دير الزور.. فصل مختلف وخطير من الحرب الدائرة في سوريا

دير الزور.. فصل مختلف وخطير من الحرب الدائرة في سوريا
بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة السورية، خسر نظام الأسد مساحات واسعة في دير الزور، ثاني أكبر محافظة في البلاد، وصولاً إلى إحكام تنظيم "الدولة" عام 2015 سيطرته على حدود المحافظة، ما اضطر النظام إلى تشكيل جسر جوي لدعم قواعده داخلها.

أما اليوم، فإن الحسابات على الأرض في المنطقة مختلفة تماماً، حيث توجد من جهة قوات  تنظيم "PYD" المدعومة أمريكياً، وقوات النظام المدعومة روسيا من جهة أخرى، في صراع شرس للسيطرة على موارد المحافظة النفطية والغازية، ومناطقها الممتدة على الحدود مع العراق، ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، وهو الصراع الذي قد يتحول إلى فصل جديد من فصول الحرب في عموم البلاد.

وتحظى متابعة التطورات عن قرب في دير الزور بأهمية كبيرة لدى دول المنطقة، وخصوصاً تركيا، وذلك في إطار جمع معلومات عن قدرات جيش النظام وعقيدته القتالية وأساليبه التكتيكية، باعتبارها واحدة من أهم المعارك التي يخوضها وخاضها حتى الآن.

وتشير المعلومات أن النظام يتقدم نحو مدينة دير الزور بوحدتين عسكريتين منفصلتين، الأولى هي "اللواء 104" من قوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري، بقيادة عصام زهر الدين، أحد كبار جنرالات النظام.

وتمكنت تلك الوحدة من تحقيق اختراق من جهة الشمال للحصار الذي يفرضه عناصر التنظيم على قاعدة "اللواء 137"، جنوب غربي المدينة.

أما الوحدة الثانية فهي قوات سهيل الحسن المعروف بـ"النمر"، وهي لم تشارك مباشرة في العملية.

و"الحسن" هو من المخابرات الجوية السورية، ويفرض الغرب عليه عقوبات واسعة، لدوره في استخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية.

وتشير تقارير أن أغلب عناصر الوحدتين هم من العناصر شبه العسكرية، وخصوصاً من أفراد ميليشيا "حزب الله" اللبناني، و"لواء صقور الصحراء"، والتي يمولها رجل الأعمال المقرب من الأسد "أيمن جابر"، بالرغم من عملها "اسميا" تحت مظلة قوات الجيش الخامس، إلا أنها عناصر شبه عسكرية تسعى إلى السيطرة على الحقول النفطية.

وتعد هذه المعركة استمرارا لاستراتيجية الحرب الهجينة (المختلطة) التي اعتمدها النظام في السنوات الأخيرة، من خلال دمج قوات نظامية وأخرى غير نظامية في المعارك، الأمر الذي أثبت نجاعته بالنسبة إلى النظام، وداعميه، إيران وروسيا، وبالتالي سيستمر في المراحل القادمة.

تطورات خطيرة

الخطير في المشهد اليوم بدير الزور هو وجود قوات النظام والقوات المدعومة من واشنطن على الأرض في آن واحد، مع كثافة للطيرانين الأمريكي والروسي، ولذلك فإن احتمال أن تتعرض قوات النظام لقصف أمريكي، أو قوات "PYD" لقصف روسي يزداد باستمرار، وهو ما وقع بالفعل قبل أيام.

وبالنسبة إلى تركیا، من ناحیة أخرى، لا یمكننا أن نتنبأ بأي خیارات مستساغة على المستوى العملياتي، وعلى المدى القصیر، خصوصا مع مخاوف لجوء عناصر "PYD" المرتبطة بتنظيم "PKK" الإرهابي في تركيا، إلى عمليات تطهير عرقي في دير الزور، بهدف السيطرة على الموارد الكفيلة بدعم أهداف انفصالية، على غرار خطوات "مسعود بارزاني" تجاه كركوك شمالي العراق.

أما إذا سيطر النظام على تلك الموارد، فإنه يستبعد استخدامها لإعادة النازحين والمهجرين وترميم البنية التحتية، وإنما ستذهب لمصلحة رجال الأعمال المقربين من الأسد، الذين يمولون العناصر شبه العسكرية المشاركة مع الجيش في العمليات القتالية في عموم البلاد.

وكان الإعلان الذي أدلى به الجنرال عصام زهر الدين خلال العملية، بأن المدنيين الذين فروا من البلاد "لن يغفر لهم"، وإنذاره الشديد لهم بضرورة عدم العودة، دليلا كافيا على إثبات ذلك، وسيبذل النظام كل ما في وسعه لمنع السكان السنة النازحين قسراً من العودة، لأنه يعتقد أن الهيكل الديموغرافي الحالي ملائم للمرة الأولى منذ ثورة حماة، أوائل ثمانينيات القرن الماضي.

نحو شرق الفرات

بالتوازي مع معركة دير الزور، شهدت الضفة الشرقية لنهر الفرات تطوراً مهماً في الآونة الأخيرة، وهو إنجاز يحسب لوحدات الهندسة الروسية، حيث عبرت قوات النظام النهر في 18 أيلول الماضي لأول مرة منذ سنوات، الأمر الذي من شأنه التعجيل في صدام مع القوات المدعومة أمريكيا.

وفي الوقت نفسه، ووفقاً لمصادر روسية، تم منع محاولات تنظيم الدولة لمهاجمة الوحدة الهندسية المشاركة في تجهيز الجسور، باستخدام طائرات دون طيار، دون التسبب بأضرار، إلا أن نزول الوحدات الروسية على الأرض يظهر أهمية المرحلة بالنسبة إلى موسكو، وقد فقدت بالفعل جنرالا في عمليات دير الزور.

والجنرال المشار إليه، هو فاليري أسابوف من القوات المحمولة جوا (في دي في)، وهي واحدة من أهم عناصر النخبة في القوات المسلحة الروسية، وقتل في 23 أيلول الماضي بالتزامن مع تسريع قوات النظام جهودها بالعبور إلى الجانب الشرقي من نهر الفرات.

تجدر الإشارة أن "أسابوف" خدم في أكثر معارك روسيا عنفا، حيث شارك في حرب الشيشان وخدم في أبخازيا (شمالي جورجيا)، وجزر الكوريل أقصى شرقي روسيا، علاوة على أنباء تفيد بمشاركته في معارك الانفصاليين بشرقي أوكرانيا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات