مع تردّي أوضاع القاطنين في دمشق.. رواج تجارة الأعضاء البشرية

مع تردّي أوضاع القاطنين في دمشق.. رواج تجارة الأعضاء البشرية
خلف المشهد الواضح للعالم والذي لا يزال يجسد عذابات وآلام السوريين منذ سبع سنوات، من نزوح وانتشال من تحت الأنقاض، إلى الموت بسبب الحصار ونقص الغذاء والدواء، والغرق في البحار، ثمة عالم آخر أشد قتامة وبشاعة لتلك الآلام؛ إنها السوق السوداء لبيع أعضاء البشر التي باتت اليوم سوق رسمية ولها بورصتها وتجارها ومشافيها التي تحتضنها وتشرعنها كما يكشف التقرير التالي.

مسالخ بشرية

أكدت العديد من التقارير الصحفية انتشار كبير لعصابات تجارة الأعضاء داخل سوريا، والتي باتت تتم بشكل علني، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الاعلانات التي تطلب متبرعين بالكلى مع أرقام هواتف صريحة، في كل مكان وحتى داخل الحرم الجامعي!!

أحد أطباء المشافي الخاصة يقول لأورينت نت باسمه المستعار "سالم محمد": "باتت المشافي الخاصة تشكل الحديقة الخلفية لمشافي النظام التي تكتفي بإجراءات التحاليل الطبية الدقيقة والتي لاتتوفر في المشافي الخاصة مثل تحليل الأنسجة، لتتم بعدها اجراءات بيع الأعضاء في مشافي خاصة "حتى لا تثار بلبلة".

ويتابع سالم: "المشافي الخاصة التي تتورط بعملية نقل الأعضاء غالبا لا تكون مجهزة لهكذا نوع حساس من العمليات والتي تتطلب أعلى درجات من الدقة والتعقيم، لذلك نزع الأعضاء يتم في شروط غير صحية، وفي مسالخ بشرية قد تعرض الشخص الذي سيزرع العضو لاحقاً لأمراض عدة.

وأكد الدكتور سالم والذي يكمل اختصاصه في مشفى الأسد الجامعي "أن هناك عصابات طبية تتعامل مع جهات عربية وحتى دولية للمتاجرة بقرنية العين، وهناك آلاف الحالات، لا سيما في بعض المناطق الحدودية وفي مراكز اللجوء، وهذه العصابات تبيع جميع قرنيات العيون، بأسعار تصل لـ8000 دولار.

ويختتم الطبيب الشاب: "تمكن النظام من تحويل سوريا من بلد رائد في الزراعة وبعض الصناعات إلى بلد بات يحتل موقعاً بارزاً بمجال تصدير الأعضاء البشرية، لتغدو أحشاء السوريين التائهين هرباً منه سلعاً تباع، لتُستباح أجساد السوريين بعد أن استبيحت دماؤهم".

https://orient-news.net/news_images/17_2/1488099548.jpg'>

ساحة الميسات جانب مشفى أمية

رجل يبيع كليته 

في الحديقة المجاورة لمشفى المواساة تجلس عائلة "أبو اسماعيل" القادمة من تل تمر في الحسكة، والتي لم تجد العائلة مكاناً تأوي فيه، حيث أن الحد الأدنى لإيجار المنزل في دمشق لا ينخفض عن 35 ألف ليرة، وهذا مبلغ ضخم لأسرة تعتمد على الزراعة والمتوقفة منذ عام 2014 لإندلاع الحرب في مدينتهم، لم يجد أبو اسماعيل وسيلة لتأمين علاج لابنته فوزية والتي لم تتجاوز الست أعوام سوى بيع كليته لأحد ميسوي الحال، والذي قدم له مبلغ 4 ملايين ليرة.

يحاول الرجل أن يخفف من وطأة الموضوع على عائلته ومن قبلهم على نفسه بالقول: "لا يمنع أن يتبرع الانسان بأحد أعضاءه اذا كان هذا الشيء سيساعد إنسان آخر وينقذه ولا يكون هناك ضرر عليه"، لكن الخوف والقلق الذي بدا على محياه كان يخبرنا بغير ذلك!!

فيما أشار الطبيب المجند الذي أطلق على نفسه اسم "باسل العلي" و يعمل في مشفى تشرين العسكري لأورينت نت إلى أن الأعضاء التي يتم الإتجار بها تتجاوز المعتقلين في السجون، وتصل إلى بعض العسكريين الذين تعمل مافيات من المشفى على بيع أعضاء من يُقتَل منهم، والحالات كثيرة في برادات المشفى لمقاتلين تمت سرقة أعضائهم ودفنهم دون السماح لذويهم بفتح التابوت قبل مواراته الثرى".

https://orient-news.net/news_images/17_2/1488099830.jpg'>

عائلة تجلس في الحديقة المجاورة لمشفى المواساة 

20 ألف حالة اتجار

كما يقول المحامي "عبد الكريم سكر" باسمه المستعار لأورينت نت: "تم توثيق ما يقارب 20 ألف حالة اتجار بالأعضاء البشرية حتى نهاية 2016، وهذه المشكلة الكبيرة التي تتم على مرأى ومسمع وربما بتورط جهات حكومية من واجبها تطبيق القوانين في مكافحة تلك الجريمة، وفرض عقوبات رادعة بحقهم أولاً قبل العصابات، لأن قانون الاتجار بالأعضاء يعد من أشد القوانين السورية صرامة، إلا أنه لا بد من تطبيقه بحق الفاعلين الذين أقدموا على ارتكاب هذه الجريمة البشعة.

وتابع المحامي سكر بأن بلدنا باتت من دول المنشأ بجرائم الاتجار بالأشخاص، بعدما كانت دولة عبور، وهنا تبرز أهمية إشراك الانتربول الدولي لوقف تلك الجريمة بعد أن بات الاعتماد على السلطات المحلية لا يجدي نفعاً، أو بأقل تقدير تفعيل دورهم في دول الجوار، حيث تم ضبط الكثير من الشبكات التي تقدم على ترحيل النساء السوريات إلى تركيا ولبنان والعراق والأردن، بهدف الزواج من أشخاص غير سوريين، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير، وأصبحت خطراً يتهدد المجتمع السوري.

ماعلاقة ميليشيا حزب الله؟

في لبنان تشريعات عدة لمكافحة الاتجار بالبشر منها قوانين تتعلق بإبرام اتفاقيات دولية من أجل مكافحة هذا النوع من الجرائم في جميع أشكالها، في حين أن القانون وإن كان يعاقب مرتكبي جرم الاتجار بالبشر فهو لا يوفر الحماية المطلوبة لضحايا هذا الجرم، كما أنه يلقي على الضحية مسؤولية تعرضها للاستغلال.

فيما يصرح القاضي اللبناني المتقاعد باسمه المستعار "مصطفى خليل" لأورينت نت: "الإتجار بالأعضاء البشرية نشاط سري ضخم عابر للدول والقارات، تقدر مبالغ دخله بمليارات الدولارات، كما أن قيمة الربح السنوي الذي يجنيه المتاجرون تقارب ثمانية مليار دولار، كما أن تجارة قرنية العين والكلى هي الأكثر انتشاراً، يليها الكبد والدم والنخاع والجلد والشعر، للأسف شعوب بلدان العالم الثالث وخصوصاً سورية باتت المورد الأساسي للأعضاء بالنسبة للدول الغنية، والذي أدى الى تنامي الظاهرة هو الطب المتقدم وعصابات وسماسرة تسهل التواصل بين البائع الشاري.

ويتابع خليل بأن بلدنا اليوم تعيش حالة قلق من قضية الإتجار بالبشر في ظل غياب المعلومة الدقيقة حول عدد مثل هذه العمليات السرية، فهل هي جريمة منظمة أم حالات فردية أو ظاهرة تستغل فيها عصابات الاتجار بالبشر ويلات الحرب والعوز لدى الفقراء، إلا أن الثابت بأنها منتشرة في كل دول العالم، بما فيها الدول العربية ومنها مصر وتونس والأردن وفلسطين وبلدنا.

ثمة من يؤكد وجود مافيات من ميليشيا حزب الله وأطباء سوريون لبيع الأعضاء، حيث أن حزب الله يعاني من مشاكل مالية كبيرة، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب لإيران، ما دفعه إلى البحث عن مصادر أخرى لتمويل عملياته، بينها جمع التبرعات من أنصاره، والتورط في تجارة أعضاء اللاجئين السوريين، وإذا لم يكن هناك توثيق لحالات مرضى كانوا ضحية الإتجار بالأعضاء، فهذا لا يعني أن الجريمة ليست موجودة، فالمجرمون كثر والضحايا أيضاً، فالكثير من عمليات البيع تتم عبر الانترنت من خلال شركات مزادات للأعضاء البشرية السليمة يطرح فيها كل شيء للبيع بدءاً من القلب، الإتجار بالأعضاء البشرية عملية إجرامية سوداء اتخذت من حاجة الناس واضهادهم وسيلة لتحقيق الأرباح غير المشروعة.

https://orient-news.net/news_images/17_2/1488099916.jpg'>

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات