بعد عودة الوريث الأخير للعائلة إلى تركيا.. هذه قصة "بني عثمان" مع المنفى

بعد عودة الوريث الأخير للعائلة إلى تركيا.. هذه قصة "بني عثمان" مع المنفى
امتلأ أرجاء قصر الخلافة بعيد انهيار الدولة العثمانية عام 1924 بالشائعات التي كانت تفيد بإرسال الذكور من أفراد السلالة العثمانية الحاكمة "بني عثمان" إلى المنفى.

الجميع غدا في حالة ترقّب للقرار الذي سيتّخذه المجلس التركي بحقّ الذكور من أفراد العائلة العثمانية، وبدأ الناس يتناقلون الشائعات ويطرحون الأسئلة التالية: "هل بالفعل سيتخذ المجلس قرارا يقضي بنفي الذكور من بني عثمان إلى خارج الحدود التركية؟ "تُرى من منهم سيُرسل إلى المنفى؟ ومن منهم سيبقى؟ إلا أنّ الإجابة عن هذه التساؤلات لم تكن سهلة ولا سيّما أنّ المشهد آنذاك كان ضبابيا للغاية.

المصادقة على قرار نفي أفراد الأسرة العثمانية

قبل مدة زمنية قصيرة وصل الوريث الأخير للعائلة العثمانية "دوندار عبد الكريم عثمان أوغلو" إلى العاصمة أنقرة قادماً من دمشق عبر لبنان، الأمر الذي أعاد للأذهان الحقبة التي نُفي فيها أفراد بني عثمان من تركيا.

وفي الثالث من آذار عام 1924، صدر قانون في تركيا، بنفي 37 من ذكور العائلة العثمانية، بينهم السلطان العثماني الأخير محمد وحيد الدين، والخليفة العثماني الأخير عبد المجيد أفندي، و35 أميراً عثمانياً، وإثر القرار غادر 250 من ذكور وإناث العائلة العثمانية تركيا على متن القطارات والسفن.

ومات معظم هؤلاء في المنفى بعد معاناتهم من الفقر لفترات طويلة، ويعيش أولادهم وأحفادهم حالياً في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنمسا وسوريا ومصر ولبنان، ويوم 15 أيار 1974، صدر قانون بالسماح لذكور العائلة العثمانية بدخول تركيا.

العاصمة أنقرة اتخذت قراراً بإلغاء الخلافة العثمانية قبل التاريخ الذي صادق فيه المجلس على القانون ذي الرقم 431، إلا أنّ القانون الجديد إلى جانب إلغاء الخلافة العثمانية، قضى بحجز ممتلكات الأسرة العثمانية الحاكمة، وكذلك بمنع أفراد السلالة من العيش فوق الأراضي التركية، وإرسالهم إلى المنفى، وليس ذلك فحسب، بل ومنعهم حتى من العبور فوق الأراضي التركية وهم في طريقهم إلى بلد المنفى.

ليس الأحياء من أفراد السلالة الحاكمة وإنما رفات الأموات أيضاً

أدّى القانون الذي حظي بمصادقة المجلس، والقاضي بنفي أفراد بني عثمان خارج الأراضي التركية، إلى مناقشات مطولة في أروقة المجلس حول هوية أفراد الأسرة الذين يجب إرسالهم، والذين يجب إبقاؤهم، إلى حدّ وصل بـ النائب أكرم عن ولاية ريزه في أثناء المفاوضات التي كانت تُجرى إلى أنه طالب بنفي ليس الأحياء من بني عثمان فحسب وإنما رفات السلاطين جميعهم أيضا".

ومع مرور القانون ذي الرقم 431 من المجلس التركي، أُمهل الذكور من أفراد الأسرة العثمانية 24 ساعة لمغادرة الأراضي التركية، فيما النساء أُمهلن 10 أيام، وقُضي بمغادرة الخليفة عبد المجيد الأراضي التركية في الليلة ذاتها.

نفي أفراد العائلة

لدى إبلاغ السلطان عبد المجيد بقرار النفي في قصر الخلافة بـ دولما باهشه، عارض القرار قائلا: "لست خائنا لوطني كي أُنفى، لن أخرج من تركيا ما دمت حيّا"، إلا أنّ والي إسطنبول آنذاك "حيدر بيه" أبلغه بأنّ القرار سيطبّق لا محالة، وأنّ عليه -عبد المجيد- أن يحترم الإرادة العامة ويغادر الأراضي التركية طوعا قبل إخراجه منها كراهية..

وفي غضون أسبوعين من القرار غادر 155 فردا من العائلة العثمانية الأراضي التركية، وبذلك تم إبعاد عائلة بني عثمان من مسرح السياسة بشكل نهائي.

"بني عثمان" اليوم

الأفراد من نسل السلطان عبد العزيز يُعرفون بين الأسرة العثمانية بـ "العزيزيين" والأفراد من نسل السلطان عبد يُعرفون بـ "المجيديين".

 وتوزّع أفراد الأسرة العثمانية في رحلة النفي في البلدان التالية: "الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنمسا وسوريا ومصر ولبنان".

ومع اختلاف البلدان التي توجّه إليها أفراد الأسرة العثمانية، اختلفت بطبيعة الحال اللغات التي بات الجيل الجديد يتقنها، فالأفراد الذين توجهوا نحو الدول الشرقية باتوا متقنين للعربية، والأفراد الذين توجهوا نحو الغرب باتوا يتحدثون الإنجليزية، الأمر الذي أدّى إلى اختلاف الثقافات التي ينتمي إليها الأفراد المتبقين من الأسرة العثمانية.

اختلاف اللغات أدى إلى ضعف التواصل

وريث العائلة العثمانية عثمان صلاح الدين عثمان أوغلو، في لقاء أجراه مع صحيفة ملييت التركية عام 2010، أشار إلى أنّ اختلاف اللغات التي يتحدّث بها أفراد الأسرة العثمانية بعد نفيهم خارج تركيا، أدّى إلى ضعف التواصل فيما بينهم، واختلاف انتماءاتهم، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعهم من الانقطاع عن بعضهم البعض بشكل نهائي، لافتا إلى أنّ البعض من أفراد بني عثمان المحظوظين والذين نشؤوا في بلد عربي وتلقوا تعليمهم في بلد أوروبي أتقنوا اللغتين، الامر الذي سهّل لهم عملية التواصل وتوطيد الصلة مع كافة أفراد العائلة المتبقين.

ولفت عثمان أوغلو، إلى أنّ هناك من الجيل الجديد من لا يعرف اللغة التركية على الإطلاق، مؤكدا سعي العائلة إلى إنشاء جمعية خاصة بهم، بهدف توطيد العلاقات فيما بين الجيل الجديد من الأسرة.

الوريث الأخير للعائلة العثمانية من دمشق إلى تركيا

تتبع الأسرة العثمانية التي تشتت خارج الحدود التركية تقليداً خاصاً فيما يتعلق بتولية زعيم الأسرة، ويقضي هذا التقليد بتولية أكبر أفراد العائلة رئيسا لها، وعلى أساسه تولّى دوندار عبد الكريم عثمان أوغلو الذي ولد عام 1930 في العاصمة السورية دمشق رئاسة العائلة، وذلك خلفا لـ عثمان بيازيد عثمان أوغلو الذي توفي في نيويورك عام 2009، عن عمر يناهز 92 عاما

وعلى الرغم من حصول رئيس العائلة العثمانية دوندار أوغلو حفيد "محمد سليم أفندي" الابن الأكبر للسلطان عبد المجيد الثاني، على الجنسية التركية قبل سنوات، إلّا أنّه رفض مغادرة دمشق، وفضل البقاء فيها مع عائلته.

المصادر "صحيفة حرييت" - صحيفة  "التاريخ والحضارات" الإلكترونية

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات