صحفي أميركي يفجر مفاجأة.. هذه حقيقة سبوتنيك الروسية

صحفي أميركي يفجر مفاجأة.. هذه حقيقة سبوتنيك الروسية
تم تعيين الصحفي الأمريكي "أندرو فينبرغ" بعد مقابلة عمل لدى وكالة سبوتنيك الإخبارية الروسية في مكتب الوكالة بواشنطن، كانت تلك المقابلة في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، أي بعد شهر تقريبا من فوز دونالد ترامب، لكن ما وجده الصحفي الأمريكي أثناء الخمسة شهور التي قضاها مع الوكالة كان بعيداً عن أصول المهنة المتبعة في الوكالات الإعلامية وفضح فينبرغ في مقال مطول في مجلة " POLITICO MAGAZINE"، قامت أورينت نت بترجمته، ما يجري في عالم سبوتنيك السري وكيف يتم طبخ الأخبار لتكون في خدمة الدعاية السياسية لروسيا.

سبوتنيك .. لم لا!https://orient-news.net/news_images/17_8/1503576351.jpg'>

لم يجد فينبرغ مشكلة بالعمل في سبوتنيك، المؤسسة الإخبارية الحكومية الروسية، فكثير من أخواتها تقوم بإداء ممتاز كـ بي بي سي وصوت أمريكا والجزيرة، ويبرر فينبيرغ أنه تعب من جحيم العمل دون عقد دائم وكان هذا السبب الرئيس وراء تقدمه إلى سبوتنيك.

وفي اللقاء الأول أخبر "بيتر مارتينيشيف"، أحد مسؤولي التحرير في مكتب واشنطن، فينبيرغ أنه سيصبح أول مراسل في البيت الأبيض تعتمده سبوتنيك.

ويروي فينبرغ في مقالته: 

منذ اليوم الأول الذي شغلت فيه مقعد في غرفة الأخبار في سبوتنيك من يناير، ظننت أنه مكان رائع، وكوني أحد المراسلين في سبوتنيك، كان عليّ الاجتماع دورياً مع مجموعة من المحررين ومنهم مارتينيشيف، الذي أجريت معه مقابلة القبول، ولم أكن أعرف ماذا أفعل في الاجتماعات وكيف أتصرف مع الكادر الذي التحقت به مؤخراً.

وصلت لحضور الإحاطة الصحفية اليومية التي كان يجريها آنذاك "شون سبيسر" في البيت الأبيض، وكانت تجربتي الأولى يوم الجمعة من آذار 2017، عندما سألت لماذا كان ترامب يرفض استخدام التمويل والتفويض من الكونغرس لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا ضد العدوان الروسي.

قواعد غير مكتوبة

لم أكن أعرف معظم القواعد غير المكتوبة في سبوتنيك، من الناحية العملية، كان على محتوى سبوتنيك أن يعكس وجهة النظر الروسية في أي خبر، لم أكن قادراً على كتابة أي شيء في هذا الموضوع لأنني لم أعرف كيف يمكن أن تُعالج الأمور. 

فعندما ذكرت موضوع القرم في سؤالي، لم أذكر تفاصيل الدبابات والمسلحين الذين اصطفوا في الشوارع حين صوت شعب القرم في الاستفتاء على ضم شبه الجزيرة إلى روسيا، وسمي باستفتاء موسكو، لتصبح محتلة من قبلها منذ عام 2014.

لاسؤال قبل الرجوع إلينا!

وبرغم ذلك كان سؤال أوكرانيا له تبعاته، ففي اليوم التالي تلقيت رسالة بالبريد الإلكتروني من مارتينيشيف، طلب مني فيها مسح أي أسئلة في المستقبل يمكن أن تُطرح في البيت الأبيض دون مشاورة المحررين، وإذا كان ليس لدى المحررين سؤال محدد، فيجب ألا أطرح أسئلة مفاجأة، مضيفاً أنه كان عليَّ تحضير أسئلة طارئة في حال سبقنا أحد الصحفيين في طرح السؤال نفسه.

وبدأت منذ ذلك اليوم بإحالة أسئلتي عبر البريد الإلكتروني إلى المحررين، وكان المحررون يرفضون معظم الأسئلة التي أردت طرحها، مستبدليها بأخرى توافق رؤيتهم.

ماذا طلبت سبوتنيك بعد ضربة خان شيخونhttps://orient-news.net/news_images/17_8/1503576282.jpg'>

بعد أسبوع من قصف ترمب لقاعدة جوية تابعة لنظام الأسد بعد هجومه بغاز السارين على بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب، في شهر نيسان، وصلني بالبريد الإلكتروني من مارتينيشيف أسئلة متعلقة بمحادثات السلام السورية ونظرة نظام الأسد إلى مؤتمر بطرسبورغ الاقتصادي، وأرفق مارتينيشيف مقالاً من موقع "روسيا اليوم /RT" القناة الإخبارية الروسية.

كان المقال لبروفسور متقاعد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وفيه عدد من الصور التي كانت برأيه تظهر أن من قام بالهجوم على خان شيخون كانت المعارضة السورية وليس الدكتاتور السوري بشار الأسد، وأشار مارتينيشيف أيضا إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قام بهجومٍ بقذائف تحوي غاز الخردل قرب قاعدة للجيش العراقي خارج الموصل والتي من شأنها، برأيه، خلط الأوراق وتبرأة الأسد. 

وفي إحدى الإحاطات الصحفية اليومية في البيت الأبيض، طُلب إليَّ من إدارة التحرير أن أسأل سبيسر فيما إذا كانت وكالة المخابرات الأمريكية تخطط أن تقوم بمراجعة الإصدارات البديلة والبيانات الجديدة المتعلقة بما ذكره البروفسور في معهد ماساتشوستس من استنتاجات حول هجوم تنظيم الدولة بغاز الخردل.

لم أقتنع ولم أرفع يدي عالياً 

سيسجل لي التاريخ أني لم أرفع يدي عالياً في ذاك اليوم في إشارة لعدم اقتناعي برواية معهد ماساتشوستس، وعندما عدت إلى المكتب، أعرب مارتينيشيف عن خيبة أمله لأني لم أطرح السؤال أمام الكاميرا، وأوضح لي أن موسكو تريد مني أن أتابع سبيسر وأسأله لماذا لم تقم الإدارة الأمريكية بقصف العراق بصواريخ كروز (توما هوك) كما فعلت في سوريا.

بدأت أدرك يقينا بعدها أن مهمة سبوتنيك لم تكن تغطية الأخبار بقدر ما كانت مهمتها تغيير سرد الأحداث لزراعة الشكوك وتقوية الدعاية الروسية التي تستهدف سمعة الولايات المتحدة وحلفائها.

تضليل ودعاية روسية

وكوني أحد العاملين في سبوتنيك، كنت اُنتقد دوما على وسائل التواصل الاجتماعي واُتهم بنشر الدعاية الروسية، ووصل الأمر لدى البعض باتهامي بالخيانة، كنت أدفع دوماً عن نفسي وزملائي.

ولكن في نهاية المطاف، كل الأشياء الصغيرة التي توقعتها حول سبوتنيك بدأت تطفو على السطح، بدأت مشاعر عدم الراحة والقلق تغزوني، وكأني إذا استمريت في العمل سأكون مسهماً بنشر التضليل والدعاية الروسية.

بدأت أبحث في ميادين الصحافة وتاريخها وأسأل الزملاء من ذوي الخبرة خارج سبوتنيك للحصول على المشورة بشأن أفضل ما يجب اتخاذه لتخليص نفسي مما أنا فيه.

وأيقنت أن مخاوفي أصبحت حقيقة وأن الأشياء لم تكن تسير في الوجه الصحيح. 

أسبوعي الأخير أزال كل الشكوك

 

في 22 أيار/ مايو، عقد البيت الأبيض جلسة إحاطة مع مدير الميزانية ميك مولفاني، سألت خلالها عن سبب منع العائلات من ذوي المهاجرين غير الشرعيين من تلقي مساعدات لتربية أطفالهم على الرغم من تمتع الأولاد بالجنسية الأمريكية. وعندها ذكر اسمي أحد كتاب الأعمدة في الواشنطن بوست مما أثار غضب سبوتنيك التي تريد أن يبقى أسماء المراسلين مجهولا. 

كنت قد أرجعت لهم أيضاً بعض الأسئلة السخيفة التي أرادوا مني طرحها في البيت الأبيض، وبت متأكداً أنهم يعرفون بحالتي التي أظهرت أني لست مرتاحاً بالعمل معهم، وكنت أستعد حينها لتنظيف مكتبي وتقديم استقالتي.

 في 26 مايو، دعيت إلى لقاء مع مارتينيشيف ورجل آخر يدعى "ميخائيل سافرونوف"، تحدث بلهجة إنكليزية روسية ثقيلة، وقدم نفسه لي على أنه رئيس مكتب "سبوتنيك واشنطن"، مع أني لم أره يطأ بقدميه مكتب سبوتنك يوماً.

في اللقاء طلب مني مارتينيشيف أن أبدأ بالحديث عن قضية "سيث ريتش" عندما يعود الرئيس الأمريكي من أوروبا.

سيث ريتشhttps://orient-news.net/news_images/17_8/1503576344.jpg'>

كان سيث ريتش موظفاً في اللجنة الوطنية الديمقراطية الأمريكية، وقُتل في منزل بالقرب من واشنطن العاصمة. وفي حين تقارير الشرطة أنها لم تكن قضية سياسة، وإنما حادثة سلب، أصرت الكثير من شخصيات اليمين الأمريكي المتطرف بأن ريتش قُتل لعلاقته بتسريبات "ويكيليكس" المتعلقة بالانتخابات الأمريكية لعام 2016. 

سألت نفسي حينها هل كان طلبهم اختبارا؟ فلا يمكن لمارتينيشيف أو لسافرونوف أن يعتقدا أن هذه كانت قصة شرعية أو يمكن السؤال عنها، لاسيما أن فوكس نيوز تراجعت عما ذكرته حولها قبل عدة أيام.

أجبت بأنني لم أكن مرتاحا لطرح الأسئلة أو الكتابة عن شيء من هذا القبيل عندما لم يكن هناك أساس واقعي مطلقا للقيام بذلك، ولكن هذه القصة خدمت غرضاً، لن تسمح سبوتنيك لقطاره أن يفوتها، وعندها كان يمكن لقراء سبوتنيك أن ينقلوا تركيزهم من القراصنة الروس الذين قيل إنهم تدخلوا بالانتخابات الأمريكية الأخيرة. 

لست خاسراً

كانت قضية سيث ريتش القشة التي قصمت ظهر البعير، قلت لنفسي حينها، لم أعد أستطع الاستمرار في العمل هناك، فأجاب مارتينيشيف في هذه الحالة سنقوم بإنهاء العقد الخاص بك، على الفور، وفتح درج مكتبه ليقدم لي ورقة كي أوقع فيها استقالتي.

سألت فيما إذا كنت قد طردت من عملي بسبب رفضي السؤال عن الأكاذيب، أم أن هناك سبب آخر، ولكن لم يوضح لي أي من الرجلين سبب يذكر.  

حزمت حقيبتي وشعرت كما لو أن جبالاً من الهموم وضعت عن كاهلي، وغادرت مكتب سبوتنك لآخر مرة. 

لقد كانت سبوتنيك وسيلة لدفع أجندة الحكومة الروسية العدائية من خلال القضاء على سمعة الدول الأخرى، اعتقدت أن سبوتنيك أرادت مني أن أكون صحفي، ولكن ما أرادوه هو قشرة الصحافة لدفع أجندة خاصة بهم. لن يخدعني أحد مثل مارتينيش في الحديث إليه مرة أخرى. 

لم أعد أعمل في سبوتنك وأقولها بفم ملآن "أنا لست خاسراً، أنا لست خاسراً، أنا لست خاسراً".

التعليقات (2)

    محمود الخطيب

    ·منذ 6 سنوات 7 أشهر
    بطبيعة الحال السي ان ان وسكاي نيوز تنشر اخبارها على حسب اهواء امريكا و انتم تنشرون اخباركم حسب اهواء تركيا فكيف تتهمون سبوتنك وانتم اكثر منها تطرفا

    حسن

    ·منذ 6 سنوات 7 أشهر
    انا ارى ان الصحافة..المزيفة..هي احد مفرزات..الواقع الجديد..الذي فقد حقوق الانسان..والذي اصبحت فيه لاعبون مثل روسيا وايران..حيث..انتهكت..الانسانية..لكن السؤال الاهم..ماذا..في الغد..وخاصة في الموضوع الاسرائيلي..هل حقيقة روسيا..مع حقوق العرب...استطيع ان اجزم..ان تحالف ايران مع روسيا..سنتحول..الى عامل عدم استقرار..في سورية والعراق ولبنان...
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات