أوباما أشاح وجهه.. وترامب لا يكترث

أوباما أشاح وجهه.. وترامب لا يكترث
لم يلتفت الإعلام الأميركي والغربي عموماً كثيراً للضحايا المدنيين السوريين الذين سقطوا بسبب القصف الأميركي ضمن غارات قوات التحالف المفترض ضد تنظيم الدولة  في الأيام القليلة الماضية في سورية والذين قدروا بالعشرات خصوصاً أن من بين من قتلوا نازحين كانوا فروا من الرقة، لقد أقر مسؤولو وزارة الدفاع الاميركية أنه قد تم قصف مبنى بالقرب من مسجد في الرقة معللين ذلك بأنه نقطة تجمع للإرهابيين... 

الغارات أثارت مخاوف لجهة كم بات الجيش الاميركي أكثر عشوائية في استهدافه وغير مكترث بالخسائر المدنية. لقد كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيخفف القيود والقواعد العسكرية التي يفترض أن يجري اعتمادها في غارات مماثلة لحماية المدنيين. وليس ترامب وحده فقد كانت مثل هذه الغارات حاصلة خلال عهد سلفه باراك أوباما خصوصا خلال قصف منبج العام الماضي حين كان داعش يسيطر عليها وسقط أبرياء كثر. 

سابقاً كانت قواعد الاشتباك الأميركي لا تشجع قصف الجوامع والمدارس والمستشفيات من دون تحقق وقرار من قيادات عليا، لكن ترامب قال انه سيسلك مساراً معاكساً لاوباما الذي كان يطلب من البيت الأبيض التدقيق في العمليات العسكرية.

 ترامب قرر أن يترك الامر لصانعي القرار في وزارة الدفاع الأميركية وهو ما رحب به عسكريون غالباً ما عبروا عن إحباطهم من بطء آلية اتخاذ القرار لكنه ايضا أثار شكوكا في مدى ممارسة ترامب للرقابة المطلوبة..

وهذه الغارات تنسجم مع قول صريح ووقح لمسؤولين في إدارة ترامب بأنهم سيشنون هجمات في سورية حتى ولو خاطرت بأرواح مدنيين. صحيح أن الغارات الاميركية ضد ما تقول إنه أهداف إرهابية أمر يحصل منذ سنوات لكن الغارات الأخيرة بدت تصعيداً أميركياً غير مسبوق. في الحقيقة حتى في عهد أوباما جرى التخفيف من التدقيق وأدى هذا لسقوط مدنيين في سورية والعراق واليمن. إلا أن إدارة ترامب مصممة على شن غارات ضد اهداف مزعومة حتى لو عنى ذلك المغامرة بأرواح مدنيين. بحسب مجموعات حقوقية فإن عدد المدنيين الذين سقطوا في غارات التحالف والأميركيين في العراق وسورية إن استمرت على هذه الوتيرة سيكون ضعف ما كان عليه العام الماضي في حكم اوباما.

الأيام الماضية أظهرت تغييراً أساسيا في سياسة واشنطن في سوريا، وهذا التغيير سيعمّق الدور الأميركي خلافاً لـ"النهج الحذر" الذي تمسكت به إدارة باراك أوباما سابقاً. فهل الولايات المتحدة مستعدة لفرض حظر جوي فوق مناطق في سوريا وتأمين قوات برية في سورية لحماية اللاجئين في المناطق التي يجري الحديث عنها. وهل ستسلم قوات التحالف الرقة اذا ما نجحت في القضاء على تنظيم الدولة فيها الى نظام الرئيس السوري بشار الأسد..بمعنى هل ستعيد تسليم السوريين إلى جلادهم الأول و الأكثر توحشا وشراسة. هل حقا ستوافق قوات التحالف على ذلك خصوصا أن فرنسا موقفها مختلف عن موقف واشنطن إذ تعتبر أن الأسد إرهابي. 

قالها وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون بوضوح في سياق حديثه عن الوضع السوري:" ليست مهمتنا بناء الدول أو إعادة إعمارها". إذاً، لن تكتفي واشنطن بتجاهل الموت والدمار في سوريا بل إن الحقائق الفعلية على الأرض تكمل المشهد إزاء ما سيكون عليه الدور الأميركي في المرحلة القادمة. لقد سبق أن تنصلت الولايات المتحدة تباعا ومرارا من مسؤولياتها تجاه الوضع السوري لكنها اليوم تضيف عناصر جديدة من خلال استهداف وقتل العديد من المدنيين في سياق غارات يفترض أنها تستهدف تنظيم الدولة ومن خلال توجه يقضي بتسليم مناطق جديدة للنظام. 

أما الحديث عن مناطق استقرار أو ملاذات مؤقتة للاجئين السوريين فتلك حكاية شائكة أخرى لكنها تنذر بأن آليات الدور الأميركي تدخل منحى جديدا خصوصا في ظل التحركات العسكرية الأخيرة.

مجدداً يبدو أن المسؤولين في واشنطن لا يزالون يفتقدون إلى البصيرة اللازمة وإلى الحساسية التي يحتاجها وضع معقد كالوضع السوري.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات