هكذا يقضي المعتقلون وقتهم في غياهب سجون الأسد

هكذا يقضي المعتقلون وقتهم في غياهب سجون الأسد
بعيداً عن مؤتمر الأستانة وعلى هامش الأجندة المعدة للمحادثات، ثمة في سوريا من لا تصله الغارات ولا يتأثر بوقف إطلاق نارٍ أو تكثيفه، وهو مغيب في الدرك الأسفل من مناطق سيطرة النظام ويخوض أقسى أنواع المعارك ضراوةً في سبيل البقاء على قيد الحياة والحصول على أدنى مقوماتها، فبعد اعتقادنا بفشل عشرات المحادثات والمفاوضات، يبدو أن النظام نجح من خلالها في تغييب كامل لملف المعتقلين عن جدول أعمال أي مؤتمر أو لقاء يحدث أو يتم التخطيط له.

كيف يمضي الوقت؟ 

سنوات من الموت البطيء يعيشها مئات آلاف المعتقلين السوريين من الشباب والرجال والأطفال والنساء وكبار السن، في سجون بشار الأسد يتعرضون فيها لأبشع أنواع الجرائم من تعذيب، واغتصاب، وإبادة جماعية، حيث تم تغييب قسم كبير منهم وراء قبضان السجون منذ قرابة ستة أعوام، ليرتكب بحقهم أقسى أنواع الانتهاكات.

ويروي معتقلون سابقون نجوا من الموت بأعجوبة فنون التعذيب التي يمارسها شبيحة الأسد بدءاً من "حفل الترحيب" وهي تعذيب ممنهج يتم فيها ضرب المحتجزين لساعات وربما لأيام بحجة التحقيق، ويستخدمون فيها أدوات مختلفة، خرطوم ري أخضر، وقضيب مصنوع من السليكون، و قضيب حديدي له كرة بها مسامير في الأعلى فضلاً عن تشبيحهم وتعليقهم على الجدران والتعذيب بالكهرباء و إطفاء السجائر بأجسادهم.

وإذا نجا المعتقل من كل هذا تنتظره في "الزنزانة" طرق تعذيب من نوع آخر وهي حبسه في غرفة حجمها مترين تدعى "منفردة" لمدة لا تقل عن 4 أو 5 أشهر، إلى أن يتم نقله لزنزانة الاعتقال الجماعي أو ما يسمى بالـ"مهجع" ، ويكون فيها أقصى أحلام المعتقل أن يتنفس أو ينام جالساً، حيث يتم باستمرار فتح باب الزنزانة والضغط عليهم من قبل الشبيحة وإدخال المزيد من المعتقلين لدرجة احتواءها على نحو 200 معتقل دون ترك مجال لجلوس أكثر من 10 منهم، حينها يتناوبوا على الجلوس لمدة لاتزيد عن نصف ساعة لكل معتقل خلال اليوم الكامل، وعلى ضوء ذلك تنتشر الالتهابات في أرجلهم فلا يجد النظام طريقة للتخلص منها إلا البتر دون مخدر أو استخدام أدوات طبية.

أما بالنسبة للطعام فهو عبارة عن كسرات من الخبز يتم قذفهم بها إلى جانب أحد أنواع الخضروات التالفة، يتسابق المعتقلين في الحصول عليها، فيما يستغني دائماً أحدهم عن حصته لصديقه الذي تفصله عن الموت جوعاً ساعات قليلة، في حين يقضي الكثير منهم خنقاً جراء ارتفاع الحرارة في الصيف، أو برداً من شدة انخفاضها في الشتاء.

وهنا لا تكون مرحلة التعذيب الجسدي قد انتهت، حيث يُطلب يومياً نحو 5 معتقلين في سبيل قتلهم تحت التعذيب، حينها إما أن يموت فعلاً أو أن يعود إلى الزنزانة ليعيد مسلسل التعذيب من البداية، ومن يحالفه الحظ منهم يفقد ذاكرته وينسى أهله وجميع الأشياء التي تربطه بالماضي بدءاً من طعامه المفضل أو وسائل الترفيه وهوايته وليس انتهاءً بالتفاصيل والأحداث الموجعة التي تعرض لها داخل المعتقل.

وفاة حوالى17723 شخصاً

وكانت منظمة العفو الدولية كشفت مع نهاية العام الماضي النقاب عن تجارب مروِّعة لمعتقلين تعرضوا للتعذيب المتفشي وغيره من ضروب المعاملة السيئة في سجون النظام، وأشارت إلى أن حوالى17723 شخصاً قد تُوفوا أثناء احتجازهم في سوريا منذ اندلاع الثورة أي بمعدل أكثر من 300 شخص كل شهر.

كما وثِّق التقرير، الصادر بعنوان "إنه يحطّم إنسانيتك": التعذيب والمرض والموت في سجون سوريا"، جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قوات الأسد، حيث استعاد التقرير تجارب آلاف المعتقلين من خلال استعراض حالات 65 ناجٍ من التعذيب، الذين وصفوا انتهاكات مروِّعة وظروف غير إنسانية في الفروع الأمنية التي تشرف عليها أجهزة مخابرات الأسد، وفي سجن صيدنايا العسكري، الواقع على أطراف العاصمة دمشق. وقال معظم المعتقلين إنهم شاهدوا سجناء يموتون في الحجز، وذكر آخرون أنهم احتُجزوا في زنازين الى جانب جثث المعتقلين.

ويسلِّط التقرير الضوء على إحصاءات صادرة عن "مجموعة تحليل بيانات حقوق الإنسان"، وهي منظمة تستعين بمناهج علمية لتحليل البيانات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. وتشير هذه الإحصاءات إلى أن ما يزيد عن 17723 شخصاً قد لقوا حتفهم أثناء احتجازهم في شتى أنحاء سوريا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات