"مسلخ الأسد البشري" : ما كان يفعله حافظ بالخفاء يرتكبه بشار بالعلن

 "مسلخ الأسد البشري" : ما كان يفعله حافظ بالخفاء يرتكبه بشار بالعلن
تناولت عدد من الصحف العربية تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" تحت عنوان "المسلخ البشري" والذي كشف قيام نظام الأسد بإعدام نحو 13 ألف شخص شنقاً في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2015، في ممارسات ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

انحطاط العالم وخراب القيم

الكاتب السوري "بكر صدقي" اعتبر في مقال له بصحيفة القدس العربي بعنوان "مسلخ الأسد البشري" أن من علائم انحطاط عالمنا وخراب القيم الذي نشهده في أيامنا، أن يتزامن صدور تقرير منظمة العفو مع "عملية سياسية" تقودها روسيا سقفها "حكومة وحدة يقودها نظام الأسد" المسؤول عن المسلخ المذكور.

ورأى "صدقي" أن تقرير منظمة العفو عن المسلخ البشري، سيمر حالياً على الأقل، مثلما مر قبله تقرير "القيصر" الفظيع المزود بـ55000 صورة لجثث من قتلوا تحت التعذيب، ربما بتعبير الأمم المتحدة عن قلقها الشهير، وببعض تصريحات الاستنكار من "المجتمع الدولي"، فهذا هو "سقف" قيم هذا المجتمع الغارق في هواجسه بشأن "الإرهاب" واللاجئين والانتخابات التي تأتي باليمين المتطرف إلى بعض دوله.

وأضاف "ستمضي روسيا في إنكارها لمسؤولية النظام الذي تحميه عن الفظائع الواردة في تقرير الأمنستي وغيرها من التقارير التي تصدر بكثرة، ليس فقط تبريراً لحربها على سوريا دفاعاً عن النظام المجرم، بل دفاعاً عن نفسها لأن حكم بوتين لا يختلف عن حكم نظام الأسد إلا بفارق عدم مواجهته لثورة شعبية كما في سوريا. 

ما كان يجريه حافظ في الخفاء يقوم به بشار علناً 

وأشار إلى سجن صيدنايا الذي يتناوله تقرير منظمة العفو يشكل امتداداً لتقليد سجن تدمر الصحراوي، سواء من حيث معاملة المحتجزين أو مصائرهم، فقد كتب وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، في مذكراته، عن المحاكم الميدانية التي كان يصادق على قرارات الإعدام الصادرة عنها "بالعشرات كل أسبوع" في تلك الحقبة السوداء من تاريخ سوريا. ما كان محصوراً، في زمن الأسد الأب، في بضع مدن أهمها حماة المكلومة، وفي غضون سنتين، عممه الابن على كامل مساحة سوريا ولست سنوات قابلة للاستمرار. وما كان يجريه حافظ في الخفاء من فظاعات، يقوم به بشار علناً تحت أنظار الإعلام و"المجتمع الدولي" إياه.

وأشار إلى أن "المسلخ" الذي تحدث عنه التقرير في وصف سجن صيدنايا، ليس إلا جزءاً صغيراً من مسلخ كبير يمتد على مساحة المناطق التي يسيطر عليها النظام: ليس فقط في آلاف مراكز الاحتجاز والتعذيب التي فاضت عن السجون والمعتقلات المعروفة سابقاً، بل كذلك في مبان بنيت أصلاً لأغراض أخرى كالمدارس والمستشفيات والمباني الحكومية ومواقع القوات المسلحة. وبصورة أعم حيثما وجدت قوات النظام وميليشيات شبيحته فهناك مسالخ بشرية. كلنا يذكر، على سبيل المثال، مقاطع الفيديو التي وثقت تنكيل الشبيحة بأهالي قرية البيضا قرب بانياس في الأشهر الأولى للثورة.

وختم الكاتب "بكر صدقي" مقال بالقول "عالم فيه نظام بهذه المواصفات، يواصل قتل البشر في البلد الذي يحكمه منذ ست سنوات بأفظع الأساليب، يستحق رئيساً كترامب لأعظم دولة فيه. كما يستحق شبكة إرهابية كداعش".

رواية الرعب والارهاب الأسدية

من جانبه، تساءل الكاتب اللبناني "علي نون" في مقال له بصحيفة المستقبل اللبنانية  "هل من جديد يُذكر، أو يفاجئ، أو يصدم، أو يثير الأسى أكثر، في الفصل الحديث من رواية الرعب والارهاب الأسدية، الخاصة بالكشف عن شنق ثلاثة عشر ألف سوري، في سجن واحد؟!".

وأضاف في المقال الذي حمل عنوان "أرقام الأسد" ما الذي يضيفه "الرقم" في هذا المقام؟ وأمام حالة سلطوية راكمت في ذمّتها كل تلك الأرواح والدماء والدمار، وعلى مدى سنوات قاربت إكمال العقود الخمسة.. وافتتحت مدوّنة الفتك منذ لحظة وصولها. بل لم تجد في جعبتها شيئاً آخر غير ذلك الفتك يمكنها من الوصول والتحكّم؛ والاستمرار، أو محاولته!

وأردف "ثلاثة عشر ألف إنسان هم جزء بسيط من تراكم أفضى، حسب الأرقام المعلنة والموثّقة لدى الباحثين والعارفين والهيئات الإنسانية الدولية ومراجع المعارضة السورية، الى مقتل ما لا يقلّ عن نصف مليون سوري في غضون السنوات الست الماضيات فقط! يُضاف إليهم في الإرث الأسدي - البعثي، عشرات الألوف، في سوريا وحدها، عدا "الفراطة" في لبنان وبين الفلسطينيين وغيرهم".

انتهاكات الأسد المكشوفة هي نتيجة الاستنكاف الأوبامي

وتابع ما الذي يضيفه "الرقم" في هذا المقام؟ إذا كان نصف تعداد الشعب السوري، أي أكثر من عشرة ملايين إنسان، أُجبروا على النزوح من بيوتهم وأرزاقهم تحت وطأة القصف والتنكيل والقتل وكل ما يمكن تخيله من صنوف العدم الأسدي/ البعثي. ونحو مليونين أو أكثر أصيبوا بجروح مختلفة وجزء كبير منهم "ضُرِبَ بعاهة" دائمة..

واعتبر أن انتهاكات الأسد ورعاته وفظاعاتهم المعلنة والمكشوفة على الأقل، هي في المحصلة نتيجة الاستنكاف الاوبامي عن التحرك المضاد، وعدم السماح لأحد من أهل المنطقة بالتحرك لوقف هذه النكبة عند حدّها، بما كان سيعني تلقائياً ومنطقياً تخفيض مستوى غلوّ الجماعات الإرهابية، "الأصيلة" والمفبركة ولجم "وظائفها" وتمدداتها خارج المدار الجغرافي للحرب؟!

ابن حافظ الأسد لوث وجه الحضارة الإنسانية

الكاتب المصري "هشام عبد العزيز" أشار في مقال بصحيفة  الشرق الأوسط إلى سجن صيدنايا الذي أنشأه حافظ الأسد في عام 1987م ، ويتكون من ثلاثة طوابق ويضم كل جناح في كل طابق عشرين زنزانة جماعية، وهو سجن عسكري خصص لمخالفي حافظ الأسد السياسيين.. اسم السجن؟ "صيدنايا"، يقع تحت الجبل الكبير ويتسع لأكثر من 15 ألف سجين، أي أنه يتسع لنزلاء بعدد سكان مدينة صيدنايا مجتمعين!

وأشار الكاتب في المقال الذي حمل عنوان "أسطورة صيدنايا.. بين جوستنيان وبشار الأسد" إلى أن الصور التي جرى تسريبها من "مسلخ صيدنايا"، تحكي كما تصف منظمة العفو الدولية، عن مآساً

ومخازٍ إنسانية تعز عن الوصف، ولا تدين ابن حافظ وحده بل تدين كل واحد من المليارات السبعة الذين يعيشون على وجه الأرض.. لقد لوث ابن حافظ الأسد وجه الحضارة الإنسانية بما فعله في سوريا وفي سجن صيدنايا العسكري على وجه الخصوص؛ ثلاثة عشر ألف قتيل في أربعة أعوام؟! كيف طاوعتك الأقلام على توقيع الأحكام؟ كيف طاوعك الُمفتون؟ كيف طاوعك الهواء الذي تتنفسه؟! لقد تشظت أسطورة صيدنايا التي صنعها جوستنيان، واستحالت دماء متناثرة على وجه سوريا والشام والشرق الأوسط كله، لترسم صورة مفزعة وكابوساً رهيًبا من أنات المعذبين وطقطقة عظامهم.

وختم الكاتب بالقول "اللهم إني أبرأ إليك. ليس من ابن حافظ وحده، بل ومن كل ابن ... استلذ عذاباتنا".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات