العلاقة بين النووي الإيراني ومجزرة الكيماوي في خطابات أوباما

العلاقة بين النووي الإيراني ومجزرة الكيماوي في خطابات أوباما
"الشعب السوري له الحق في أن يعيش بعيداً عن قبضة دكتاتور يفضل قتل شعبه على التخلي عن السلطة. يجب على الأسد أن يرحل، عندها سيبدأ مستقبل سوريا"، هكذا كان خطاب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قبل الاتفاقية النووية مع إيران التي كان لها ما لها من نتائج كارثية على الشعب السوري.

بعد المجزرة بـ 10 أيام

قبل الاتفاقية النووية، وبالتحديد بعد مجزرة الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد في الغوطة الشرقية بعشرة أيام، أي في 31 آب سنة 2013، خرج أوباما في خطاب تبنى فيه كل القيم والأخلاق والمثاليات الأمريكية في تعقيبه على مجزرة الكيماوي المريعة قائلا "قبل عشرة أيام، شهد العالم برعب كيف قُتل الرجال والنساء والأطفال في سوريا في أسوء هجوم بالأسلحة الكيميائية سجله القرن الحادي والعشرون".

QeYDhMmVLXI

لم يكن هجوم نظام الأسد بالأسلحة الكيماوية هجوماً على السوريين العزل فحسب بل كان بحسب الكثير من المتابعين هجوماً على الكرامة الإنسانية وخطراً جسيماً على البشرية، حيث شاهد العالم بأم العين المستشفيات الميدانية في غوطة دمشق تغص بالضحايا، وظهرت صور فظيعة لما يزيد عن 1400 سوري، كلهم قتلوا بساعة واحدة بالغاز السام من قبل نظام الأسد.

استكمال السيناريو

وبعد مداولات وصفها أوباما بـ "الدقيقة" قرر أن الولايات المتحدة يجب أن تتخذ إجراءات عسكرية ضد أهداف لنظام الأسد رداً على المجزرة التي تعدت الخط الأحمر الذي رسمه، وكان أوباما واثقاً من أن نظام الأسد هو المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وهكذا يكون عمله العسكري رادعاً لهذا النوع من السلوك ونهاية نظام القتل في دمشق، كما ظن مراقبون.

NfLaLshvW3s

واستكمالاً لأجواء الحرب التي دق طبولها أوباما قال "نحن الولايات المتحدة الأمريكية ولا يمكننا ولا يجب أن نغض الطرف عما حدث في دمشق. فنحن أنشأنا نظاماً دولياً وفرضنا قواعده التي أعطت معناه. من بين رماد الحرب العالمية، نعتقد أن حقوق الأفراد في أن يحيوا بسلام وكرامة قائمة على مسؤوليات الأمم".

وأبلغ رئيس الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال "مارتن ديمبسي" أوباما أن الجيش الأمريكي بات على استعداد لشن ضربة عندما يتم اختيار الزمن الذي ربما يكون غدا، أو الأسبوع المقبل، أو بعد شهر واحد وفقا لقرار أوباما، وكانت لهجة الرئيس الأمريكي توحي أن الضربة واقعة لا محالة.

وانشغل العالم بحسابات ما بعد الضربة وآثارها المتوقعة على نظام بشار الكيماوي، بل ولوحظ حركة مريبة في فروع أمن النظام التي بدأ عناصرها بإخلاء مقارهم ملتجئين إلى المدارس، مثل مدرسة "نهلة زيدان"،في  طلعة الأسكان من مزة دمشق، التي أصبحت ملاذاً للشبيحة. وأُغلقت الطريق من الأستراد إلى طلعة مساكن 14 ومنع أي شخص من الاقتراب.

إطلاق يد إيران

 فجأة تغير خطاب الرئيس الأمريكي مغيراً معه مصلحة الأمن القومي الأمريكي وكأنه رفع سقف المطالب بإعلانه الحرب لغاية في نفس يعقوب، وهنا يبرز ما كان يصبو إليه منذ البداية؛ الملف النووي الإيراني. 

وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر من عام مجزرة الكيماوي، خرج بارك أوباما في خطاب سمته الصحافة الأمريكية "خطاب إيران" بعد أن حصد ثمار تصعيده بادعائه استخدام القوة ضد نظام الأسد. فاختلفت اللهجة وغلبت نبرة المصلحة الأمريكية التي نجحت بحسب المراقبين في تأجيل القنبلة النووية الإيرانية مقابل سكوت الولايات المتحدة عما تقوم به ميليشيات المرتزقة الإيرانية في سوريا. 

أُطلقت يد إيران في المنطقة، وقال أوباما يومها، ناسفاً كل الخطابات والقيم الإنسانية التي صدع بها رؤوس سامعيه: "اليوم، اتخذت الولايات المتحدة - جنباً إلى جنب مع حلفائها وشركائها المقربين - خطوة أولى هامة نحو حل شامل يعالج قلقنا إزاء البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية. ومنذ أن توليت منصبي، أوضحت عزمي على منع إيران من الحصول على سلاح نووي. وكما سبق لي أن قلت مرات عديدة، فإنني أفضل حل هذه المسألة سلمياً، وقد مددنا يد الدبلوماسية".

 emQGKQ6D0sE

قناعة أوباما!

استمرت مفاوضات كيري ظريف لأكثر من سنتين. لا أحد يعلم عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها نظام الأسد على السوريين خلالها، ولا عدد المجازر التي ارتكبها مرتزقة حسن نصر الله وقاسم سليماني في سوريا. 

وبعد انتهاء المفاوضات التي وصفت بالمشؤومة، خرج أوباما في الثاني من نيسان/أبريل 2015 يضحك ملء شدقيه معلناً التوصل إلى اتفاق بشأن النووي الإيراني قائلا: "اليوم، توصلت الولايات المتحدة إلى تفاهم تاريخي مع إيران، التي إذا نُفذت بالكامل، ستمنعها من الحصول على السلاح النووي، وبصفتي الرئيس والقائد العام للقوات الأمريكية، ليس لدي مسؤولية أكبر من أمن الشعب الأمريكي، وأنا مقتنع بأنه إذا تم هذا الاتفاق بإطاره النهائي والشامل، فإنه سيجعل بلدنا وحلفائنا وعالمنا أكثر أمانا."

kVIxURU9kbA

تمويل غربي لمرتزقة إيران في سوريا

ورأى كثير من المراقبين أن الاتفاقية النووية بينَ الغربِ وإيران جاءَت على حسابِ دم الشعبِ السوري، حيث نقلت الأموال الإيرانية المجمدة مباشرة من البنوك الأوروبية والأمريكية إلى العاصمة الإيرانية وأصبحت الحوالات المالية التجارة الأكثر ربحاً، حيث افتتحَت مكاتب الحوالات النقديةِ بين طهرانَ وما بقي من شوارعِ دمشق المحتلة، ذلك لإكمال مشروعِ قتل السوريِين في إدلب ودوما والرستن وسائر المدن السورية بتمويل غربي، حيث ينص أحد بنود الاتفاقية النووية على رفع الحظر عن أموال طهران المجمدة في البنوك الغربية. 

كان إطلاق يد إيران في سوريا مقابل تنازلها عن الملف الإيراني واضحا في عيون الكل حتى هواة السياسة، أما عالم أوباما الأكثر أمانا فكان في زيادة البراميل المتفجرة على رؤوس السوريين. 

نعم، الشعب السوري له الحق في أن يعيش بعيداً عن قبضة دكتاتور يفضل قتل شعبه بدلاً من التخلي عن السلطة. يجب على الأسد ورجاله أن يحاسبوا، عندها سيبدأ مستقبل سوريا الحقيقي بعيداً عن أوباما وخطاباته.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات