لم يمت!

لم يمت!

كانت فرصة لجورج وسوف ليذكرنا بوجوده وليثبت هو الآخر أنه حي، كانت فرصة له ليغرد عبر تويتر أن كل ما يحكى عنه ليس إلا شائعات مغرضة، لن تنال من عزيمته وعزيمة سيده، فالرئيس حي يرزق وبصحة جيدة، تغريدة الوسوف لا يمكن أن نعتبرها مطمئنة كفاية بقدر ظهور بشار الأسد نفسه في شريط مصور خلال لقاء جمعه مع بضعة أشخاص قيل إنهم من الطبقة "البرجوازية" الجديدة في ريف دمشق ليبدو واضحا أن الفيديو بُث فقط لإثبات أن ما يشاع عن صحة الأسد عار عن الصحة.

شائعة موت الأسد أو إصابته بجلطة أو مقتله من قبل حارس أو تعرضه لأزمات صحية، ليست بالجديدة، فقد شهدت السنوات الماضية الكثير من مثيلاتها، لكن هذه المرة وفي الأيام القليلة الماضية انخرط في تداولها شخصيات عامة معروفة ووسائل إعلام وجهات كثيرة، ليصبح الأمر وكأنه تحد للأسد ونظامه، وهذا ما دفعه بكل تأكيد للظهور حتى ولو من خلال اجتماع باهت لا معنى ولا قيمة له، ما يثير اهتمامي في هذا الأمر ليس حجم تداول الشائعة، وهو ليس بالقليل، بل حجم تأثيرها في الأوساط الرافضة لحكم الأسد ونظامه حتى بدا واضحا مدى الاهتمام بالأمر، وملاحقة من يتحدثون فيه ومتابعة كل تفصيلة تتصل بالأمر ومراقبة صور بشار الأسد وتواريخها وهذا يعطي إشارات بأن السوريين أصبحوا يبحثون عن خلاص ما! أي خلاص وحتى وإن كان بموت فرد، كيف تحول مجتمع كامل من حي، بناء، فعال، ثائر، يدرك الحياة ويحبها ويبحث عنها ويسعى فيها ما استطاع، إلى مجتمع كئيب منكوب يجد خلاصه بموت شخص.

ولا يمكن أن تكون موجة التتبع الحثيث لما رافق نبأ موت الأسد حالة عابرة أو صحية بل هي حالة ضياع كلي للبوصلة الطبيعة المرتبطة بسير الأنظمة والدولة والسلطة، ولا أبحث عن دليل كهذا لأثبت الهاوية التي وصلت إليها سوريا لكنني فعلا مأخوذ بما تابعت على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يدفعنا فعلا للتفكير بالمصير المنتظر لهذه الدولة، فبعد كل نبأ يتعلق بالأسد سنجد هذه الاجتياح العظيم من حالة التخدير والتأمل وهنا تصبح كل الفرضيات واردة وأولها وأخطرها فرضية اللعبة المخابراتية التي تسعى للعبث بالمزاج المتعب أصلا والمعنويات الشعبية للطرفين من السوريين حتى أصبح التأكيد بأن الأسد لم يمت خبرا صادما محبطا لطرف يمثل السواد الأعظم، وخبرا يثير مشاعر الزهو والنصر للطرف الأخر، فهل هذا ما أرادت فعله أذرع الأسد المخابراتية منها والإعلامية؟ وفي فرضيات أخرى تتعلق بصحة الخبر فإن كان صحيحا وأن ثمة طارئ صحي أصاب الأسد أو أن أحدا قتله فهل هي نهاية المأساة؟ 

الأسد لم يمت..والسوريون كذلك، ماتت الشائعة أم لم تمت، كانت صحيحة بكليتها أم ببعضها، لكنها سرت وفضحت هشاشتنا جميعا على طرفي النقيض وحولتنا لمنتظرين، وذكرتني بذات عيد سافرت فيه لأزور بعض عائلتي لأراهم على موعد جمعهم فيه جهاز الكومبيوتر الذي أحضره قريبي وجهز قرصا "سي دي" ليتحلقوا جميعا متابعين لشارح وضع صورتين لصدام حسين ودأب الشارح على تكبير الصورة وتقطيعها ليثبت من خلال أجزاء الوجه في الصورتين ومقارنتها، أن من أُعدم ذات صباح سابق ليس بصدام، بل شبيهه وكأن حال العراق سيتغير فيما لو كان فعلا حيا...أراني بكل أسف أتابع المشهد اليوم يتكرر وهذه المحاولات بجملتها أصبحت مقيتة على وسائل التواصل الاجتماعي.

السوريون، شعب ومجتمع أعرق من أن يتحولوا لهذا الحال من القنوط واليأس ويتعلقوا بشائعات أخبار تخدرهم وتلعب بهم، فحتى لو ظهر الأسد ولم يمت مستمرون في البحث عن حقيقة مرضه وعن انتكاسته الصحية لتستمر الدوامة، ويستمر البحث عن مخرج وإن كان كهذا.

 يا لهذه الأمة حالها وهي تجد خلاصها في الموت، موت أحدهم يحي رعيته، كيف يمكن للشعوب أن تنتظر موتا لتحيا، لتبنى مجدا، كيف يمكن للموت أن يرسم طريق الحياة، كيف تتحول الحياة لنتيجة للموت..ما هكذا تبنى الأمم .....ألا كفى...لم يمت!

التعليقات (3)

    نحن نريدة حي

    ·منذ 7 سنوات شهر
    من قال اننا نريدة ميت بل حي يرزق حتي يدفع ثمن الخيانة والطغيان. جسدة ميت لا قيمة لة لكنا نريدة حي!!!!!

    ابو حمدي

    ·منذ 7 سنوات شهر
    الاستاذ علي مع كل احترامي وتقديري لرايك بشعبنا الا انني اقول وبكل صراحة ليس هناك اي دلائل تشير بان شعبنا السوري هو مجتمع عريق وخصوصا من خلال هذه الازمة تبين لي انه شعب هش ولا اقول يائس بل اقول انه لايعلم شيء عن الامل وعن الثبات في الملمات بل شعب انهزامي يفضل العيش في احضان الغرب واحضان منتجي المسلسلات الخيالية وشعب يفضل الموت في اعماق البحار وان يصبح طعاما للحيتان في سبيل تحقيق هدفه المنشود وهو العيش على صدقات ميركل واخواتها.والملايين من شعبنا تثبت ذلك وليست المسالة فردية بل الملايين فهل هناك في

    ســــــــاميه ـ سوريا

    ·منذ 7 سنوات شهر
    الروس يقصفون المدن والبلدات السورية ويقتلون مواطنين سوريين ... الأمريكان يفعلون الشيء نفسه ... الفرنسيين يشاركون في القصف ... البريطانيون أيضاً ... الأيرانيون يقتلون ويحتلون ... حزب اللآت يقتل ... ميليشيات طائفية عراقية .. أفغانية ... مرتزقة ... الأتراك يجتاحون الأراضي السورية ... أمريكا أنشأت قاعدة لها على أراضٍ سوريةٍ ... بريطانيا على أراضي سوريا ...... نسينا أسرائيل حيث تقصف وتدمر حيثما تشاء منذ ٤٦ سنة ــــــ ولكن أنتبه أيها السوري فمازال لديك في القصر صعلوك سافل يسمي نفسه رئيس.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات