و تتحول بك القضيّة من سؤالك عن مطلبك إلى الموازاة مع سؤالٍ آخر و هو : ما الذي يريده كل أولئك الأعداء ؟ ، لتسافرَ في كتلةٍ هائلة بعدَها من المشاهد ، تبدأ بأولى صرخات الحريّة ، و لا تنتهي أبداً عند تلك الدماء ، و أنت في كل خطوة و نفسٍ يدخل رئتيك ، تُعدّ تابوتاً لبيان جديد ، تطلقه منظمة ما تُعنى بحقوقك كإنسان " ولو افتراضاً " ، أو لعنةً تَصبُّها مثلاً .. على الذين لا يُطلقون البيانات تضامنا ً معك ! في مزج تراجيدي تُدركه في بعض اللحظات مُلخصّه أنَّ شيئاً من العجز من شأنه أن يَخلق الحيرة في خُطاك ، و أن تفقد ثقتك في كل مصطلحاتِ الموازين في هذا العالم ، وسط مرورك على سياسات كبريات الدول و صُغيراتها ، و الإنسانية التي عادت طفلةً رضيعة .. تربيها مهامُ الآلام الحاصلة في أجساد المقهورين و المضطهدين و المحرومين أدنى وصفات الحياة قوتاً ..
و من هنا تماماً ، تعود للاستذكار في نفس المزج بأن الوطن الذي لا تجد فيه وسادة لك لن تستطيع أن تحلم به ! ، و أن الأرض التي لا تحمل أبناءها غمامٌ لا يمكن الُّرقاد فوقه ، بالموازةِ ذاتها مع الوطن الذي كان حارساً لأحلامك ، و الأرض التي سقتك من كأسها ، كل ما حملته من مياه ! و كأنك أنت و لست أنت ، تقفُ عند ذاتِك لوهلة ، إلا أنك تجدُ في موضعك هذا قد تعدّدت ذواتك ، لتهرب بعدها لأقل الوجع ، و تُشرع بابك من جديد ، للصدف المخلّصة ، أو المعجزات .
أما إن كنت حيَّ البصيرة لبعض الدقائق ، قادراً على تمايز الأحداث المتشابهة في كامل ماهيّتها ، فهذا حديثٌ آخر و ليس أخير ، مثل دفنِ كسرة خبزٍ في جيبك تَعلمُها الأخيرة ، لجوع ٍآخر هو نفسه ، لكنك تسميه آخراً لتُغري نفسك بأكبر كميةِ صبرٍ يمكنك الحصولُ عليها ، أو تحصي اللّبنات التي بقيت من جدران بيتك لتأوي بها مسمّى البيت مؤجّلاً مداهمةَ العراء لك ، أو تطلق الصرخات هنا و هناك ، لتتفقد نفسك إن كنت لازلتَ حيّاً ، و ما إن كان أحد ما حيّ يقدر على سماعك و فعل شيء له ، أو لك !
هكذا يكون الموتُ رفاهيّة ، حين تقف عن الذهول ، و لا يعد هنالك شيء يحجبُ بصرك عن شيء قليلاً ، و حين تصبح الدهشة معقولاً ، و تندثر الأعاجيب ، و أنت في مكان ما ، ترتل لنزعك الأخير كل ما في الكون من أغنيات تغنيها من على منبر الوطن ، تحكي عن الألم و الأمل ، حين يكون موتاً متعدداً ، ينتظرُ الموت أو الحياة ، بكل القهرِ ، بكل السّلام.
التعليقات (7)