اللاذقية.. أورينت ترصد جرحى النظام في أروقة المستشفيات العسكرية

اللاذقية.. أورينت ترصد جرحى النظام في أروقة المستشفيات العسكرية
لا يُمكن تخيل عدد المصابين من عناصر الأسد في الساحل السوري، خاصة أن بنية النظام الأمنية والعسكرية تنتمي في أساس تكوينها لمناطق الساحل، ناهيك عن حركة النزوح الكبيرة التي شهدها الساحل، من عائلات النظام.

فالآلاف من المصابين في اللاذقية لم يستطع مستشفى واحد استقبالهم، مما جعل النظام يحول مستشفى الأسد الجامعي وسط المدينة إلى مستشفى عسكري، وأصبح في عهدة وزارة الدفاع. إضافة للمستشفى العسكري الواقع في منطقة القلعة وسط مدينة اللاذقية تقريباً، أي أن جرحى النظام يملكون أكثر من مستوصف عسكري   وأكثر من مستشفى واحد. إلا أن الجرحى يعانون معاناة شديدة للوصول إلى المراكز الصحية، وكثيراً ما يحاول النظام امتصاص نقمة المصابين.

مساندة النظام من أجل لا شيء

وفي حال مرورك قرب المشافي العسكرية، تشاهد العشرات من العسكريين جالسين على الأرض، ممددين مع ذويهم وجروحهم وأسياخهم المعدنية، منتظرين طبيباً أو ممرضة أو دورهم للعلاج. فالمشافي والمراكز الصحية بعيدة عن الريف الممتلئ بالجرحى والمصابين، وبالكاد يستطيع عساكر النظام الوصول إلى المشافي العسكرية، على الطرقات والكراجات تُشاهد عساكر النظام يعانون ويسيرون ببطء وتهالك ليصلوا إلى مراكز العلاج البعيدة عنهم.

أمام مستشفى الأسد والعسكري وحتى مستشفى تشرين المدني الذي يستقبل العساكر، يُشاهد صراخ ذوي العساكر، فالمشافي لا تُقدرهم ولا تبالي بأي ألمٍ لهم، والأطباء لا يلتزمون بمواعيدهم معهم، خاصة أن المناطق بعيدة وتكاليف المواصلات كبيرة بالنسبة للرواتب والالتزامات الحياتية، مما يجعل المصاب في حاجة ماسة للتقدير والاستقبال الجيد.

جلسنا مع العساكر على الأرض، بعضهم يملك أسياخاً في كتفيه وقدميه، أشاروا لنا إلى ندمهم وشعورهم بالضغينة والندم لمساندة النظام من أجل لا شيء، فالإصابات تُغير عقلية الجندي وتجعله محتاجاً لرعاية مضاعفة وهو ما لا يقدمه النظام إلا في الإعلام والبهرجة الإعلانية.

غالب المصابين في الريف، والكراجات في المدينة بعيدة عن المستشفيات العسكرية حوالي الأربعة كيلو مترات، صباحاً يُشاهد في المدينة المئات من العساكر الذي يتوقفون على قارعة الطريق منهمكين في سيرهم، ومنهم من يملك أسياخاً ويقفز فيها ليحقق سيراً سريعاً للوصول للمستشفى. التقينا بأربعة عساكر الأول تعرض لإصابة في عينه من ريف جبلة، حيث أشار لنا أنه يلجأ إلى التبرعات الأهلية لكي يعالج عينه، فهو لا يُريد الذهاب للمستشفيات العسكرية لأنها تُذله، ولا تعتني به. وأنه سيلجأ إلى بيع أرض له للعلاج، دون أن ينتظر البيروقراطية المذلة للنظام. 

مسالخ حكومية

وعسكري آخر من ريف القرداحة مصاب بكلتا قدميه، وقد التقينا به في جمعية خيرية تحاول نقل حالته الطبية إلى أطباء أكثر خبرة ومعرفة من أطباء المستشفيات العسكرية، حيث أشار لنا أن الصفائح التي وضعت له سببت له التهابات خطيرة في المستشفى العسكري، مما جعله يبتعد عن أي مستشفى رسمي، واللجوء إلى أهل الخير لمساعدته. 

والتقينا بحالة عسكري أصله من حلب، خُطف للجندية من الطريق رغماً عنه في اللاذقية ووصل إلى دير الزور للقتال مع النظام، فأصيب بشظية في عاموده الفقري، وبعد إجراء ثلاث عمليات له في المستشفى العسكري لم ينجحوا في إعادته للسير، مما جعله يلجأ إلى عيادة خاصة، وبعد دفع حوالي الثلاثة ملايين إجراء العمليات عاد للسير على قدميه.

تذمر وحالة استياء

هناك حالة عامة من التذمر، وإعادة لتعريف الذات، لدى العساكر، فكل مصابي وجرحى حرب النظام يعانون من إهمال شديد وقاسٍ، ولم يوفر لهم النظام الحد الأدنى من الرعاية أو الاهتمام، وإن دخلت المستشفى العسكرية في ذروة القتال قد تشاهد أسرة المصابين في البهو المفتوح، فالنظام لا يملك غرفاً تتسع لحجم مصابيه، والكثير من الأهالي ينامون مع أولادهم على أرضية وأدراج المشافي. 

هذه الفضائح جعلت النظام يفقد هيمنته الاجتماعية على مواليه تحديداً، الذين حرمتهم الإصابة العسكرية من استكمال حياتهم الطبيعية، وإهمال النظام لهم  جعلتهم يشعرون بحجم الخديعة التي دفعهم النظام من خلالها. لا قيمة للعسكري أبداً منذ أن يفقد قدرته على القتال وبالكاد يستطيع أن يحصل بعض القيمة الاجتماعية أو حتى التعاطف، بعض العساكر المصابين يصرخون ليلاً ويشتمون الأسد عبر النوافذ، في ريف اللاذقية الكثير من الحالات التي تبحث عن قيمة ما تساوي ما خسروه من أجسادهم.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات