هكذا خطط النظام لتهجير أهالي مدينة الزبداني

هكذا خطط النظام لتهجير أهالي مدينة الزبداني
خرجت آخر دفعة من أهالي الزبداني في ريف دمشق الغربي وأعادت قوات النظام فتح الساتر الترابي عند المدخل الرئيسي للمدينة، ولحقت بركب داريا وخان الشيح والمعضمية وقدسيا والهامة وحي الوعر الحمصي الذي ينتظر من تبقى فيه المصير ذاته.. هو التهجير القسري وآخر أسلحة النظام وأشدها فتكاً فكل ما سبقه من جرائم حرب يفضي في النهاية إلى تنفيذ آخر مرحلة من مخطط تغيير ديمغرافي  لسوريا ناهز عمره الـ50 عاماً.

اتفاق المدن الأربعة

الاتفاق خرج إلى العلن بعد أن أكدت وكالة أنباء "تابناك" الإيرانية قبل أسابيع، وجود مفاوضات سرية بين "هيئة تحرير الشام" وممثلين عن إيران، في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف البحث في مصير بلدتي كفريا والفوعة الواقعتين في ريف إدلب الشمالي، مشيرة إلى أن "زيد العطار" المعروف بـ "حسام الشافعي" القيادي في "هيئة تحرير الشام "شارك في المفاوضات.

وانطلقت اليوم خمس حافلات تضم 158 مقاتلاً من مدينة الزبداني  و 60 مقاتلاً من الجبل الشرقي المطل عليها، و150 شخصاً من قرى وادي بردى، باتجاه حلب لإتمام عملية التبادل، في حين خرجت 46 حافلة تقل ثلاثة آلاف شخص بينهم 700 مسلحاً، من بلدتي كفريا والفوعة شمال إدلب وهم عند نقطة "مدرسة الشرطة" في بلدة كفرناها بحلب بانتظار التقاء القافلتين.

تهجير آلاف المدنيين من مناطق في ريفي إدلب ودمشق، يأتي ضمن الاتفاق المتعارف عليه باسم "اتفاق المدن الخمس"، الذي تم التوصل إليه بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام من جهة، والجانب الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني من جهة أخرى، بعد مفاوضات استضافتها العاصمة القطرية الدوحة.

وتضمن الاتفاق وفق تصريح مدير العلاقات الإعلامية في هيئة تحرير الشام "عماد الدين مجاهد" لـ"أورينت نت" 7 بنود وهي: إخراج قرابة 3000 شخص من مضايا والزبداني وبلودان إلى الشمال، وإخراج كامل كفريا والفوعة على دفعتين، وإطلاق سراح  1500 أسير وأسيرة من سجون النظام معظمهم من النساء، وإدخال مساعدات بالإضافة إلى هدنة في مناطق جنوب دمشق وأولها مخيم اليرموك المحاصرـ فيما يتم بعد مدة شهرين إخراج المحاصرين في مخيم اليرموك إلى الشمال، بالإضافة إلى حل قضية 50 عائلة عالقة في لبنان من أهالي الزبداني ومضايا، وأخيراً هدنة في إدلب وتفتناز وبنش ورام حمدان وشلخ وبروما لمدة 9 شهور تشمل جميع أنواع القصف المدفعي والجوي.

منذ عامين

يعود هذا الاتفاق إلى 24 من أيلول 2015 عندما شهد ذاك اليوم عملية إجلاء حوالي 500 من الجرحى والثوار وعائلاتهم، من مدينة الزبداني التي كانت تحاصرها قوات الأسد وميليشيا "حزب الله" اللبناني في ريف دمشق، بالتزامن مع إخراج المئات من عوائل الشبيحة في بلدتي "الفوعة وكفريا" بريف إدلب، وذلك عبر الأراضي اللبنانية والتركية، وذلك في إطار تنفيذ بنود هدنة، اتفق عليها "جيش الفتح" من جهة، ونظام الأسد من جهة أخرى برعاية الأمم المتحدةـ حيث كان الاتفاق ثمرة تعاون بين جهات عدة هي حركة أحرار الشام الإسلامية، وجانب إيراني مفاوض عن النظام، برعاية قطرية.

وكان الاتفاق منقوصاً فبالرغم من تبادل الجرحى إذ لم يتم إخراج كل عائلات الجرحى مثل ما كان مفترضاً، كما أن المواد الإغاثية لم تصل للمدنيين المحاصرين في المنطقة، حيث كان ذلك الخطوة الأولى لإجراء تغيير ديموغرافي فيها، من خلال التهجير القسري للأهالي وبرعاية من الأمم المتحدة، كما رأى مراقبون آنذاك.

لماذا الزبداني؟

اما بالنسبة لمخطط التهجير فيها فيعود إلى أهمية  موقع هذه المدينة الاستراتيجي فهي تبعد 45 كم عن دمشق ونقطة وصل بين جبال القلمون وجبال لبنان الشرقية وتقع في سلسلة جبال القلمون ما يجعلها نقطة عبور هامة إلى لبنان بالإضافة إلى قربها من منفذ المصنع الحدودي، ويفصلها عنه مسافة لا تزيد عن 11 كم.

كما تحيط بها الحدود اللبنانية من ثلاث جهات رئيسية هي الغرب والجنوب والشمال، ما يجعلها أيضاً خط إمداد رئيسي لميليشيا حزب الله اللبنانيـ حيث تحيط بها أيضاً  الجبال من كل الجوانب ففي الشرق هناك جبل "سنير" الذي يسمونه أهالي الزبداني بالجبل الشرقي، وتكون أقسام هذا الجبل في الشمال على شكل هضاب قليلة الإرتفاع، سهلة المسالك، وترتفع في الشرق لتشكل جبل الشقيف (جبل يونان) الذي يرتفع في أعلى ذروته إلى (1860متر)، وفي هذا الجبل عدة قمم بارزة منها في شمالي بلودان وشرقي سرغايا قمة أبو الحن (2364متر) وقمة عين النسور (2216متر)، وتقع في مرتفعاته عدة قرى كانت تشكل مناطق اصطياف جميلة، وهي من الشمال إلى الجنوب: بلودان، الفردوس، الجرجانية، بقين، مضايا.

وفي الغرب تمتد أقسام من (جبل يبوس) نسبة إلى القرى التي غربه وهي من الشمال إلى الجنوب: عطيب (عين الطيب)، ومعدر، وكفير يبوس، ويبوس، وجديدة يبوس، والذي يسميه الأهالي الجبل الغربي، تبلغ مساحة الزبداني /393/ كيلومتر مربع، وبلغ عدد سكانها حسب إحصاء عام 2004 /63780/ نسمة.

مسلسل الحصار 

هذه المدينة المستهدفة بالحصار عانت منذ 6 ستوات من نقص في الأدوية والأغذية والمواد الأساسية والمحروقات، كما تعرضت يومياً للقصف بالصواريخ من نوع (غراد) و(الفيل) ومن (مدافع الحوش) و(الأتاسي)، ولنم يترك فسحة للمدنيين بالتحرك داخلها،  فهم تحت مرمى الهاونات والدبابات وراجمات الصواريخ، حيث حوصرت بأكثر من مئة نقطة عسكرية حاصرت  من كل الجهات المحيطة بها، إلى جانب أكثر من 20 نقطة عسكرية كانت تستهدف المدينة بشكل مباشر، كما وجه 30 مدفع فوهاته باتجاه مدينة.

ووثَّقت صور من داخل مدينتي مضايا والزبداني آثار سياسة الحصار والتجويع التي انتهجها النظام وميليشيا حزب الله وأدت إلى وفاة العديد منهم، كما أجبر الحصار الخانق سكانهم على أكل القطط والحشائش، وازداد  الوضع سوءا بعد أن احتجز النظام العوائل النازحة من الزبداني وبلودان في مضايا.

ثورة الزبداني 

خرجت أول مظاهرة مناهضة للنظام في مدينة الزبداني بتاريخ 25/3/2011، إلى أن بدأ النظام بحملات اعتقال جماعية في الأحياء التي خرجت فيها المظاهرات، وتعرضت المدينة للاقتحام مرتين خلال عام 2011 الأولى في 17/7/2011 حيث قامت قوات النظام بقطع الاتصالات والكهرباء والماء عن المدينة، ثمّ اقتحمتها بالدبابات والآليات لمداهمة المنازل واعتقال الناشطين، والثانية في 15/10/2011 حيث أدّت هذه العملية العسكرية إلى نزوح العديد من العائلات إلى مناطق عدّة بعد القصف العنيف الذي تعرضت له المدينة، والذي سبّب سقوط العديد من الجرحى بحسب "ذكرة الثورة".

بتاريخ 11/12/2011 بدأ إضراب الكرامة واستجاب له أهالي الزبداني وأصبحت المدينة تحت سيطرة الجيش الحر، إلى أن اندلعت في أوائل شهر شباط  2012 معركة لمدة أربعة أيام بين قوات النظام والجيش الحر انتهت بانسحاب الأخير من المدينة ضمن هدنة وقّع عليها الجيش الحر لإدخال المواد الإغاثية والأدوية للمدينة.

وفي نهاية شهر كانون الأول 2012 انسحبت قوات النظام من آخر حاجز لها في مدينة الزبداني وبدأ معها الحصار ثم تحول إلى حصار كامل في شهر أيار 2013 مترافقاً بقصف يومي بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة وغارات الطيران. 

تعتبر الزبداني ثاني مدينة تم إخلائها بشكل كامل بعد داريا، حيث نجح النظام في العديد من المناطق السورية على مدى أكثر من 6 أعوام، باعتماد سياسة التهجير في إخراج أهالي القرية أو البلدة أو المدينة، وغالباً ما تكون الوجهة إدلب، التي باتت اليوم تحوي عدداً  كبيراً من العائلات المهجرة من مدنها.

التعليقات (1)

    معاوية الأموي

    ·منذ 7 سنوات 18 ساعة
    سيعود أهل الزبداني ويعود أهل كل منطقة تهجروا، والله لن يبقى ***** في بلاد الشام ليس منها، هذه الدولة مر عليها الكثير ولن يبقى فيها محتل بإذن الله أولا ثم بسواعد أهلها.. لا حول ولا قوة إلا بالله
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات