صحيفة أمريكية.. لهذا ستكون النهاية عقيمة لواشنطن في سوريا

صحيفة أمريكية.. لهذا ستكون النهاية عقيمة لواشنطن في سوريا
كل شيء يدل على تمسك الولايات المتحدة بميليشيات "قسد" رغم تبعيتها لتنظيم "Pkk" التركي والمصنف "ارهابياً"من قبل الولايات المتحدة وتركيا، وبذلك تضع واشنطن علاقتها بأنقرة على المحك حيث تعتبر الأخيرة تنظيم "PKK" والتابعين له من ميليشيات في سوريا خطراً على أمنها. 

الاستخدام الأساسي لميليشا قسد كما عبر عدة مسؤولين أمريكيين هو محاربة تنظيم "الدولة \\ داعش" وأبقت واشنطن مستقبل علاقتها بهذه الميليشيات معلقاً دون التزام واضح مما يعني أن حربها على داعش ستنتهي مع إخراج التنظيم من المدن التي يتواجد فيها ويطرح "سام هيلر" في صحيفة "فورين أفيرز" سؤالاً عن استراتيجية الولايات المتحدة في "حربها" على داعش ومستقبل وجود، الولايات المتحدة، في سوريا حيث يرى أن تحالفات واشنطن تحكم على جهودها في سوريا منذ الآن بالفشل. 

المعركة لن تنتهي عند الرقة

يبدأ سام هيلر مقالته بتذكير القراء بالرابع من يوليو/تموز، حين اقتحمت ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية \\ قسد) مدينة الرقة القديمة، وبالرغم من أن القتال في تلك المدينة لم تعلن نهايته بعد وسيظل عنيفاً ودموياً، إلا أن نتائجه ستكون حجر الزاوية في العلاقة بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وقسد.

ويتابع هيلر، إن المعركة ضد داعش لن تنتهي بتحرير الرقة ولن تنتهي معها التزامات الولايات المتحدة في سوريا أيضاً، إن نهج واشنطن في محاربة التنظيم في سوريا، وخاصة اعتمادها على الشريك "الكردي" Pkk ، قد منحها انتصاراً سيدوم إذا بقيت الولايات المتحدة على التراب السوري، ولكن عند النظر إلى ما بعد الرقة والحملة المباشرة ضد داعش، فإن الصورة ستكون مقلقة، فقد نصَّبت الولايات المتحدة نفسها على وجود غيرِ محدود في شمال شرق سوريا، في وسط غير مستقر دون وجود جدول زمني للانسحاب من البلاد.

شراكة وظيفية

إن قسد هو تجمع لعدة ميليشيات تقودها ميليشيا "وحدات حماية الشعب YPG"، التي أقام التحالف معها شراكة تكتيكية ضد داعش منذ عام 2014. وفي عام 2015، ساعد الجيش الأميركي في إعادة تسمية YPG وحلفائها الأصغر حجماً لتصبح "قسد"، فيما بدا تبريراً لتقليل الجدل الذي يحيط تلك القوات، حيث أن YPG مرتبطة ارتباطاً وثيقا بـ"حزب العمال الكردستاني PKK" التركي الذي يشن تمرداً منذ عقود على الحكومة المركزية في تركيا، حليفة واشنطن والناتو. 

وأصرت إدارة أوباما، في خطوة كانت تقرأ كطمأنة لتركيا، أنها لم تزود إلا العناصر العربية غير المثيرة للجدل بالأسلحة، إلا أن هذا لم يجعل من تركيا راضية، فقد فهم المسؤولون الأتراك والأمريكيون على حد سواء أن هذه الوحدات العربية كانت فقط رديفة لقسد، جاء بعدها أيار/ مايو، من هذا العام حين أعلنت إدارة ترامب أنها ستسلح قسد بطريقة مباشرة لا لبس فيها في معركة الرقة.

وكانت شراكة واشنطن مع قسد شراكة وظيفية حيث لم يكن هناك بدائل في وجهة البنتاغون الذي استبعد قوات الجيش الحر التي تدعمها تركيا.

ويبقى الغموض محيطاً بما ستفعله الولايات المتحدة عندما تبدأ عمليات القتل والانتهاكات وما سيحدث حينها لشراكتها مع قسد، وهنا تجدر الإشارة إلى وصف مسؤول وزارة الخارجية جوناثان كوهين علاقة واشنطن مع قسد بأنها "مؤقتة وتكتيكية" أثناء جلسة العلاقات الأمريكية التركية في مايو/أيار المنصرم. أما في يونيو/ حزيران، فكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "هيذر نويرت" قد وصفت العلاقة مع قسد بغير الملزمة، مضيفة أن الولايات المتحدة ترى أن قسد هي "أفضل قوة لاستعادة السيطرة على الرقة"، ورفضت الدخول في افتراضات حول المستقبل. وقد أعطى وزير الدفاع جيم ماتيس إشارات مختلطة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل تسليح وحدات حماية الشعب بعد معركة الرقة.

وقامت الولايات المتحدة باستثمار محدود في برامج تثبيت الاستقرار في المناطق التي استولت عليها قسد من داعش، لكنَّ المسؤولين الأمريكيين أكدوا أيضاً أنهم لن يستثمروا في إعادة الإعمار على نطاق واسع دون أن تكون هناك تسوية سياسية ذات مصداقية في سوريا.

https://orient-news.net/news_images/17_7/1500645473.jpg'>

هل هو طريق للسلام؟

ونُقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن هدف الولايات المتحدة هزيمة داعش، وليس تعزيز المشروع السياسي لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي PYD"، فرع PKK في سوريا، أو الحصول على ملكية دائمة لجزء من سوريا، لكن واشنطن، على ما يبدو، لا يمكن أن تعلن النصر وتدير ظهرها.

إذا أنهى البنتاغون معركة شمال شرق سوريا فجأة، فإن تركيا ستهاجم، على الأقل تلك المناطق، هذا ما قاله المسؤولون الأتراك لصاحب المقال. وإذا ما تم هذا فإن الاضطراب من شأنه أن يسبب ضرراً جسيماً لكل من تركيا وقسد، ومن المؤكد أن مثل هذه الفوضى ستعطي داعش فرصة لاستعادة مكاسب التحالف بقيادة الولايات المتحدة وعكس اتجاهها.

من الممكن تصور ترتيب تسوية بين نظام الأسد وPYD يمكن أن يجلب قوات النظام والقوات الإقليمية ذات الصلة إلى توازن تقريبي يسمح للولايات المتحدة بالخروج، أما قسد، على عكس المعارضة السورية، فقد وضعت عمداً طموحاتها السياسية دون عتبة تغيير النظام، ونتيجة لذلك، فإنها حافظت على علاقة وظائفية مع نظام الأسد، وظلت المناطق الخاضعة لها وتلك الخاضعة لسيطرة النظام متشابكة مؤسسياً واقتصادياً. 

كيف تريد روسيا استخدام قسد؟

من الناحية النظرية، يمكن مواءمة نظام الأسد وPYD والمواقف التركية تقريباً من خلال اتفاق بين PYD والنظام يحافظ على بعض الحكم الذاتي المحلي في المناطق الخاضعة له مع ضمان السلامة الإقليمية لسوريا وإعادة إدخال نظام الأسد بشكل كاف  لتخفيف مخاوف تركيا. وحتى لو اعترضت تركيا على ذلك، فإن الاتفاق يمكن ان يضع قوة أسدية روسية مشتركة على الحدود مع تركيا، الأمر الذي لن يجعل تركيا ميالة لمهاجمته وفقاً لرأي صاحب المقال.

ولكن من الناحية العملية، يبدو ذلك غير مرجح على المدى القريب، إن انفراج النظام الحالي مع قسد يبدو بعيداً جداً عن اتفاق موضوعي كامل، حيث أخبر مسؤولون "أكراد" سام هيلر أن المفاوضات التي ترعاها روسيا بين الطرفين لم تتجاوز حبر محضرها. 

لقد ألقى مسؤولو قسد باللوم على نظام الأسد، الذي رغم مرور ست سنوات من الحرب، لا يزال مبالغا وغير منطقي ويرفض الاعتراف بما يصفونه "حقوقهم". ناهيك أن قسد غير مستعدة أيضا لتقديم تنازلات، ويبدو من غير المرجح اتخاذها خيارات صعبة طالما تُدعم من قبل الولايات المتحدة.

https://orient-news.net/news_images/17_7/1500645492.jpg'>

 

الغموض يلف موقف الولايات المتحدة عند ارتكاب تجاوزات

عدم وجود اتفاقية يعني وجوداً أمريكياً مفتوحاً شمال شرق سوريا، وسيبقي تقسيم البلاد، بحكم الأمر الواقع، سوريا وجيرانها في فوضى لامحدودة، في هذا السيناريو، ستصبح الولايات المتحدة ضامنة لـ"دولة" نصف "كردية سورية" تعطل واختلط فيها كل شيء. 

هذه "الدولة" سيكون لها الحد الأدنى من المؤسسات والخدمات التي ترعاها الولايات المتحدة ولكن القليل جداً من الاستثمارات للتطوير والازدهار، وستفتقر إلى روابط اقتصادية وظيفية مفتوحة مع جيرانها، بما في ذلك اقليم كردستان العراق. 

وللحفاظ على السلام الإقليمي، سيتعين على واشنطن أن تناشد باستمرار تنظيم PKK عدم مهاجمة تركيا، والتي بدورها ستكون محرضة دائما. ومع أن وجود الولايات المتحدة يثنيها عن التدخل في شمال شرق سوريا، فقد نقل أحد المسؤولين الأتراك إلى صاحب المقال تحذير حكومته بانه إذا قام PKK أو جماعاته المنشقة بهجوم في تركيا، فسترد تركيا بقصف أهداف YPG داخل سوريا، وفي نهاية المطاف، قد يصاب أو يقتل الأمريكيون المنضمون إلى PYD و YPG، مما يهدد التحالف الأمريكي التركي ويسبب خسائر بشرية.

طريق مسدود

عند هذه النقطة، قد يكون هذا التقسيم أفضل نتيجة متاحة، لكنه لن يكون جيداً بأي مقياس موضوعي. فقد دخلت الولايات المتحدة طريقها الاستراتيجي في شراكة مع قسد، وهذا يحتاج للبحث عن الخروج، وعلى وجه الخصوص، ينبغي لواشنطن أن تدرس، بجدية، التنسيق الممكن مع موسكو، وهنا ينقل مسؤول في قسد لصاحب المقالة تصريحات مفادها إن روسيا تحاول بالفعل أن تتكئ على YPG لزيادة مناطق نفوذ النظام في الجيب الكردي شمال غرب سوريا خارج المظلة الواقية للولايات المتحدة في الشمال الشرقي، قد تكون روسيا قادرة على مساعدة نظام الأسد وقسد في التوصل إلى حل توفيقي غير مرضي ولكنه مفيد، والذي يجعل روسيا ضامنا له.

إن الانتصار على تنظيم الدولة يعني اقتلاع الجماعة من أراضيها الأساسية، وتحييد تهديدها للنظام الإقليمي، وتعطيل قدرتها على العمليات الخارجية، وبعد ذلك يكون الوضع المثالي بترك الوضع الذي لا ينذر بتفجير كل شيء.

واشنطن بحاجة للبدء في صياغة استراتيجية للخروج من شمال شرق سوريا. دون تلك الصياغة، فإن الانتصار على تنظيم الدولة قد يعني صب القوات والموارد والمصداقية الأمريكية في ثقب أسود من عدم الاستقرار الإقليمي إلى الأبد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات