2016 عام الخذلان ... 2017 عام التعايش

2016 عام الخذلان ... 2017 عام التعايش
ها نحن نعيش الساعات الأخيرة للعام ٢٠١٦. 

لا أنكر على المحتفلين ببدء عام جديد حقهم بالأمل ولا استكثر على الراغبين في طي أيام هذا العام رغبتهم في أن يحطموا خلفه جرار كثيرة كي لا يتكرر، أليس هذا ما تقوله القصص الشعبية.

بالنسبة لي يطوي عام ٢٠١٦ ساعاته بصفته من أصعب الأعوام التي عشتها وأكثرها اضطراباً وقسوة، ومشاعري حياله متنازعة ما بين الرجاء بأن يتوقف الانحدار وما بين الخوف من أن تحمل الأيام القادمة نذير قلق أكبر. لكن مثل هذه المشاعر الأولية التي قد تكون ساذجة بعض الشيء ليست ما يحدد شكل وأهمية الأشهر الماضية. 

لقد بدأ مؤرخون يقاربون العام ٢٠١٦ بصفته علامة في المئة عام المنصرمة فهو العام الذي شهد فعلياً موت القرن العشرين. فما جسده العام الماضي مزيج من أحداث وتناقضات كان العنصر الحاسم فيها هو أنه تم القضاء على القدرة على التوقع المنطقي للأحداث وما يمكن أن تنتجه في المستقبل. قلة توقعت أن يفضي استفتاء البريكزيت لإلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكنه حصل، وما بدأ كنكتة سمجة انقلب حقيقة وبات الشعبوي اليميني دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وأوروبا انتشر العنف في مدنها وشوارعها والمد اليمني آخذ في الصعود ويهدد بقضم مكاسب جديدة في انتخابات فرنسا والمانيا وهولندا الربيع المقبل. المد الإسلامي المتشدد والعنفي مستمر ويتذرر. ويبقى الأخطر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بات الأقوى بل وربما النموذج الذي يتطلع اليه كثر في هذا العالم. في منطقتنا فشلنا في مقاربة الوضع السوري وقراءة تحولاته فاعتقدنا أن محاولة انقاذ الانسان السوري أولوية تتقدم على كل ما عداها وكم بدا هذا الاعتقاد موغلا في التبسيط امام المصالح والنفوذ. 

بالحقيقة، يصعب حصر الخسارات التي منينا بها في العام المنصرم فسنة ٢٠١٦ ثبتت لها مكانة مظلمة في تاريخ منطقتنا والعالم بأسره. فها نحن نودع ساعاته الأخيرة على وقع تقدم بشار الأسد بنيران الروس والإيرانيين في حلب. فهناك نوع من التسليم بأن المحور الروسي الايراني ثبت مكانة متقدمة في سورية ضاخاً مزيداً من الحياة في جثة حاكمة اسمها بشار الأسد كما أن المحور نفسه يتقدم في العراق ولبنان واليمن ما يعمق النزاع السني والشيعي. 

ينتهي العام ٢٠١٦ وأمامنا المرارة السورية وخصوصاً ما حصل في حلب لتخبر إن المصالح والحسابات الباردة تعلو فوق الانسان وحقوقه التي لم تجد ولن تجد من يدافع عنها، ولنا في العالم العربي كل الأمثلة. فهنا في مصر وسورية ودول عديدة تتصدر الثورات المضادة للاستبداد على جثث الثورات وشبانها وشاباتها الذين حلموا بدول ومجتمعات أفضل قبل سنوات ليعاقبوا على مجرد الحلم فجرى تحطيم أحلامهم وتحطيمهم هم فعليا قتلا وسجنا وتشريداً..  ها نحن نعيش عصر صعود القوميات ومشاعر الصدام بين المجموعات الأهلية والعرقية. وسط هذا ترتفع مجالات العسكرة والتسلح وتصدر مؤسسات الجيش سدة الحكم. 

كل قيم الحداثة الى انتكاس لذا ليس من المبالغة اعتبار العام ٢٠١٦ عام خذلان لقيم التقدم والانسانوية ولنا في المأساة السورية ألف حكاية وأمثولة. 

سندخل عام ٢٠١٧ مثقلين بمشاعر المرارة والخذلان هذا، ومؤشرات الخروج من الحفرة لا تبدو واضحة لذا ومن دون كثير منطق أو تحليل لا تبدو الأشهر القادمة أكثر من حقبة تعايش مع منتجات العام الماضي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات