عمالة الأطفال في ريف حمص الشمالي.. الحرب تطحن جيلاً كاملاً

عمالة الأطفال في ريف حمص الشمالي.. الحرب تطحن جيلاً كاملاً
تنعكس آثار الحروب والحصار على المجتمعات المدنيّة في الداخل السوري، فتزيد من معاناته وتستهدف أضعف فئاته وهم الأطفال الفئة الأكثر تضرراً، لتحصد هذه الفئة آثاراً سلبية من النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية والتعليمية.

60 ألف طفل بريف حمص الشمالي

وتنتشر في ريف حمص الشمالي الذي يعيش به أكثر من 60 ألف طفل، ظاهرة عمالة الأطفال، التي نتجت بسبب الظروف الصعبة التي خلفها الحصار، بالإضافة للحالة الاقتصادية السيئة التي تعاني منها العائلات، فيخرج الأطفال ليكونوا عوناً لعوائلهم في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار وقساوة الحصار، حيث أصبح شائعاً وبكثرة عمل الأطفال بشتى المراحل العمرية حتى الذين لم يبلغوا السبعة أعوام، يترافق هذا الأمر مع انقطاعهم المستمر عن التعليم والمدارس. 

التقت "أورينت نت" الطفلين الشقيقن "علي وعبدالقادر" لم يتجاوزا الحادية عشرة من العمر، تركا مدرستهما والتحقا بعمل والدهما في إصلاح وغسيل الدراجات النارية منذ عامين لمساعدة والدهما بمصروف منزلهما، بعد أن تركا مدرستهما المدمرة، إثر انقطاعهما عنها بعد استهدافها.

أما "حسين" الذي يبلغ خمسة عشر عاما من مدينة الحولة قال "تركت مدرستي لألتحق بعمل شاق في تصنيع حدادة الأبواب والنوافذ منذ ثلاثة أعوام، وبدأت أعمل لحاجتنا للمال، على الرغم من خطورة هذا العمل وآلاته، ولكن هذا ما أتيح لي".

"أحمد" ابن الاثني عشر عاما من مدينة الرستن وابن أسرة ليس بها معيل وجد نفسه رجل المنزل ووقعت أعباؤه عليه فتفرغ لبيع المثلجات في الصيف والفول الساخن في الشتاء، ليعين والدته الأرملة وأخوته الأيتام.

غياب الضوابط والقوانين الناظمة

بدورها "مها أيوب" مديرة مكتب رعاية الطفولة والأمومة في مدينة الرستن تحدثت لـ "أورينت نت" عن انتشار عمالة الأطفال بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بسبب الفاقة الشديدة والتشرد والبطالة والكثير من المعاناة التي تعاني منها العوائل والأسر في المناطق المحاصرة، إضافةً لفقدان المعيل، ما أجبر الكثير من الأطفال لأن يخرجوا ويساعدوا أسرهم ويكونوا معيلين لها رغم صغر سنهم، واختيارهم أعمال ومهن لا تتوافق مع طفولتهم كالأعمال الحرة من حدادة ونجارة وتصليح سيارات وإطارات وبيع للبنزين والفيول.

وقالت "أيوب" "إن هذا الأمر يؤثر على مستقبل الطفل ويبعده رويداً رويداً عن طفولته ومدرسته وحياته الطفولية، وقد يؤدي لفقدانها وفقدان أبسط أمورهم الحياتية.

وأردفت مديرة مكتب رعاية الطفولة والأمومة في مدينة الرستن "إن العمالة عند الأطفال تجعلهم يتعلمون أشياء سيئة كالكذب وعدم الأمانة والغش والمكر وأشياء لا تليق بالطفولة، وسط سوق عمل لا يوجد به ضوابط وقوانين بسبب الحرب، وهذه الأمور تنعكس على نفسيتهم وحياتهم في المستقبل".

فئة الأطفال الأكثر تأثراً بالحرب

وقد ظهرت العديد من آثار الحرب على فئة واسعة من الأطفال زادت معاناتهم، ترافقت مع غياب جليّ لبرامج الدعم الصحي أو النفسي أو وجود كوادر مؤهلة للتعامل معهم، في ظل شح للموارد المالية عن المناطق المحاصرة.

وهذا ما أكدت عليه أيضاً "أيوب" بقولها "إن الفئة العمرية الأكثر تأثراً من الحرب هي فئة الأطفال الذين مازالوا بالمراحل الأولى من حياتهم إلى عمر اثنا عشر عاماً، فهؤلاء لم يشعروا بطفولتهم أبداً ولم يميزوا بين حياة الحرب والحياة الطبيعية، لأنهم لم يعرفوا الحياة الطبيعية بعد، ولم يشعروا أو يعيشوا إلا في ظروف القصف والحرب والخوف وهذا ينعكس سلباً على حياتهم في المراحل العمرية الأخرى.

وأضافت مديرة مكتب رعاية الطفولة والأمومة في مدينة الرستن "ما يقدم للأطفال ليست سوى أشياء بسيطة وعلى الهامش، لكنها تعتبر أفضل من العدم، خاصة مع انتشار برامج الدعم النفسي ودعم الطفل وترفيهه، والتي تحاول أن تعيد للأطفال طفولتهم من خلال الرسومات ومعارض الرسم والمسرحيات والقصص والحكايات، وهذا ما تؤكده قصة الطفل خالد خليف الذي التحق بأحد المشاريع التي تهدف للدعم النفسي للمعاقين والأسوياء، في أول أيام المشروع كان يعاني خالد من الانطوائية ومن خلال برامج المشروع الترفيهية والترويحية تحسنت نفسيته رويدا رويدا، وأردفت "أيوب" مازلت أذكر ابتسامته اثناء حفل انتهاء المشروع وبكاؤئه في أول يوم للمشروع ورفضه البقاء بالمركز.

 لكن تبقى تلك المشاريع والفعاليات قليلة أمام ما يواجه الطفل من حياة الحرب خارج هذه المراكز، وختمت "أيوب" حديثها بقولها نأمل أن يكون لدينا برامج أكثر ترسم للأطفال البسمة على وجوههم وتخفف من معاناتهم المريرة وتدريب كوادر جيدة للعمل في هذا المجال وتقديم إمكانيات لأجل تحسين واقع الطفل ومساعدته على تجاوز هذه الأزمة.

هذا وأوضح تقرير لمنظمة الطفولة في الأمم المتحدة "اليونيسف"، عن وجود 3.7 مليون طفل، ولدوا منذ آذار 2011م، يعيشون العنف والحرب والخوف والنزوح.

التعليقات (1)

    جزائر

    ·منذ 6 سنوات 9 أشهر
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ااااه....الا تكفي كل هذه الحروب وسفك الدماء اطفال بمثل هذا العمر يقومون بهذه الاشغال واخرون يتعرضون لصدمات تكفينا حرب ارجووووووووووكم لنعيش بسلام وكل شخص يعتز ويفتخر ببلده لماذا كل هذا الجشع والقصف سوريا ستعود الينا ان شاء الله....
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات