صورة السوري كإرهابي..

صورة السوري كإرهابي..
لم يكن إدراج الرئيس دونالد ترامب اسم سوريا ضمن قائمة الدول السبع الممنوعة من دخول الولايات الأميركية بجديد، فتاريخ العلاقات بين سوريا 1970 والغرب حافل بقوائم وتسميات عديدة كانت لا تؤذي سوى المواطن السوري وحده بدليل استمرار النظام لسبعة وأربعين عاماً حتى الآن.

من هو المسؤول عن تحويل صورة المواطن السوري من كونه انساناً عادياً ومواطناً عالمياً ذو احترام، إلى صورة المواطن الإرهابي الملاحق في جميع دول العالم، والذي يتم إيقافه لساعات في أغلب مطارات العالم واستجوابه كأنه مجرم وذلك فقط لأن جواز سفره يحمل الجنسية السورية؟

ولماذا يجب على المواطن السوري أن يدفع فاتورة المغامرات السياسية والعسكرية التي قامت بها أنظمة حكمت بلده وهو لا يدري عنها من شيء؟

بداية لا بد لنا من معرفة أن قائمة الدول الراعية للإرهاب والتي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية منذ 29 كانون الأول سنة 1979 كانت تضم أربع دول فقط هي العراق واليمن الجنوبي وسوريا وليبيا. ومن ثم أضيفت لها على التوالي كوبا في 1982 وإيران في 1984 وكوريا الشمالية في 1988 والسودان في 1993.

وكل هذه التصنيفات كانت تعطى حسب موقع وزارة الخارجية الأميركية لجميع الدول التي ترعى أو تقدم دعماً أو تزود فئات غير شرعية بالأسلحة خارج حدودها ولأسباب تمس بالأمن العالمي والسلامة المدنية في العالم، وربما ليس بغريب أن يكون اسم سوريا من ضمن الدول المؤسسة لقائمة الدول الراعية للإرهاب عالمياً، منذ تأسيس هذه القائمة والتي يتم بناء عليها تقييد حرية التنقل لجميع المواطنين حاملي جنسية تلك البلدان و منع المساعدات التكنولوجية و التقنية والعسكرية والاقتصادية لها، ومن السهل طبعاً على أنظمة تلك البلدان أن تواجه القائمة الأميركية بالاستهزاء والشعارات القومية التي تتحدث عن المواجهة مع الامبريالية والاستعمار بينما يخضع أبناء شعوب تلك الدول لأسوأ أنواع العقوبات الاقتصادية والطبية و التقنية.

ولكن هل أتت تلك القائمة من فراغ، وكيف استطاع النظام الذي يحكم سوريا من تحويل صورة مواطنيه من بشر عاديين إلى مجرمين مطاردين مشتبه بهم في جميع أنحاء العالم الحر ؟،وصولاً إلى مرسوم الرئيس دونالد ترامب حول منع دخول السوريين من ضمن مواطني سبع دول إلى الولايات المتحدة.

فمنذ السبعينات ، لم يلتفت النظام الحاكم في سوريا مطلقاً لبرامج التنمية الداخلية ،أو تنمية الاقتصاد الوطني ، بل كان جل اهتمامه هو في كيفية تثبيت أركان حكمه وتطويع خصومه المجاورين فعمد إلى سلسلة طويلة من الاغتيالات في لبنان الذي كان يعاني بدوره من حرب أهلية وفوضى أمنية كبيرة ،جعلت الساحة اللبنانية وفوضى التنظيمات الفلسطينية و اللبنانية و جموع التدخلات العربية والغربية فيها أرضاً لتدريب أجهزته الأمنية التي تعاملت بآن واحد مع العسكرة و الجواسيس وطرق اختراق الخصوم وتجنيد العملاء و التفخيخ و الخطف وأحياناً إدارة تلك التنظيمات لأغراض سياسية ،فكان وبالتنسيق مع التنظيمات العاملة معه آنذاك، يعمل إلى خطف الطلاب والأطباء والصحفيين الغربيين ومن ثم ابتزاز دولهم وطلب تسويات في ملفات أخرى، مما أزعج الغرب حينها كثيراً ولكن ما من مفر وقتها من التعامل مع سوريا التي تطوق لبنان جغرافياً وبالتالي كانت قادرة على تغيير المعادلات بالكامل فيه.

امتد الموضوع وكبر وصولاً إلى تنفيذ اغتيالات كبيرة في لبنان وفي الأردن ،مثل اغتيال المفتي حسن خالد والزعيم كمال جنبلاط والرئيس بشير الجميل و الرئيس رينيه معوض وضلوع الأجهزة الأمنية السورية بالأدلة في هذه الاغتيالات وغيرها ، و من بعدها محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني مضر بدران في عمان ، واستضافة التنظيمات الفلسطينية الثورية في دمشق وفي بيروت التي كانت متمرسة في خطف طائرات وسفن الدول الغربية ومن ثم طلب تسويات سياسية في ملفات أخرى أيضاً ،ازداد الانزعاج الغربي بشكل كبير حتى أصدرت الولايات المتحدة قائمة الدول الراعية للإرهاب في 1979.. ولكن النظام لم يستكن وقام بقمع وحشي لمعارضيه بدءاً من مجزرة تدمر في العام 1980 وصولاً إلى حماة 1982، فما كان من  الغرب والسوفييت إلا  اعتبار أن هذا شأن داخلي ، أما الأمر الذي فجر غضب أوروبا على النظام في الثمانينات هي حادثة نزار هنداوي الفلسطيني الأردني الذي سلم نفسه إلى سلطات الأمن البريطانية مدلياً باعترافات كاملة حول تجنيد المخابرات الجوية السورية له ليضع في حقيبة حبيبته الإيرلندية الحامل منه  قنبلة متفجرة  ، لنسف طائرة العال الاسرائيلية وعلى متنها أربعمائة شخص من جنسيات مختلفة ،مما أدى إلى فضيحة دولية كبيرة ومقاطعة أوروبية شاملة من الدول الأوروبية لسوريا سببت ضائقة اقتصادية خانقة يذكرها كل الشعب السوري.

واستمر الحال على ما هو حتى أتت تسوية مشاركة القوات السورية في حرب الخليج الثانية برفقة الجيش المصري ،فحصل انفراج بسيط في العلاقات مع الغرب ، ما لبث أن تداعى مع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وسحب الغرب سفراءه من سوريا بشكل جماعي ،أتبعها اتهام رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، النظام السوري بإرسال المجاهدين إلى العراق فازدادت الأزمة وزادت العقوبات طبعاً على الشعب السوري وحده ،وحينما أعلن جورج بوش الابن عن قائمته لدول محور الشر التي ضمت العراق وايران و كوريا الشمالية ،استبشر السوريون خيراً بخروجهم من دائرة التسمية ووسم الإرهاب، ولكن الوضع بقي على ما هو وصولاً إلى الثورة في 2011 والتداعيات التي أعقبتها في الأعوام التالية ..سلسلة طويلة من المغامرات، أثبتت عقمها وأثبتت ضياع الجهد القومي والاقتصادي والوطني على مجموعة من العمليات الاستخباراتية الفاشلة والتي لم تفد النظام بشيء وانما فقط وصمت المواطن السوري بصفة واحدة أضحت ترافقه أينما ارتحل في العالم ،مغيرة وإلى فترة طويلة صورة السوري في الذاكرة الأوروبية، والغربية عموماً. 

التعليقات (1)

    حرمون الشام

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    الشعب السوري شعب منفتح حضاري محب للناس فاعل في أي مجتمع يدخله عملي نشيط مبدع. بعيد كل البعد عن التطرف. لكن النظام المجرم الخائن الفاسد الذي تعامل مع شعب يحب الحرية والحياة والإبداع. والبناء بالحديد والنار والسجون. أجبرهذا الشعب أمام صمت العالم ودعمه لهذا النظام المجرم على حمل السلاح للدفاع عن نفسه بل والأسوأ من ذلك كان هذا النظام قد صنع مجموعات إرهابية في سجونه وأطلقها ليطمس الحقائق من خلالهت والمجتم الدولي يعي هذه الحقيقة تماما وصمت على إجرام النظام بل وساعده .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات