كيف استغل نظام الأسد الموارد المائية في ابتزاز ومحاسبة السوريين

كيف استغل نظام الأسد الموارد المائية في ابتزاز ومحاسبة السوريين
تواجه الموارد المائية في سوريا العديد من التحديات، منها تقاسم أنهارها مع دول الجوار، وارتفاع معدل النمو السكاني، مما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية المحلية والتلوث، كما أنه لا يوجد إطار قانوني لإدارة متكاملة للموارد المائية، حيث أن المؤسسات المسؤولة عن إدارة الموارد المائية ضعيفة، هذه الظروف وغيرها، سهلت على نظام الأسد الذي يحكم البلاد منذ عشرات السنين، استخدام ورقة المياه، كإحدى أدوات الضغط التي يتعامل بها مع السوريين.

حافظ الأسد أرهب معارضيه بالمياه

معهد واشنطن، نشر دراسة أكدت أن حافظ الأسد ومنذ أن سيطر على السلطة في العام 1970 قام بالتلاعب بتوفير المياه من أجل أهداف سياسية. حيث استخدم نظامه المياه من أجل شراء والإبقاء على الولاء ومن أجل إرهاب المعارضين وكسر التمردات، وكل ذلك بهدف القمع والسيطرة على الشعب.

وأوضحت، أن المياه كانت دوما مسيسة في سوريا، وأن الحصول على مياه للشرب والري، ستصبح وسيلة أقوى في يد حكومة الأسد في ظل التغير المناخي العالمي المتسبب في تفاقم ندرة المياه في حوض البحر المتوسط.

الدراسة كشفت، عن قيام عائلة الأسد بشرعنة حكمها جزئيا من خلال توفير منافع استراتيجية لسكان البلاد المتنوعين. وأردفت بالقول، "في هذا البلد شبه القاحل، كانت المياه أساسية، وتم تصميم بنيته التحتية – الآبار ونظم الري – من أجل المكافأة على الولاء".

وقد لعب توفير المياه دورا كبيرا في شراء ولاء المزارعين السنة في المقاطعات الشمالية الشرقية، ومنذ بداية حكمه في العام 1970، سعى الأسد من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي، وكسب ولاء المزارعين الريفيين عبر رفع دعم سبل العيش لهم.

https://orient-news.net/news_images/17_9/1505907152.jpg'>

المياه في الصراع

وبحسب الدراسة، فإن سوريا وقبل أن تصدر لاجئي الحرب، كانت تصدر لاجئي المناخ، حيث قامت بكسر الصفقة الحذرة التي جلبت عليها الاستقرار لعقود. لافتة إلى أنه، وفي خلال السنوات الخمس الأخيرة، مرت سوريا بواحدة من أسوأ فترات الجفاف في تاريخها المسجل. إذا كانت المياه هي عملة الولاء، فإن حكومة الأسد وجدت نفسها مفلسة بسرعة.

وأشارت، إلى أن ندرة المياه قتلت ما يقرب من 85% من المواشي في شرق سوريا، بينما انخفض متوسط إنتاج المحاصيل الأساسية إلى 23% في المناطق المروية و79% في المناطق المطيرة. كما أثرت نتائج هذا الاضطراب الاقتصادي على 1.3 مليون سوري، ودمرت سبل الحياة بالنسبة لـ 800 ألف وأجبر عشرات الآلاف من الريفيين السوريين إلى النزوح للمدن العشوائية على تخوم دمشق وحلب وحماة.

https://orient-news.net/news_images/17_9/1505907200.jpg'>

إعادة الإعمار المنحازة

وقالت، إنه ومثلما كان النظام يعتمد نهج توصيل المياه للموالين قبل الحرب، فمن المرجح أن يستمر ذلك في أثناء عملية إعادة الإعمار. وقد بدأت المناقشات الأکادیمیة الحالیة تدرك أن إعادة الإعمار ستحدد الحركة السیاسیة السورية لعقود قادمة.

من جانبه، يوضح خضر خضور من مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط أنه بينما سمحت وزارة الخارجية السورية (التابعة للنظام)، لمئة منظمة غير حكومية محلية في العام 2014 بالعمل مع الأمم المتحدة لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية، فإن كلها تخضع للمتعاطفين مع النظام. كما يتشكك بعض المحللين بالفعل في أن النظام يتعمد استخدام إعادة الإعمار من أجل تصميم التركيبة السكانية للبلاد وهدم معاقل المعارضة. فعلى سبيل المثال، بدأ النظام في هدم المنازل في أحد أحياء دمشق القديمة، وهو بساتين الرازي، الموالي للمعارضة، لإفساح المجال أمام بناء مساكن جديدة، وأسواق، ومجمعات حكومية.

ولفتت الدراسة، إلى أن ممارسات تمييزية كهذه للتعمير ستشمل حتما الهياكل الأساسية للمياه. فقبل الحرب، كان لدى سوريا ما يزيد عن 260 من أصول قطاع المياه مثل أبراج المياه ومرافق المعالجة، وبحلول عام 2016، تضرر الربع. إلا أن هذا التقدير لا يشمل الأضرار التي لحقت بخطوط الأنابيب تحت الأرض، والتي من المحتمل أن تكون قد تعرضت لأضرار أكبر بكثير.

وخلصت الدراسة بالقول، إن الحرب في سوريا، لا يمكن أن تنسب فقط إلى تغير المناخ، إلا أنه من الواضح أن المياه سوف تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد سلوك الدولة لعقود قادمة. حيث كانت المياه دائما مسيسة في سوريا، وسوف تستمر ندرة المياه في تفاقم الضغوطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل المنطقة. ويجب على صناع السياسات الغربية، بحسب الدراسة،  أن يفهموا أن المياه أصبحت مصدرًا رئيسيًا للنفوذ في منطقة حوض البحر المتوسط، وأنه سيكون من الحكمة العمل مع الحكومات الإقليمية لوضع سياسات مائية منصفة وفعالة ومستدامة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات