خط تهريب الآثار السورية.. داعش يبيع والأمريكيون يشترون والقصف مستمر!

خط تهريب الآثار السورية.. داعش يبيع والأمريكيون يشترون والقصف مستمر!
في تقرير مطوّل عن تهريب الآثار السورية، تعرض صحيفة وول ستريت جورنال كيف كان تنظيم الدولة يعقد الصفقات مع المشترين الأوروبيين والأمريكيين والروس عبر وسطاء وتجار. كما يظهر التقرير، الذي ترجمته أورينت نت، الطرق التي تسلكها الآثار السورية المنهوبة. بيد أن التقرير اكتفى بتغطية أفعال التنظيم ولم يتطرق إلى ما فعله ويفعله نظام الأسد قبل الثورةوبعدها من نهب للآثارالسورية والإتجار بها.

70 عاماً

 سيل الآثار المنهوبة من سوريا والعراق الذي يصل إلى محبي وجامعي الفن في أوروبا وأمريكا يعتمد على رجال ووسطاء يتاجرون بما ينهب تنظيم الدولة من الآثار والأنتيكات والأحجار الكريمة.

ويقول الوسيط "محمد الحاج الحسن"، 28 عام، إنه بدأ في تجارة الآثار عام 2015 بعد أن اتصل به مسؤول كبير في تنظيم الدولة، ساعياً للاستفادة من خبرته في تجارة الآثار للعثور على مشترين غربيين، الأمر الذي جعل منه لاحقاً صلة الوصل في حلقة دولية لتهريب الآثار المنهوبة.

وعلى الرغم من أن قبضة داعش تتلاشى سريعاً في العراق وسوريا، إلا أن إرث المجموعة من النهب سوف يستمر لسنوات قادمة، حيث يقول خبراء إن تجارة التماثيل القديمة والمجوهرات والقطع الأثرية هذه ستستمر كما استمرت أعمال النهب لسبعين عاماً بعد انتهاء النازية.

ويقول مايكل دانتي، عالم الآثار الذي يقدم المشورة لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن نهب الآثار في سوريا إن الآثار تدخل سوقاً رمادياً تحيطه السريَّة بمجرد نهبها في سوريا والعراق، مضيفاً "إنها مشكلة ستبقى معنا لسنوات قادمة".

ويتوقع مسؤولو الأمن الغربيون أن تصبح عائدات الآثار المنهوبة من العراق وسوريا مصدراَ متزايد الأهمية للتمويل الذي يتخذه تنظيم الدولة "داعش" بديلاً إذا استمرت الإيرادات الأخرى، كالنفط، في التضاؤل.

تهريب دولي

هذا وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد أجرت مقابلات مع تجار سوريين، ومنشقين مؤخراً عن داعش كانوا يعملون في الآثار، وأجرت مقابلات أيضاً مع مسؤولين عن تطبيق القوانين في الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وبلغاريا لتتعرف من كثب إلى الطريقة التي تتم فيها عمليات التهريب الدولية.

ووفقاً لوصف بعض المتاجرين فإن قطعهم المهربة تجد طريقاً من المواقع الأثرية في العراق وسوريا، عبر الحدود مع تركيا ولبنان، إلى المستودعات في أوروبا وآسيا كي تباع لمن يرغب في شرائها من التجار الغربيين.

في الشهر الماضي، كان تاجر الآثار الأمريكي هوبي لوبي، صاحب متجر الآثار في أوكلاهوما سيتي، قد سوّى ما عليه من قضايا لدى الحكومة الأمريكية بدفع غرامة وصلت إلى 3 ملايين دولار وتسليم التحف التي كان يعتقد أنها سرقت عام 2010 وتم تهريبها من العراق. ورداً على الادعاءات المتعلقة بوجود مواد منهوبة، قال لوبي إنه سيسلم القطع الأثرية ويدفع الغرامة وسيعتمد إجراءات جديدة لشراء الممتلكات الثقافية.

نحن بحاجة إلى مشترين أوروبيين

وقال الحسن وتاجر سوري آخر "عمر الجمعة" إنهما وافقا على التحدث إلى "وول ستريت جورنال" للتنديد بـ "داعش" وللفت الانتباه إلى دور الجماعة في تجارة الآثار.

ومثل غيرهم من المتورطين في تهريب الآثار، يتاجر الحسن باسم مستعار، حيث قدم نفسه باسمه التجاري "محمد العلي" في مقابلة وول ستريت جورنال المصورة في أيار من عام 2017 عن الفن المنهوب.

كان الحسن يدرس في اللغة الإنكليزية قبل انطلاق الثورة السورية، وبدأ بدراسة الآثار في وقت فراغه، وكان مصدر إلهامه في هذه الدراسة أحد أصدقاء والده، كما أخبر الصحيفة، وتعمقت معرفته في هذا المجال عندما تمكن الجيش السوري الحر من تحرير منطقته في شرق سوريا عام 2013 ، حيث بدأ في التنقيب عن الآثار بانتظام لصالح مجموعة كان يعمل معها.

وعندما سيطر تنظيم "الدولة" على المنطقة في حزيران 2014، قال الحسن إنه تم إلقاء القبض عليه مع غيره من الشبان من قبل داعش، واتهموا بالتعاون مع الجيش السوري الحر، ويروي الحسن أنه كان معصوب العينين مع أربعة من أصدقائه، وتمت تصفية جميع من في المجموعة برصاصة في الرأس، باستثناء الحسن الذي تم إخباره من قبل التنظيم بأنهم ليس لديهم أي دليل على علاقته بالجيش السوري الحر.

وبعد عام واحد، قال الحسن، إنه تلقى اتصال من  "أبو ليث الديري"، القيادي في داعش والمسؤول عن تنقيب وبيع الآثار التي نهبتها المجموعة الإرهابية، وينقل الحسن ما قاله الديري بالحرف عبر الهاتف: "لدينا الكثير من الأشياء، أنا بحاجة إليك لتجد لي مشترين أوروبيين".

ومن الجدير ذكره أن داعش يستولي  على آثار من سوريا والعراق عبر منح تراخيص التنقيب للسكان المحليين، وغالباً ما يشرف على عملية الحفر كادر من عناصر التنظيم الأجانب الذين يعدهم التنظيم أكثر ولاءً من السكان المحليين.

لمشتر روسي

وتشتري شبكة من الوسطاء المستقلين قطعا أثرية من داعش وتحملها من سوريا والعراق، وتكون مخفية في الصادرات مثل القطن والفواكه والخضراوات، كما يقول مسؤولون غربيون وتجار داعش المختصون بالآثار. 

وقال الحسن إنه باع مؤخراً اثنين من الأناجيل الأثرية التي نهبها تنظيم داعش من موقع في شرق سوريا إلى مشتر روسي في مدينة في جنوب تركيا بمبلغ 10 آلاف يورو، مضيفاً أن الروس قاموا بعد ذلك بتهريب الأناجيل من تركيا بإخفائها في شاحنة الخضراوات، وأضاف الحسن بأنه احتفظ بعمولة 25٪ وأعطى الباقي للتاجر الذي جلب القطعة إلى تركيا.

وكما هو الحال مع الحسن، فإن جمعة لديه أسبابه ليكره تنظيم الدولة، حيث سجنه داعش عام 2014 بعد أن هاجم جمعة أحد عناصره الذين رفضوا السماح له الذهاب إلى دمشق لعلاج ابن عمه الذي أصيب بحرق شديد في هجوم جوي قامت به طائرات نظام الأسد، سُجن حينها لدى التنظيم وكان أحد السجانين يضع سكين مطبخ كبير على حلقه مهددا إياه بالذبح كل صباح.

وقال السيد جمعة، الذي كان طالبا في القانون عندما اندلعت الحرب: "لا أشعر بالسعادة لبيع تاريخنا، ولكني كنت بحاجة إلى المال". 

وعلى الرغم من أن داعش يخسر على الأرض، إلا أن نشاطه يحقق ربحاً جيداً لأن الكثير من القطع التي نهبها التنظيم يتم التداول بها، وفي الأسبوع الماضي، قال أحد التجار الذي رفض ذكر اسمه، إنه اجتمع مع أربعة رجال لبنانيين اتصلوا به عبر الـ"واتس أب" وأرادوا شراء قطع من الزمرد التي جاءت من الموصل عام 2014، طلب الرجل مبلغ 600.000 دولار ثمناً لذاك الحجر الثمين بيد أن المفاوضات باءت بالفشل.

يمولون من يتعهد بتدميرهم!

ويقول المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون إن تهريب القطع الأثرية يتم من العراق وسوريا إلى تركيا أو لبنان، ومن هناك يمرون عبر دول جنوب شرق أوروبا مثل بلغاريا ورومانيا  ليصلوا أوروبا الغربية، وخاصة ألمانيا وسويسرا.

وقامت الشرطة البلغارية بتفتيش شحنة من الملابس من مكان لم يكشف عنه، واكتشفت عملات قديمة مثبتة كأزرار على السترات، وفقا لتقرير صدر في كانون الأول الماضي عن وحدة الجريمة المنظمة بوزارة الداخلية البلغارية.

في آذار 2016، ضبطت الشرطة في باريس قطع مسروقة من مذبح رخامي عبرت من لبنان إلى تايلند، وقال مسؤولو الجمارك الفرنسيون إن القطع الأثرية خرجت في المنطقة الوسطى من وادي الفرات، والتي تمتد من سوريا والعراق، التي كان يسيطر عليها داعش،وشرح حينها مسؤولون أمنيون فرنسيون مطلعون إنه يتم شحن القطع عبر آسيا للمساعدة في إخفاء الوجهة النهائية في الولايات المتحدة، حيث قامت السلطات الفرنسية بتقفي أثر مرسل أحد الشحنات فوصلت إلى عنوان في لبنان، لكنها لا تزال تحاول العثور على هوية المتاجر.

ونقل تقرير بلغاري عن وجود حوالى 20 معرضاً فنياً رئيسياً ومنزلاً تجارياً في مدن أوروبية غربية كلها تعرض قطعاً مهربة، دون أن أن يأتي التقرير على ذكر أسمائها، وقالت  "فانوسي" للكونغرس في نيسان الفائت "إن المشترين المستهدفين في التجارة هم، من المفارقات، عشاق التاريخ والفن في الولايات المتحدة وأوروبا وممثلو المجتمعات التي تعهدت داعش بتدميرها".

ومن الجدير ذكره أن مكتب التحقيقات الفيدرالي خصص مكافأة تبلغ 5 ملايين دولار لمن يدل على معلومات عن القطع المنهوبة القادمة إلى الولايات المتحدة من سوريا والعراق. لم يتقدم أحد للمطالبة بمكافأة، كما يقول مسؤولو تطبيق القانون.

التعليقات (2)

    التاجر

    ·منذ 6 سنوات 8 أشهر
    لا يمثل دولته ..

    هيثم

    ·منذ 6 سنوات 8 أشهر
    ايمت النزلة حد أقصى للنزول إلى سوريا شقد اقصر مدة شقد
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات