لكن الأسد وإيران لا طاقة لهم بدخول معركة في إدلب لأنها ستكون دون شك برية تحتاج للمقاتلين وهو ما يعتبر اليوم نقطة ضعف قوات الأسد التي خسرت مخزونها البشري بشكل هائل كما أن الميليشيات الشيعية أثبتت عدم فعالية في معارك كثيرة آخرها حلب التي لم تتمكن الميليشيات من احتلال متر واحد فيها في معارك برية، وخيار قصف إدلب وريفها وتدميرها من قبل الطائرات الروسية كما حصل في حلب لا يبدو خيارا مقبولا لا روسياً ولا تركياً خاصة بعد تقاربهما الأخير، والنحو باتجاه وقف إطلاق النار والاتجاه لشيء من السياسة، وإن لم يكن هذا الخيار مرفوضا أصلا من قبل روسيا إلا أنه يبدو مرفوضا تماما من قبل تركيا، حتى إن الأسد رغم كل ما حدث في صالحه في الأشهر الأخيرة لم يذكر صراحة نية قواته التقدم باتجاه إدلب.
معركة ليست سهلة فيما لو حصلت وستكون طويلة وشاقة هذا معروف لأبسط من يشتغل باستراتيجة المعارك ولذلك كله يبدو أن الولايات المتحدة اختارت أن تبدأ المعركة بطريقتها على أمل أن تنهي أو تحد من إمكانية عدوها الحالي المعلن في إدلب "جبهة فتح الشام" ليتسنى لها حسب ما تروج فصلها عمن تعتبرها معارضة مقبولة، لكن كيف دخلت واشنطن هذه المعركة دون تنسيق مع الروس؟ ولماذا اختارت هذا التوقيت وماهي مآلات هذا النشاط المفاجئ الذي بدأ مع دخول العام الحالي وقتل إلى اليوم قرابة المئتي عنصر من الجبهة بينهم قياديون اعترفت بمقتلهم بينما كان البنتاغون يسارع أيضا ليعرض استهدافه ويصر مع كل بيان على تبيان أن لديه قدراً كبيراً من الثقة في عدم وجود مدنيين بين الضحايا.
الأمر برمته لا يبدو عاديا بالنظر أيضا للتوقيت الذي تسارع فيه موسكو إلى جر الأطراف بمساعدة وأحيانا ضغط من تركيا إلى مؤتمرات ومفاوضات وتصر ومعها تركيا أيضا على إبعاد فتح الشام عن أي هدنة أو اتفاق بينما تتولى الولايات المتحدة دور التصفية وكأنه توزيع للأدوار وإذا سألت السوريين رأيهم ستجد الأراء متناقضة حول ما يجري وأنا فعلت، فكان رد "الخائف" أن معركة كهذه تقينا حربا تشبه ماحصل في حلب فإن كنا و"الحديث له" نتألم لمقتل الشباب لكن ماذا نفعل لقد تعبنا.
أما آخر فكان رده بأنها حرب على السوريين وإن كان الآن دور الجبهة فالدور قادم على الكل إن لم يقفوا في وجهها، شخصيا لا أدري كيف يمكن الوقوف في وجهها لكن ما يحصل على الأرض يشي بأن ثمة مشتغلين في هذه الحرب وهم على الأرض فمن يعطي الإحداثيات والمعلومات الدقيقة أو الغاية في الدقة هو شريك وله أهدافه أيضا في تصفية جبهة فتح الشام، ومن يشارك يقاتل الجبهة أيضا من خلال اغتيالات وتصفيات تتم بصمت دون الإعلان عنها، وهذه الشراكة تفتح بابا للسؤال هل الحرب التي يعرف الجميع أنها قادمة على فتح الشام بعد رفض تحولها من النصرة بدأت، وهذه أحداثها أم أن ما يحدث الآن هو فقط بدائل ممكنة لمعركة إدلب الكبرى وهذا أيضا باب للسؤال هل المشاركة في الحرب على الجبهة من خلال الإرشادات والعيون ستكون كفيلة بتجنيب المنطقة حربا أكبر أم أنها حرب الدرونز الأميركية التي تؤجج نارا ولا تطفئها.
التعليقات (1)