متى الحساب.. أمنستي تتهم "الحشد الشعبي" باختطاف مئات العراقيين

متى الحساب.. أمنستي تتهم "الحشد الشعبي" باختطاف مئات العراقيين
جددت منظمة العفو الدولية "أمنستي" توجيه اتهاماتها لميليشيات الحشد الشعبي الشيعية التابعة لإيران باختطاف أكثر من 643 رجلاً وطفلاً من بلدة "الصقلاوية" في محافظة الأنبار بالعراق منذ أكثر من عام إبان استيلاء الميليشيات على مدينة "الفلوجة".

 وبيَّنت "أمنستي" في تقرير لها، أصدرته يوم أمس الأحد 11 حزيران، أن عائلات المفقودين تعيش "في عذاب منذ ذلك الوقت، وهي غير متأكدة مما إذا كان أحباؤها سالمين أو حتى على قيد الحياة".

ما الذي حدث في حزيران 2016؟

في صباح 3 حزيران 2016 اعترضت ميليشيات "الحشد الشعبي" الآلاف من أهالي بلدة "الصقلاوية"، الذين غادروها بفعل المعارك ضد تنظيم الدولة، وقام عناصر الميليشيات المسلحين بفصل النساء والأطفال الصغار عن أكثر من 1300 رجل والأطفال الأكبر سناً.

وبحسب تقرير منظمة العفو، الذي اعتمد على شهادات مختطفين سابقين والأهالي، تم نقل هؤلاء الرجال والأطفال الأكبر سناً إلى بنايات، ومرائب، ومحلات تجارية مهجورة في المنطقة القريبة، وصادروا وثائق هوية المحتجزين، وهواتفهم، وخواتمهم، وباقي المقتنيات الثمينة. ولاحقاً، عمد هؤلاء المسلحون إلى تقييد أيادي المحتجزين وراء ظهورهم، وفي معظم الحالات استخدموا الأصفاد البلاستيكية.

وعند شروق الشمس، وصلت عدة حافلات ثم نقلت قسماً من المحتجزين بمساعدة شاحنة كانت تقف هناك. ولا يزال مصير هؤلاء الرجال والأطفال الذين استقلوا هذه الحافلات مجهولاً.

ونُقِل الرجال المتبقون في مجموعات خلال الليل إلى مكان وصفه الناجون بأنه "البيت الأصفر" حيث تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وحرموا من الطعام، والماء، واستخدام ومرافق الصرف الصحي. ووصف ناجون بأنهم تعرضوا للضرب على كل أنحاء أجسامهم ورؤوسهم باستخدام الأسلاك الكهربائية (الكابلات)، وأنابيب معدنية، ومجارف، وعصي خشبية، كما شاهدوا محتجزين آخرين لقوا حتفهم أمامهم من جراء التعذيب، إضافة إلى مشاهدة آخرين، وقد نُقلوا بعيداً بدون أن يتمكنوا من العودة.

https://orient-news.net/news_images/17_6/1497275861.jpg'>

مطالبات للعبادي

وأشارت المنظمة إلى أنها تتابع القضية منذ ذلك الوقت مع حكومة "حيدر العبادي" حيث تقدمت بطلبات للسعي من أجل الكشف عن مصير المفقودين وتقديم الحماية للشهود الذين قدموا شهاداتهم للمنظمة وضمان أن تكون التحقيقات في مزاعم التعذيب، والاختفاءات القسرية، والاختطاف، والقتل شاملة، ونزيهة، ومستقلة.

كما طالبت بالكشف العلني عن نتائج لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء ومحاسبة الفاعلين بغض النظر عن رتبهم أو الجهة التي يتبعونها، والاعتراف العلني مع الادانة من أعلى مستوى بـ"الدولة"، لـ"حجم وجسامة جرائم الحرب المرتكبة والانتهاكات الأخرى لحقوق الانسان خلال عمليات الفلوجة".

ويذكر أن السلطات المحلية في محافظة الأنبار شكلت لجنة تحقيق في ذلك الوقت خلصت إلى أن "643 شخصاً من النازحين داخلياً، رجالاً وأطفالاً، من منطقة الصقلاوية يوجدون في عداد المفقودين. وقدمت اللجنة النتائج التي خلصت إليها إلى رئيس حكومة بغداد من أجل مزيد من التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة".

من جهته قال مكتب العبادي أنه بدأ تحقيقاً في الموضوع لكن منظمة العفو وفي تقرير، نشر يوم 18 تشرين الأول 2016، أعربت عن قلقها من أن "الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراءات من أجل حماية الضحايا والشهود، وخصوصاً أن اللجنة التي شكلتها الحكومة تضم في عضويتها أجهزة أمنية ربما ضالعة في الانتهاكات. ونتيجة لذلك، فإن بعض الشهود ربما ساورهم التردد في إعطاء شهاداتهم خوفاً على سلامتهم".

كما وجهت منظمة العفو يوم 16 حزيران 2016 ويوم 21 أيلول مذكرة إلى مكتب رئيس الوزراء تطلب تقديم معلومات بشأن الخطوات المتخذة للتحقيق في مزاعم الانتهاكات المرتكبة في سياق العمليات العسكرية التي شنت يوم 23 أيار لاستعادة السيطرة على الفلوجة والمناطق المحيطة بها.  

لا رد حتى اليوم!

تقول المنظمة أنها لم تتلق أي رد حتى اليوم من السلطات العراقية، ولا يزال من غير الواضح إن "كانت نتائج اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء قد نشرت علانية على الإطلاق، أم تم تبادلها مع السلطات القضائية".

وقال باحثو منظمة العفو الدولية الذين زاروا النازحين داخلياً في المخيمات المقامة في محافظة الأنبار، في أواخر شهر مايو/أيار 2017، إن هؤلاء ذكروا أنهم لم يسمعوا أي شيء عن مصير أحبائهم، كما لم يزرهم أي ممثل عن الحكومة المركزية منذ السنة الماضية لإطلاعهم على تطورات التحقيق.

وقال أحد النازحين داخلياً إن أخاه إبراهيم حامد حسين الذي يبلغ من العمر 26 عاماً يسمى ، واثنين من أبناء عمه يبلغان من العمر 24 و31 عاماً، لا يزالون في عداد المفقودين. وأضاف قائلاً إن عائلتهم لم تسمع أي أخبار عن مصيرهم بعد مرور سنة على اختفائهم: "دعوه يعد إلى بيته وأولاده. لا نطلب شيئا غير ذلك".

وأخبر ممثل عن السلطات المحلية في محافظة الأنبار منظمة العفو الدولية أن عائلات المفقودين واجهت عقبات إدارية عندما حاولت الإبلاغ عن اختفاء أحبائها في المحاكم المحلية.

https://orient-news.net/news_images/17_6/1497275808.jpg'>

لامبالاة !

وأكدت المنظمة أن ما جرى في الصقلاوية ليس بحالة منعزلة حيث تعرض، منذ ظهور تنظيم "الدولة"، الآلاف "من الرجال والأطفال السنة في العراق للاختفاء القسري من طرف قوات الأمن، والميليشيات التي تحظى بدعم الدولة العراقية، في إطار النزاع المسلح المستمر، وانعدام الأمن، وتزايد التوترات الطائفية."

ويبذل أهالي المختفين قسرياً جهوداً كبيرة لمعرفة مصير أبناء عائلاتهم حيث يتواصلون مع أجهزة الأمن وقاموا بتقديم شكاوى وتقارير للشرطة والمحاكم عدا عن دقع مبالغ ضخمة لوسطاء على علاقة مع ميليشيات الحشد الشعبي أو المسؤولين الحكوميين وخاطبوا المنظمات الدولية ولكن محاولاتهم "لم تواجه سوى بلامبالاة المسؤولين الحكوميين والتقاعس عن اتخاذ أي إجراء ملموس".

وأكدت المنظمة في ختام تقريرها أنها وثقت عشرات الحالات من الاختفاء القسري منذ عام 2014 في محافظات الأنبار وبغداد وصلاح الدين وديالي وطالبت السلطات بإجراء تحقيقات نزيهة وسريعة.

وأشارت المنظمة إلى أن "التحقيقات السابقة في الانتهاكات الجسيمة من قبل "الحشد الشعبي" تقاعست أيضاً عن توفير الإنصاف والتعويض للضحايا. مثلاً، النتائج التي أعلنت في حالات القتل غير المشروع وباقي انتهاكات "الحشد الشعبي" في قرية بروانة ومدينة المقدادية الواقعة بمحافظة ديالى التي حدثت يوم 26 يناير/كانون الثاني 2015 و11 يناير/كانون الثاني 2016 على التوالي لم تعلن على الملأ كما لم يُحاسب أي عضو في "الحشد الشعبي"، حسب أفضل المعلومات المتاحة لمنظمة العفو الدولية."

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات