طبخة الأستانة وأحلام القيصر والسلطان

طبخة الأستانة وأحلام القيصر والسلطان
من الواضح أن هناك طبخة روسية تركية أعدت على عجل،هذه الصفقة-الطبخة بدأت مع انطلاق عملية درع الفرات ومن ثم اتفاق حلب ولاندري أين ستنتهي.

تركيا المستاءة من حليفها الأمريكي بعد تدهور العلاقات بينهما إلى مستوى غير مسبوق نتيجة دعم الميلشيات الكردية في سوريا وخصوصا بقاء تلك الميلشيات في مدينة منبج التي صرح الأمريكيون أن الأكراد سيخرجون  منها فور طرد تنظيم الدولة. وروسيا التي تريد استثمار نصرها العسكري في حلب سياسياً تلتقي مع رغبات تركية بمحاولة فرض واقع جديد ميداني بعد وجود عسكري واضح لكلا الطرفين في سوريا، روسيا لديها مطارات و قوات برية تسيطر على نصف حلب الشرقي وتركيا لديها جيش بري وصل لمدينة الباب ويطمح بالوصول إلى الرقة.

وجود أزعج الإيرانيين وبدأوا بمحاولات حثيثة لتقويض هذا الانسجام بين الطرفين، انسجام تركي روسي فوق العادة، الإيرانيون أزعجهم اتفاق حلب وحاولو نسفه في أكثر من مرة وكادوا أن ينجحوا في مسعاهم. 

كشف اتفاق حلب ومابعده عمق الخلافات الروسية الإيرانية في رؤيتهم للمسألة السورية، اذ حاول كل طرف أن يظهر نفسه كصاحب قرار وكلمة عليا فيما يتعلق بمجريات المعارك في سوريا.

ماكشفه ممثل الفصائل المعارضة  في مفاوضات حلب من تفاصيل عن كواليس تلك المفاوضات يؤكد أن الطرفين دخلا رسمياً في مرحلة افتراق ولو بخطوات بطيئة.

غموض تفاصيل الصفقة أزعج الأمريكيين ومعهم أغلب القوى الفاعلة فأوعزت واشطن لديمستورا لدعوة الأطراف لجولة جديدة في جنيف بعد أسبوعين من موعد لقاء الأستانة، وربما الاستياء القطري من حليفهتم تركيا كان سبب صدور بيان شديد اللهجة من إخوان سوريا ضد أي حوار مع موسكو يقتصر فقط على الفصائل العسكرية. المملكة العربية السعودية دخلت في مرحلة صمت سياسي اذ لم يخرج أي تصريح رسمي قبل وبعد مفاضات حلب، ولا أي موقف واضح من الاستانة في انتظار قدوم ترامب وطاقمه الجديد.

موقف المعارضة بشكل عام مربك، صراع سياسي داخل الإئتلاف يهدد بنسفه بعد موجة استقالات وتلويح بالانسحاب وهيئة عليا للتفاوض تعيش تخبط غير مسبوق، وفصائل عسكرية وجدت نفسها فجأة في الواجهة دون أن تكون مهيئة بشكل جيد، فهي تعيش انقسامات وصراعات كبيرة بعد دعوات كثيرة لاندماج فصائل الشمال في تشكيل موحد، وخرجت أصوات تنادي بالتوحد مع جبهة فتح الشام وأطراف تعتبر أن هذا الاندماج بمثابة انتحار بسبب تصنيف الجبهة كمنظمة ارهابية.

السؤال الذي يطفو على السطح حاليا .. هل نذهب أم لا نذهب للأستانة

الفصائل العسكرية بعد توقيعها على بنود اتفاقية وقف اطلاق النار ملزمة بالذهاب مع بقية الكيانات السياسية في حال تحقق وقف اطلاق النار، لأن الذهاب وارد في بنود تلك الاتفاقية. وقف اطلاق النار مهدد بالنسف بسبب رغبة ايرانية كبيرة بتخريب كل هذا العملية التي تعتقد ايران انها تصب في مصلحة روسيا وتركيا.

ايران تستخدم الميلشيات الشيعية لنسف اتفاق الهدنة وهي التي أمرت ميلشيا حزب الله بالهجوم على منطقة وادي بردى ومنع ضباط روس من الدخول إلى المنطقة للقاء وجهاء منها  والاطلاع على مشكلة مياه الفيجة المقطوعة عن دمشق. روسيا تستطيع الرد بحسم على مثل هذه الخروقات لكنها تريد ابقاء الضغط على المعارضة وأيضاً تريد ضمان مرور الموقف حتى موعد الأستانة بأقل الخسائر في الخلافات مع الايرانيين.

رسيماً لم توجه الدعوات بعد إلى أي طرف لكن أعتقد أن الهيئة العليا للتفاوض سيكون لها دور رئيسي مع الفصائل الموقعة على اتفاق أنقرة واذا كان ولابد من الذهاب ليكن على أرضية واضحة وثابتة، التأكيد على بيان جنيف وتشكيل هيئة حكم انتقالية وليس حكومة وحدة وطنية كما يريد الروس.

المشهد يزداد تعقيداً مع غموض الموقف الأمريكي وزيادة أطماع ايران في سوريا. اطماع دفعت بها إلى الاصطدام مع روسيا مؤخراَ، ولدينا تركيا برؤيتها الجديدة الواقعية للصراع في وعن سوريا، تركيا تريد ضمان أمنها القومي ومنع قيام كيان كردي على حدودها وباقي المواضيع قابلة للنقاش والتفاوض، من يراقب تصريحات رئيس الحكومة التركية في الفترة الأخيرة يدرك جيداً ماهي تلك الرؤية الجديدة لتركيا مابعد الانقلاب، السيد يلدرم ذهب إلى بغداد في الأمس وربما لايمانع بالذهاب إلى دمشق قريباً في طائرة روسية تقله من اسطنبول مروراً بموسكو.

لانعلم، كما غيرنا من القوى الدولية والاقليمية، ماهي تفاصيل الصفقة الروسية التركية التي أنعشت أحلام القيصر بعودة قوية للساحة الدولية وحلم أوراسيا الكبرى وأيضا اعادت للسطان هيبته التي افقدها له حليفه أوباما وباتت تركيا رقم صعب في حل المعادلة السورية.. لكننا نعلم أكثر من غيرنا أن الأستانة لن ينتج عنه حل للمقتلة السورية وأن  طريقنا لايزال طويلا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات