة ولكن الأب هو المجهول، وهذا الطفل يسمّى في القانون "مجهول النسب" وبالتالي نحن أمام كارثة اجتماعية بكل معنى الكلمة." 

ودعا قرنفل إلى ضرورة أن يكون هناك قانون في المراحل القادمة لتسجيل هؤلاء الأطفال كما يسجل اللقطاء سابقاً، لمعالجة هذه المشكلة وتسجيل الأطفال وإحاطتهم بالرعاية القانونية، لأن عدم وجود كيان قانوني لهم سيحرمهم من حق التعليم ومن الجنسية.

وقد سجّل الدكتور أحمد حوى تحفظاً على الأرقام التي أوردها قرنفل، موضحاً أنّ أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا ومن ضمنهم عناصر تنظيم "داعش" لا تتجاوز في أحسن حالاتها 10 آلاف حيث التحقت بهم أعداد من السوريين، بالتالي، وفق حوى، نسبة الوافدين الأجانب لا تصل إلى الآلاف.

وردّ قرنفل بالقول أنّ الحالات الموجودة شرق حلب قبل سيطرة النظام عليها تصل إلى ما يقارب 20 ألف حالة، مضيفاً "نحن لا نتحدث فقط عن حالات الزواج من مقاتلين أجانب، بل نتحدث عن حالات الزواج دون توثيقها قانونياً أو التي تم فيها إتلاف الوثائق أو أن الزوج غادر ولم يعد والزوجة لا تملك ما تثبت به الرابط القانوني. فعاد ووافق حوى على ما قاله الضيف الحقوقي حول الأرقام التي قصد فيها تعدد الحالات وعدم اقتصارها على الزواج بمقاتلين أجانب.

أما عن الحلول المقترحة لتعديل أوضاع الأطفال مجهولي الأب، فقال حوّى "إذا كان الزواج من الداخل سيتم التعرف على الزوج، لكن في كل الحالات المشكلة تتصل بضياع حقوق الزوجات والأولاد، وربما تملّص الزوج من النفقة والمهر وحتى من إثبات النسب، ولهذا تبدأ الحلول بالتوعية كنشر الفتاوى والدراسات التي يقدمها الضيف الحقوقي، فضلاً عن أهميّة دور الإعلام بنشر الوعي في مجتمعنا وبين بناتنا".

وأكّد حوّى أن الفتوى واضحة في تحريم الزواج بمن لا يعرف نسبه، حيث يحرم على الأب تزويج بناته لرجال غير معروفي الهوية، وتحرم شهادة الشهود وعقد العقد على هكذا زواج. مضيفاً "نحن أمام واقع بوجود حالات، فهي زواجات قائمة وليست باطلة، ولكن سنبحث في علاج تبعاتها السلبية، مع قولنا بإثم من أقدم على ذلك. إذ إنّ الفتوى تعتبر الزواج في هذه الحالات حراماً لا باطلاً، فقد يكتفى بنسب الأم".

أما الحقوقي غزوان قرنفل، فأكّد على ضرورة فتح سجلات خاصة لمثل تلك الحالات وتدوينها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تمهيداً لصدور قانون يعالج المشكلة مستقبلاً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات