تقرير أولبرايت - هادلي على طاولة ترامب

تقرير أولبرايت - هادلي على طاولة ترامب
أصدر معهد أتلاتنيك الشهر الماضي تقرير مهم جداً يتعلق بالسياسة الأمريكية في المنطقة بشكل عام وسورية بشكل خاص. التقرير الذي أشرف على إعداده فريق كبير برئاسة كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت – ديموقراطية- ومستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادي – جمهوري - تضمن ما يشبه توصيات للإدارة الأمريكية المقبلة برئاسة دونالد ترامب.

بالنسبة للمنطقة اعتبر التقرير - رويتزر 30 تشرين ثاني/نوفمبر 2016 - أن الانعزالية، هي وهم خطير للسياسة الخارجية الأمريكية رغم الإقرار بأن حلول المنطقة واستقرارها ليست بيد الولايات المتحدة، ودعا الدول الأخرى للمساعدة في حسم الصراعات في العراق وليبيا واليمن، ودعم الإصلاح الداخلي في جميع أنحاء المنطقة.

أما بالنسبة لسورية فدعا التقرير الولايات المتحدة الى أن تكون مستعدة للاستعانة بالقوة الجوية وأسلحة المواجهات، واتخاذ إجراءات سرية وتعزيز الدعم للقوات المعارضة، وإحباط مساعي الأسد لتعزيز قبضته على المراكز السكانية في غرب البلاد.

شروحات أوسع قدمها واضعاً التقرير – أولبرايت وهادلي - في حديث مع صحيفة الحياة - 2 كانون أول ديسمبر 2016 - وتحديداً هادلي الذي قال نقلت عنه الصحيفة قوله "من أجل زيادة التأثير الأمريكي علينا تسريع وتقوية جهودنا في محاربة تنظيمي وداعش والقاعدة هناك، وهذا سيمنحنا نفوذ أكبر علينا أيضاً أن نزيد من قوتنا العسكرية من خلال استخدام أسلحة عبر حاملات طائرات وأيضاً تزويد وحدات في المعارضة تم التحقق من رصيدها بأسلحة نوعية وصواريخ دفاعية، وعندما تسقط إحدى طائرات الأسد يتغير الجدل.

هادلي قدم أيضاً وجهة نظره فيما يتعلق بالمناطق الآمنة قائلاً عندما نتحدث عن إنشاء مناطق فليس بالضرورة أن تحميها أمريكا، بل تتم حراستها من قوات محلية على الأرض وأسلحة مقدمة لهؤلاء لحماية المدنيين.

أما أولبرايت فاعتبرت من جهتها أنه يجب أن يكون هناك جهد مشترك والسعي من خلال الكونغرس للدفع بالتوصيات، وأنا كنت مع السناتور جون ماكين، وهو يؤيد هذه الأفكار للتأثير في ترامب. وختمت أن الوحشية في حلب لا يمكن التغاضي عنها كما يجب البناء على كلام ستيفان دي مسستورا، والسعي للضغط لتحريك العملية السياسية.

التقرير يكتسب أهمية فائقة لعدة أسباب ، أولها أنه من المواد المهمة والمركزية التى ستكون على مكتب الرئيس المنتخب ترامب وتوصياته ستشكل بالتاكيد محور نقاشات الادارة حول القضية السورية .

  التقرير تضمن كذلك نقاط التوافق الديموقراطية الجمهورية تجاه القضية السورية والمنطقة بشكل عام، وعبر بالتاكيد فى السياق عن المزاج السياسي الحزبي في واشنطن.

التقرير يكتسب أهمية مضاعفة ايضاً بسبب ترؤس أوبرايت وهادلي لفريق العمل الخاص به. فالأولى تتمتع باحترام كبير عند الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء، ورغم قربها من المرشحة الديموقراطية الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، إلا أنها على علاقة جيدة بقيادات ورموز الحزب الجمهوري، مثل جون ماكين العضو الجمهوري النافذ في مجلس الشيوخ. أما هادلي الجمهوري فيتمتع باحترام كبير أيضاً في أوساط الديموقراطيين بسبب مهنيته وتاريخه، عوضاً عن كونه مرشح للتواجد بالقرب من الإدارة الجديدة سواء في وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع.

في المضمون يمثل التقرير إدانة لسياسات الرئيس المنصرف باراك أوباما في سورية والمنطقة بشكل عام، والانعزالية التي استندت إلى حماية أمن إسرائيل - وتدفق النفط الرخيص - والتوصل إلى اتفاق نووي مع إيراني، تضمنت أيضاً اتباع سياسة خاطئة، بل كارثية في سورية، والتخلي حتى عن الخطوط الحمر التي رسمتها الإدارة نفسها وإطلاق يد طهران في المنطقة بما في ذلك إبقاء رجلها-بشار الأسد- في سورية. كما أقرّ أوباما شخصياً في سياق دفاعه عن التفاهم  والتوافق معها.

أهم ما في التقرير بالتاكيد ذاك الجزء أو التوصيات المتعلقة بسورية، تحديداً فيما يتعلق بتسليح قوات المعارضة، بما في ذلك مضادات للطيران، كما تبنيه لفكرة المناطق الآمنة المحمية في البلد.

بتفصيل اكثر فقد جاءت محاربة الارهاب مرتبطة مع تسليح المعارضة باسلحة نوعية واسقاط طائرات للاسد  ما يسمح بتغيير جدى فى موازين القوى ، ويجبر الطاغية على الانصياع للتسوية بحدها الادنى المقبولة من السوريين والمجتمع الدولى والمتمثلة باعلان جنيف القرار 2254 معلوم طبعاً أن ثمة جهة واحدة مستعدة للقيام بالعمل المزدوج، محاربة الارهاب ومحاربة الاسد فى الوقت نفسه وتتمثل بالجيش السورى الحر والمجموعات الثورية المقاتلة المدعومة من تركيا والتى على صلة وثيقة بها .

هذا الربط أى محاربة الرهاب ومحاربة الاسد فى الوقت نفسه تسقط تنظيم بى كا كا السورى من المعادلة، فهو يرتبط بعلاقات وثيقة وحتى علنية مع النظام أو بقاياه بالاحرى،  وبالنسبة للارهاب وبعدما بات تحرير مدينة الباب من داعش مسالة وقت فقط ، فان معركة الرقة المدينة العربية السورية اكبر من بى كا كا السورى ولا مكان فيها الا للقوى الكبرى ناهيك عن أبنائها والقوى المحلية الأخرى أى الجيش الحر والمجموعات المرتبطة به .

 فكرة المناطق الامنة مرتبطة  مباشرة بالمعطيات السابقة ولا احد تحدث مرة-كما يزعم الجبان اوباما فى سياق رفضه لها-عن ضروة وجود قوات أمريكية على الأرض، فالثوار السوريين قادرين على أداء المهمة شرط تسليحهم دعمهم جيداً على الأرض استخباراتياً ولوجستياً، وتقديم حماية جوية لهم والمنطقة ستتحول الى منطقة بقعة امنة ومستقرة،  لمن هم على استعداد لمحاربة الارهاب والاسد ولاعادة ايواء اللاجئين ، وفق نموذج جرابلس ، وونواتها متوفرة فعلاً الان فى مناطق عمليات درع الفرات،  وتمثل سكين بل سيف قاتل فى خاصرة النظام وفكرة تقسيم البلد وفكرة سورية المفيدة  الطائفية البغيضة،  وهذا أحد أسباب نباح الاسد المستمر ضد تركيا ، كما نهيق الحشد الشعبى الاعلامى الموالى والناطق فى الحقيقة باسم ايران وامبراطوريتها الشريرة والدموية.

الادراة  الامريكية الجديدة ستكون مضطرة للاصغاء الى المزاج  السياسى والحزبى العام فى الكونغرس الذى عبر عنه تقرير اولبرايت هادلى ، وفكرة التقارب مع موسكو وتحبيذ التسوية معها لن تمنعها من المضى قدماً فى التوصيات السابقة، كون المشكلة الجذرية هى مع طهران التى أطلق أوباما يدها فى ىسورية العراق اليمن ولبنان من أجل التوصل الى اتفاق توهم أنه تاريخى معها،  أما موسكو فتخشى التورط فى المستنفع السورى وهى ستنصاع الى تسوية جنيف فقط اذا ما وجدت سياسة أمريكية اقليمية ودولية حازمة فى سورية معادية لطهران ، وتخير بوتين بين عملية عادلة منطقية وواقعية وفق الية جنيف،أو التورط والهزيمة وفق الية أفغانستان طالما أن لا مجال لتعميم الخيار الشيشانى على الاراضى السورية كلها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات