لماذا علينا أن نتحدث عن اقتتالهم؟

لماذا علينا أن نتحدث عن اقتتالهم؟
في غمرة أفراح شعبنا العظيم بما يجري وجرى في أستانا وضواحيها، وفيما جرى ويجري في وادي بردى وقراه، ينشب قتال بين الفصائل المقاتلة في الشمال السوري، قتال كان نارا تحت رماد إلى أن اشتعلت وبدت كل الجهات معدة مستعدة لهذه المناسبة، من المفيد القول إن ما كان في أستانا ليس محط اهتمام الشعب السوري ولا مدعاة لفرحه، لأنه يدرك أن روسيا لن تقدم له شيئا ومن المفيد أيضا الاعتراف بأن الفصائل والجهات السياسية التي تمثلها هي اليوم أضعف من أن تتعامل مع المعطيات الدولية بطريقة إملاء الشروط أو برفاهية الرفض والموافقة على ما يطرح عليها، فكان أستانا محطة فقط في طريق طويل وصنعت حسنا الفصائل التي شاركت بأنها أقصت النقاش في السياسة الذي كان مطروحا حتى لا ينسب لها أنها وقعت في فخ روسي.

 لكن لماذا علينا أن نتحدث عن اقتتالهم؟ ببساطة لأن الحديث ذو شجون خاصة وأنه مرتبط بأستانا ذاك الاجتماع الذي لم يسمن ولم ولن يغني من جوع لكنه كان سببا للاقتتال هنا لابد من البحث عن خفايا ما جرى وهل فعلا كانت الفصائل التي شاركت بأستانا أو التي تقاتل اليوم جبهة فتح الشام عاقدة العزم على قتالها وإقصائها من المشهد السوري أما أنها النتيجة المتوقعة لصراع بقاء الأقوى الذي سيفرض حكمه على الأرض؟ وأنا ميال لهذا الاحتمال إذ إن الساحات تاريخيا لا يمكن أن تحتمل كما كبيرا من القوى ذات الرؤى المختلفة، التي تعمل كل حسب طريقة معالجته للأمر وحسب أدبياته فأجد أنه كان لزاما على الجميع التوقع أن الساحة وخاصة في الشمال السوري مركز القوى الوحيد الذي يتواجد فيه الجميع تقريبا هي ساحة ستكون للاندماجات الإرادية أو اللاإرادية لتكون القوى الباقية هي قوى فعالة ومتمكنة وقادرة على إدارة شؤونها وشؤون من ترعى!

علينا أن نتحدث عن اقتتالهم لأن هذه المرة في هوامش الاقتتال وساحاته وفضاءاته الأخرى غابت الدعوات "الساذجة"  لوقفه أو كانت قليلة وكأن الجميع أدرك أن ما كان يحصل ليس إلا تأجيلا لأمر لابد من حدوثه فبرزت هذه المرة الاصطفافات والحشد والاندماج استعدادا للقتال وليس للصلح وإن كانت ثمة مبادرات إعلامية تصدر هنا وهناك من جهات أغلبها "شرعي" بدعوة حقن دماء الشباب المسلم وكأن هذا الشباب لا يعي مايفعل وكأنها ليست ساحة منافسة يدرك الجميع أنها لن تكون للكل وستبقى للقوي الجسور المدعوم، والمعزز شعبيا وهذه النقطة تحديدا عليها لغط كبير بين من ينظّر فكل جهة تعتبر أن الشعب معها لأنها بذاتها  مقبولة شعبيا، فصاحب المشروع الإسلامي يرى ذلك وصاحب المشروع الـ"الوطني المدني" يرى ذلك.

 بينما على الأرض يستشف أن أغلب المتقاتلين ينحدرون من منطلق إسلامي لكن برؤى مختلفة، إذاً هو صراع سلطة ونفوذ وبقاء لندرك ذلك حقيقة وهنا استذكر كلام محمد علوش حينما سئل عن الاقتتال فلم ينحُ إلى طلب وقفه ولم يجنح للسلم بل دعا لقتال فتح الشام وله في ذلك حجج، بينما حركة أحرار الشام المناط بها اليوم استيعاب كل الآخرين لتكون مظلة حماية ومصدر قوة لقتال الجبهة أو على الأقل لوقف القتال مع الجبهة سلما أو حربا، لا تبدو الحركة في وضع مستقر ولا يبدو أنها فعلا قابلة بهذا الدور الذي سيضعها مؤكدا بمواجهة فتح الشام التي هي الأخرى لا ترى بدا من قتال الجميع ليرضوا بفروض الطاعة.

من هنا ينطلق البعض بحملات تحمل فتح الشام كل المسؤولية وأنها هي من "غدرت" بالآخرين لأنهم ذهبوا لأستانا ولأنهم أصحاب المشروع الوردي بينما هي صاحبة مشروع ظلامي دامس، يتناسون جميعا ما حققت هذه الفصائل مع النصرة في معارك كبرى وانتصارات تغنى بها الجميع، ويناسون أن الجبهة غير مقبولة أصلا بثوبها القاعدي أو بثوبها الحالي ومع ذلك كانوا يرون فيها أملا بأن تكون سندا مستمرا بينما لم يخفِ قادتها أساس ومنطلق وجود الجبهة ولا رؤية استمرارها؛ وعلى الطرف المقابل يرى المدافعون عنها أنها من أنقذت سوريا المحررة من الضياع وأنها فقط من حررت ويتناسون أيضا مشاركة كل الفصائل وماقدم شباب هذه الفصائل في سبيل التحرير وفي المعارك، ويتناسون أيضا أن الجبهة بحلتيها كان شديدة البأس في التعامل مع فصائل أخرى قاتلتها لمجرد أنها شقت عصا الطاعة أو هكذا روجت وأن كل الفصائل التي أنهتها كانت مجرد أدوات للاستخبارت أو أنها كانت ضدها وكثير من مأخذ على سلوكيات الحكم والتحكم.

ولأنني غير معني ولا مشغول في البحث عن حقيقة أي الطرفين أحق، ودافعي في ذلك أن التاريخ والتجربة يؤكدان أن الحال هذه حتمية ولا يمكن ان تستمر الساحة برؤوس عديدة وهذا ما أصبح واضحا غير مخفي فالكل اليوم يدعو للقتال مع هذا الطرف أو ذاك لأنهم يعلمون أن ما دون ذلك تأجيل ويعلمون أن الحديث عن اقتتالهم أصبح مملا ممجوجا ولماذا علينا الحديث عن اقتتالهم إلا لنوضح أن الأيام القادمة وإن كانت تحمل تهدئة إلا أنها ستكون مقدمات لاقتتال جديد إلى أن تفرض رؤية ومشروعا يقبلها الشعب.

التعليقات (1)

    امين

    ·منذ 7 سنوات شهر
    لتعلم ان الحبهه سعت منذ زمن للوحده مع كل الثوار ،بداية" انشقت عن القاعده ثم حاولت التوحد مع احرار الشام وتخلت عن القياده ورفضت الاحرار والان حلت نفسها وتخلت عن القياده ايظا .لعنه الله على الخونه عبيد الدولار عملاء الخارج ،وعلى ذلك فمن يريد دوله سوريه غير عربيه واسلاميه فليذهب الى بشار فهناك مكانه وليس بين الثوار من يكره النظام الاسلامي فهو يكره كل المسلمين ويتهمهم بالتخلف والارهاب مثله مثل الغرب الذي يحارب الاسلام وشكرا لك عسى ان تبحث عن الحق وتجده والحق هو رب العالمين قوانينه واوامره .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات