طبول حرب المساحات تقرع.. ما بين طريق إيران "المقدس" ومعركة البادية الكبرى

طبول حرب المساحات تقرع.. ما بين طريق إيران "المقدس" ومعركة البادية الكبرى
نجحت روسيا وإيران في إعادة عقارب السيطرة على الخارطة السورية إلى الوراء، حيث حصنت نظام الأسد عسكرياً في المدن الداخلية الكبرى المأهولة، وانطلقت بعدها إلى معركة السيطرة على الأطراف، لرفع نسبة المساحة التي يسيطر عليها نظام الأسد على الخارطة السورية، فقبل تدخل روسيا عسكرياً في سوريا، كان الأسد يسيطر فقط على 16 % من مساحة البلاد، في حين يدخل النظام اليوم معركة "السباق مع الزمن" للسيطرة على البادية السورية، الواقعة بالمنطقة الممتدة شرق وجنوب شرقي البلاد، من السويداء جنوباً إلى دير الزور شرقاً، مروراً بريفي دمشق وحمص، والتي تشكل أكثر من 40 ٪ من مساحة البلاد.

في عام 2012 بدأ النظام بالانسحاب من أجزاء واسعة من البادية السورية إلى المدن الداخلية المأهولة، وذلك تطبيقاً لمفهوم أن الانتشار في المناطق الخالية عملية "مكلفة وعبثّية"، نظرية استغلها تنظيم "الدولة" ليملأ بدوره القسم الأكبر من هذا الفراغ، بسيطرته على عقدة الطرق الرئيسية التي تربط المحافظات في البادية السورية والمناطق الزراعية المتصلة بها، في جنوب شرق، ووسط وشرق وشمال شرقي سوريا، ضمن مناطق لا تتجاوز نسبة الكثافة السكانية فيها شخصين إثنين لكل كيلو متر مربع، مناطق يسكنها البدو ورعاة الماشية الذين يقيمون حول واحات المياه.

من "سوريا المفيدة" إلى حرب المساحات والنفوذ

أعادت روسيا وإيران مؤخراً تأهيل النظام السوري عسكرياً، بعد سنين من الانهيارات والانكسارات الميدانية التي منيت بها قوات الأسد في عموم المحافظات السورية، عندها خرج بشار الأسد قبل عامين ويطلق مصطلح "سوريا المفيدة"، والتي تعني الانطواء في منطقة تمتد على ربع المساحة الجغرافية السورية، ويسكنها أكثر من ثلث السوريين، من دمشق إلى البحر المتوسط، وهي المنطقة الأكثر كثافة ديموغرافية والأكثر حيوية، فيما يخلي المناطق الصحراوية والزراعية.

تتبدل اليوم خارطة السيطرة والنفوذ على الخارطة السورية، ميليشيا "الوحدات" الكردية، استغلت دعم التحالف الدولي لها، لتستولي على معظم مناطق الشمالي السوري، التي تضم بطبيعة الحال مدن ومناطق ذات غالبية عربية، فصائل المعارضة خسرت خلال الأشهر الماضية، عدة معاقل لها في كبرى المدن السورية، مثل حلب وحمص وأحياء في شرقي دمشق ومدن وبلدات بريف العاصمة، ومساحات واسعة من ريفي حماة واللاذقية.

طريق إيران "المقدس"

خلال الأسابيع الماضية تبلورت معركة "ملئ الفراغ" أو "حرب المساحات"، حيث دفعت إيران بميليشيات إضافية إلى منطقة البادية السورية، تحقيقاً لعدة أهداف، أبرزها قطع الطريق على فصائل الجيش الحر المدعومة من التحالف الدولي الوصول إلى مدينة دير الزور، إلى جانب تأمين إيران لطريقها "المقدس" الممتد من طهران فالموصل إلى دير الزور مروراً بدمشق وصولاً إلى مناطق سيطرة حزب الله في بيروت على البحر المتوسط، وتحقيقاً لذلك، دخلت إيران في 3 عمليات عسكرية متزامنة في 3 محافظات (حمص – ريف دمشق – السويداء).

 

القلمون الشرقي

وسيطرت ميليشيات إيران قبل أيام على عدة مناطق في القلمون الشرقي والبادية، وذلك انطلاقاً من مطار السين العسكري بريف دمشق، بينما تواصل استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، تضم ميليشيات عراقية شيعية وأخرى فلسطينية و "الدفاع الوطني"، بهدف تأمين الطريق الدولي "دمشق – بغداد"، إلى جانب تأمين الطريق المؤدية إلى مدينتي تدمر ودير الزور، في البادية السورية، ضمن مساعيه الحثيثة لإفشال جهود فصائل المعارضة في فك الحصار المفروض على منطقة القلمون الشرقي، وحصر تواجدها قرب الحدود الجنوبية مع الأردن فقط.

ريف حمص

وعلى خط مواز، سيطرت قوات الأسد وميليشيات إيران اليوم الثلاثاء، على "صوانات المحسة، وسد القريتين ومحطة القطار، إلى جانب جبلي "محسة والخنزير" وتلول " الاتصالات والخضاريات والأعمدة وأم طويقية"، الواقعة جنوب وشرق مدينة القريتين شرق حمص وسط سوريا، وذلك بعد انسحاب تنظيم "الدولة".

ريف السويداء وصولاً إلى ريف دمشق

في جنوب شرق سوريا، أطلقت قوات الأسد وميليشيات "الدفاع الوطني" حملة عسكرية من شرقي السويداء، بهدف ابتلاع المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة مؤخراً، بعيد انسحاب تنظيم "الدولة" من المنطقة، فسيطرت على مساحة تزيد عن 70 كيلومتراً مربعاً في بادية السويداء، ودخلت الحدود الإدارية لريف دمشق.

الفصائل تنتفض

لكن في المقابل، أطلقت فصائل الجيش السوري الحر أمس الإثنين معركة حملت اسم "بركان البادية" بهدف تطهير البادية السورية من ميليشيات إيران وقوات الأسد، في المنطقة الممتدة من ريف حمص مروراً بريف دمشق وصولاً إلى ريف السويداء في الجنوب.

الشيخ "راكان الخضير" القائد العام لجيش "أحرار عشائر" العاملة في منطقة البادية، أكد في تصريح مقتضب لـ"أورينت نت" أن فصائل الجيش الحر شنت منذ فجر اليوم الثلاثاء، هجوماً على  ميليشيات إيران وقوات الأسد، في ريف السويداء الشرقي، بهدف طرد تلك الميليشيات التي احتلت عدداً من المناطق والنقاط خلال اليومين الماضيين.

ميليشيات إيران تتقدم دون اشتباكات

ورغم انتفاض الفصائل، إلا أن مصادر ميدانية مواكبة، أشارت لـ"أورينت نت" إلى أن ميليشيات إيران وقوات الأسد واصلت تقدمها في منطقة البادية ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ريف دمشق.

وأكدت المصادر أن قوات الأسد وميليشيات إيران سيطرت صباح اليوم، على وديان "الشام والمرامة بويرة" إلى جانب مناطق "الرحبة والمعيرادة ومنقار الرحبة"، مضيقة المساحة التي تسيطر عليها الفصائل في بادية ريف دمشق الشرقي.

وأوضحت المصادر أن عملية تقدم قوات الأسد تجري بمعظمها دون معارك أو اشتباكات مع فصائل الجيش السوري الحر.

يشار أن فصائل من الجيش الحر مدعومة من "التحالف الدولي" قد حذرت قبل أيام الميليشيات الإيرانية من مغبة دخول نطاق عمليات التحالف العسكرية، ولا سيما التنف، في مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية، مشيرة إلى أنها لن تتردد بالقضاء على أي قوة إيرانية أو لتنظيم الدولة أو قوات الأسد تحاول عرقلة تقدم الثوار في البادية.

وكانت طائرات التحالف الدولي قد استهدفت الخميس الماضي رتلاً عسكرياً لميليشيات إيران في منطقة "الشحمي" على طريق دمشق- بغداد الدولي، يضم دبابات وعربات عسكرية قادمة من منطقة "السبع بيار"، ومتجهة نحو معبر "التنف" الحدودي، الذي تتخذه قوات التحالف الدولي، كقاعدة عسكرية لها.

التعليقات (2)

    ابو حمد زهير

    ·منذ 6 سنوات 10 أشهر
    فهل بعد الان او الى الان يصر هؤلاء الذين لا اريد ان اوصفهم باي وصف فهم لايستحقون اي صفة في هذا العالم الا صفة الكذابين والدجالين والغوغائيين المتاجرين بالدم السوري والذي سيسالهم عن ذلك الواحد القهار هؤلاء الذين يسمون انفسهم الائتلاف وحماة الثورة الوطنيين والحكومة المؤقتة ووو هؤلاء الخادعين والمخدوعين اما زالوا يصرون على مطالبهم الواهية لمقارعة الطاغية وابهرونا بنزاهاتهم فتبين انهم وراء دولاراتهم ....ليرونا الان جنيفاتهم وتصريحاتهم وتحدياتهم الله ينتقم من الظالمين ان عاجلا ام اجلا...

    "حميميم" عمل عسكري وشيك على جوبر الدمشقي

    ·منذ 6 سنوات 10 أشهر
    "حميميم" عمل عسكري وشيك على جوبر الدمشقي
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات