إنها مدينة الأسواق والخانات حضنت بين ثناياها من أشهر وأبرز الفلكيين والرياضيين والأطباء والفلاسفة إلى جانب فذ من النخب الإجتماعية على مر العصور.
هذه المدينة التي تم محوها بصمت عربي ينم عن موافقة..وكأن العرب الجدد يريدون محاربة حاضرة التاريخ وكأنها غيرة من شعب استمر وامتد عبر التاريخ، لتلبسها ثوب الأبنية المقشرة وكأنها تنزع عنها جلدها التاريخي لتستبدلها بآخر دخيل يحمل عمامة سوداء قانية، لا يرى فيها سوى أنها أموية صدر عليها حكم بالإعدام والحضور عرب عمي وفي آذانهم وقر يحول دون سماع لأنين محاصر أونازح أو طفل جائع محاصر تنتظره قنبلة من طائرة في السماء فترديه صريعا..ثم يتناوله العرب على" تويتر" بأسلحة التغريدات المضادة للطائرات.
اليوم بيعت سورية بسند غير مقبوض الثمن يتضمن تحويل المشهد الديني والسياسي فيها إلى آخر دخيل،،بعد أن كان متجانسا على أساس العدالة الإجتماعية والإرث التاريخي للشعب السوري، منذ أن فتحت إيران مضخات خزاناتها البشرية عبر خطوط الإمداد الشيعي في سورية باستهداف أهم المدن الحيوية وما مدينة حلب إلا شاهدا على ذلك، ومن قبلها حمص التي شهدت تغييرا ديموغرافيا كان العنصر الرئيس فيه هو الإعتناق للمذهب..فالقصة الأولى بدأت من القصير التي عاثت فيها مليشيا حزب الله فسادا وهجرت أهلها بعد حصارها وقصفها ثم استحصلت على وسام استحقاق بجعلها مركزا للحشد الشيعي اللبناني ومركز للعمليات..وانطلاقا للجهاد المقدس في حماية المقامات المزعومة، خدمة لهدف أكبر عنوانه " التمدد الإيراني" أو مايسمى اصطلاحا "بحهاد العصر الحديث".
اليوم هناك سؤال يطرحه كثيرون هل سقطت الثورة هل ذهب كل الشهداء عبثا..الجواب على هذا السؤال أن من يعتبر الثورة هي في السيطرة على الجغرافيا فهو مخطئ ومناطقي التفكير ..إن الثورة هي إرادة إجتماعية حقيقية تنبع من الشعب تبقى ببقاءه وتفنى بفناءه لا شيء آخر، وهذا ما عرفه النظام والروس والإيرانيون الذين عملو على إفناء الشعب السوري عن بكرة أبيه فهو ثوري حتى آخر قطرة .
اليوم كثر هم عرب يعزفون عن مشاهدة ما يجري في سورية عبر شاشات التلفزة و مواقع التواصل خوفا من معركة سيكولوجية تجري بينه وبين نفسه التي تبرأ منها، وخوفا من أن يقول أنه عاجز،، لكن كان من الأفضل أن يعترف فقليل من الإعتراف ينفع، إنها ببساطة حالة لا يريد بها الشيزوفريني العربي أن يجابه حقيقة أن العروبة لا تستعيد مجدها سوى في كتب التاريخ التي لم يمل بعد من احتضانها بوصفها هويته الموروثة التي عجز عن يصنع غيرها، يعيش عليها ويقتات عليها ويحاضر بها ويقاتل بها..في دور الكتب وفي مقاهي العبيد للأصوليات والبروتوكلات.
نطلب منكم أيها الناطقون بالعربية أن تكونو معنا كإنسان لا كأشقاء في اللسان والدين فلسان الضاد لايجمعنا...
التعليقات (3)