سبق موعد شرارة الثورة السورية في الخامس عشر من آذار، جملة من المحاولات ابتدأت في شباط 2011، بالدعوة إلى "يوم غضب سوري" بتاريخ 5 و 6 شباط، لكن هذه الدعوات لم تلقى نجاحاً، بسبب تشديد القبضة الأمنية، فضلاً عن حجب مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، والتي كانت عاملاً حاسماً للثورات العربية التي سبق الثورة السورية، وعلى رأسها المصرية.
https://i.imgsafe.org/90b3b8c0e3.jpg'>
دعت صفحات على مواقع التواصل (المحجوبة وكانت تفتح عن طريق برامج خاصة) إلى يوم غضب سوري يومي الجمعة والسبت، في الخامس والسادس من شباط، لتهرع الأفرع الأمنية، وتملأ الساحات في هذين اليومين فلم تسهد تلك الساحات أي حراك.
تزامن ذلك مع الدعوة إلى مقاطعة شركات الهاتف النقال (سيريتل و إم تي إن) بسبب سيطرتها وتحكمها واستغلالها للمواطن السوري.
وفي نفس الشهر (شباط) شهدت منطقة "الحريقة" بدمشق مظاهرة غاضبة، اندلعت على خلفية ضرب شرطي مرور لأحد الشباب، ما دفع أصدقائه وجيرانه للتظاهر.
كبرت المظاهرة وامتدت، وبدأ الجميع بالهتاف (حرامية.. حرامية) لتتفاقم الأمور أكثر، فهرعت السلطات إلى إرسال وزير الداخلية آنذاك محمد سمور، الذي نزل إلى المتظاهرين وهدأ من روعهم.
في تلك الأثناء حفلت مواقع التواصل بحادثة "الحريقة" لتنشئ صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد" التي انطلقت وبدأت بالدعوة للتظاهر محددة يوم 15 آذار موعداً لذلك.
افتتح يوم الخامس عشر من آذار بمظاهرة وحيدة في سوق الحميدية، وكانت مؤلفة من بضع أشخاص سرعان ما تحولت إلى عشرات يجوبون الشوارع.
اعتقلت قوات النظام عدداً منهم واستطاع البقية الهرب، فيما لم تشهد باقي البقع في سوريا أي نقاط تظاهر.
تزامن ذلك مع كتابة عدد من الأطفال كتابات على جدران مدرسة في درعا تدعو إلى الثورة في سوريا، مع عبارة (إجاك الدور يا دكتور)، ليقوم رئيس فرع الأمن السياسي آنذاك عاطف نجيب باعتقال الأطفال، وإهانة أهلهم عند المطالبة بالإفراج عنهم، الأمر الذي أشعل الفتيل في درعا بتاريخ 18 آذار.
وتوالت المظاهرات، في درعا، وامتدت إلى حمص، قم بانياس، وريف حلب، واللاذقية، ودير الزور، لتشمل الأراضي السورية عموماً في وقت لاحق.
سنوات ست انقضت على السوريين، تحولت فيها الثورة إلى حرب مفتوحة، وذلك بعد الإمعان بالقتل للمتظاهرين، واضطرار أولئك إلى حمل السلاح، لتتشكل فصائل وكتائب على مدار الوقت، وينبثق "الجيش السوري الحر".
تلا ذلك سنوات من القصف الممنهج، والقتل والتعذيب، بأبشع الصور، دمرت مدناً بأكملها.
اليوم تنقضي السنوات الست، وتدخل الثورة السورية في عامها السابع، والسوريون مفرّقون في أصقاع الأرض، غرق منهم في البحر من غرق، واعتقل منهم من اعتقل، واستشهد من استشهد، وملأوا الأرض بمأساتهم التي لم يشهد القرن مثلها.
التعليقات (4)