مناطق آمنة في سوريا و كوابح ترامب للحل على الطريقة الروسية؟

مناطق آمنة في سوريا و كوابح ترامب للحل على الطريقة الروسية؟
فاجأ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب كعادته في قراراته الأخيرة العالم باستعداده لتوقيع أمر تنفيذي بإنشاء مناطق آمنة في سوريا، وهو ما انتقده الكرملين ووصفه بالمفاجئ وأنه لا بد أن يُفكر في عواقب هكذا قرار بحسب الناطق باسم الكرملين، لكن الواضح أن الإدارة الأميركية الجديدة كبحت جماح الشبق الروسي في تقديم نفسه كقوة عظمى وعالمية، والأوضح أن ادارة ترامب لا تزال تشاطر  على ما يبدو إدارة أوباما السابقة رؤيتها من أن روسيا دولة اقليمية كبرى وليس دولة عالمية عظمى، فكان قرار ترامب لكبح الاندفاعة البوتينية في الاستانة، وهي التي مثلت نفسها فيها بمستوى سفير فقط، بينما كان الرئيس الروسي يتحدث عن اتحاد فيدرالي مع سوريا وكتابة دستور وغيره من أحلام اليقظة التي سريعاً ما أفسدها عليه ترامب بطرحه المناطق الآمنة...

هاجس وكابوس المناطق الآمنة في سوريا هو كابوس روسي بامتياز ثم إيراني فأسدي، ولذلك التقطت المعارضة السورية رأس الخيط حين رفضت هيئة التفاوض وكذلك الائتلاف المعارض دعوة الخارجية الروسية الجمعة الماضية لزيارة موسكو، وأصرت على التوجه إلى مفاوضات جنيف، فالتسريبات المتوفرة حتى الآن هي أن  الرؤية الأميركية للمناطق الآمنة ستكون في ثلاث، إحداها على الحدود مع تركيا والثانية على الحدود مع الأردن والثالثة في ضواحي دمشق على الحدود مع لبنان، وبالتالي سيكون من أولى تداعيات المشروع، كبح جماح الاستفراد الروسي بالحل في سوريا وقيادة الحرب والسلام فيها، بالإضافة إلى وقف التمدد والتوسع الإيرانيين هناك، وبالتالي فكرة أن تكون سوريا محافظة إيرانية، أو أن يكون الأسد هو الزعيم الأوحد فيها قد  انتهت إلى الأبد، فضلاً عن تطبيق أحلام القيصر البوتيني بتكوين اتحاد فيدرالي سوري ـ روسي، فوجود هذه المناطق الآمنة يعني باختصار أن أميركا والدول المشاركة بالخطة ودّعت فكرة سوريا واحدة تحت سيطرة الأسد، مما يجعل من هذه المناطق فرصة كبيرة للمعارضين للعصابة الطائفية في تجميع أنفسهم وقطع صلاتهم بسوريا الأسد...

القوى الاقليمية والدولية ستتشجع أكثر على قطع صلاتها وعلاقاتها مع العصابة الطائفية والمشروع الإيراني والروسي في سوريا، وستبدأ بالإعداد إلى مرحلة ما بعد الأسد، وهنا قد يبرز الخلاف والتباين الكبير بين الرؤيتين الأميركية والروسية، فواشنطن تنظر إلى موسكو على أنها طرف تنفيذي في محاربة ما يوصف بالإرهاب ونحوه وليس في قيادة الحل والتسوية السياسية بسوريا...

روسيا ومعها حليفتها إيران "مهجوستان" الآن بالتجربة الليبية، فحين تم فرض المناطق الآمنة فيها، كان ذلك  مقدمة لإسقاط القذافي والقذف بالنفوذ الروسي بعيداً عن ليبيا ولذا فمثل هذه المناطق الآمنة قد تكون حلاً على الطريقة الليبية، يكون رحيل طاغية الشام أولى ضحاياها، وهنا ستكون تركيا المستفيد الأول من المزاحمة الأميركية لروسيا في سوريا إذ أنها قد تلعب دوراً وسيطياً ومحورياً بين الطرفين فيما يتعلق بالمناطق الآمنة والرؤية القادمة لرحيل الأسد، فقد عاد وأكد المسؤولون الأتراك عقب طرح المناطق الآمنة الأميركية التأكيد على  أن لا مستقبل للأسد في سوريا الغد.

يدرك تماماً ترامب أن عدم التعاون مع أوربا وتحديداً فيما يتعلق بمعالجة هواجسها ومخاوفها والتي يقف على رأسها اليوم استقبال المهاجرين الذين قد يتدفقون بشكل أكبر في حال استمرت المعارك في سوريا، سيكون وقوداً للانزعاج الأوربي من أميركا، وهو ما قد يطلق سباق تسلح بين أوربا وأميركا، ويجعل أوربا تلعب دوراً تنافسياً مع أميركا، ولذا تأتي فكرة المناطق الآمنة لتحل مشكلة أوربا أولاً، وثانياً لتُبعد تركيا عن روسيا بعد تقاربها الأخير، خصوصاً وأن الطاقم العسكري الذي أتى به ترامب يحمل عقيدة عسكرية قديمة مفادها أن تركيا حليف تقليدي لا يمكن الاستغناء عنه، وفوق هذا كله استعادة الدور الأميركي ريادته في الشأن السوري..

التعليقات (1)

    عبدالله على شيخ

    ·منذ 7 سنوات شهرين
    انشاءمناطق آمنة في سوريا من قبل امريكاهو إبادة جماعية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات