عن سوريا.. أوباما يكذب والإعلام يصفق

عن سوريا.. أوباما يكذب والإعلام يصفق
لم يتغير شيء، كان الخبر السوري يدفن السوريين في الصفحات الأولى من الصحف، فانتقل الدفن إلى الصفحات الأخيرة، وتم إلغاء الجنازة والعزاء.

هل هو الإعلام بذاته أم هي مجريات الصراع؟ بالواقع التيار العام الإعلامي عربيا وغربيا سار مع الصراع السياسي، ولعل تجليات مواقف أوباما كممثل للسياسة الأميركية تبرز هذا التوافق.

لم يكذّب السوريون أميركا عندما رسم أوباما خطوطه الحمراء الأولى في أيلول 2012، على العكس، انتظروا تنفيذ التهديد بالتدخل العسكري، بين مستنكر ومشجع وخائف، ولكن وعلى عكس توقعات الإعلام، الذي طبّل وزمر وطنطن، مسح أوباما الخط الأحمر، راسماً بدلاً عنه وردة زهرية اللون، وليتحمل الإعلام طبعا مسؤولية الضخ الإعلامي والتهويل الذي جرى يومها، لدرجة أن السوريين في الداخل قاموا بتموين الطعام والمواد الضرورية خوفاً من الهجوم الأمريكي، الذي رعاه ونظمه الإعلام الأمريكي أولاً وقلدته باقي وسائل الإعلام العربية.

وتوالت فضائح أوباما، فرفض حامل نوبل للسلام، 50 اقتراحاً عام 2012 من وكالة استخباراته الـ CIA لإزاحة بشار الأسد، وجاء رفض أوباما بعد موافقة الكونغرس ورؤساء لوكس في الاستخبارات على تلك الخطط، ولم يكتف الرئيس الأمريكي في رفض الخطط وإنما رفض حتى الاستماع لتلك الخطط، وليرفض أيضاً خطة لاغتيال بشار الأسد بعدها. وفي نهاية 2014 قررت إدارة أوباما، ، أن تدعم PYD  ، ذو المواقف الضبابية والانتهازية والمتذاكية في لعبة الصراع الدولي. وعندما أعلنت روسيا نيتها التدخل العسكري في سوريا منتصف 2015، قامت إدارة أوباما بذر الرماد بالعيون بالتصريح تلو التصريح عن نية روسيا إقناع الأسد بالرحيل، وانشغل الإعلام خلال كل تلك الفضائح والدعم الواضح والمباشر للأسد بنقل اعترافات وشهادات عن داعش، وآخر ما وصلت إليه الحرب على الإرهاب التي تقودها أميركا.

ولم يحاول أوباما وإدارته إجبار الأسد على تنفيذ أي قرار دولي من جملة قرارات عدة شددت على ضرورة وقف الأسد لسياسات التجويع والحصار والاعتقال التعسفي والتعذيب، ولم يلبث أن فجر أوباما باكورة أعماله بتصريحه في آذار الماضي 2016 في مقابلة مع مجلة "ذا أتلانتك" أنه فخور" بعدم استهدافه للأسد بعد الكيماوي.

 ونصل لتدخل إدارته في محاولة تخفيف مضمون ولهجة قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، ومحاولة منع تصويت الكونجرس عليه، وهو القانون الذي اتهم بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب قتل 400ألف مواطن، ، تشريد 14 مليون آخرين. وتدمير نصف سورية ويدعو إلى معاقبته وداعميه في روسيا وإيران، فأين الإعلام الغربي والعربي من كل تلك التناقضات، والذي ترافق مع تجاهل للجرائم التي لا تحتاج لدلائل لتوصيفها أنها جرائم حرب، وتركيزه أيضاً وأيضاَ على داعش وحرب الإرهاب.

يطلق الرئيس الأمريكي تصريحات نارية ضد بشار الأسد، ولكنه يحمّل داعش والإرهاب المتجذر في سوريا مسؤولية كل الجرائم في العالم من شرقه لغربه، ويبدأ الإعلام بالتسويق لمعارك لم تبدأ بعد على الأرض السورية لمحاربة داعش وبمساعدة بشار الأسد "تدمر والرقة نموذجاً"، وتبدأ التسريبات الإعلامية عن عدم وجود نية لدى أوباما لإزاحة بشار الأسد مع وجوب التفكير والمقارنة بين خطر الأسد وخطر داعش، ويبقى المنتصر الأسد وداعش بالتأكيد.

واليوم، وبينما تجري حرب إبادة في حلب، في أكثر المشاهد دموية في العصر الحديث ، وليس بعيداً عن الدماء والأشلاء، يرسل أوباما متحدثين باسم بلده في الأمم المتحدة للتنديد بسياسة بشار الأسد، ولتوصيف ما يحدث في حلب بأقسى الجمل والتعابير، ولتسيطر تصريحاتهم على الإعلام الغربي ومقلديه من الإعلام العربي، بينما يصرح هو قبل أيام في ختام قمة (أبك) الاقتصادية أنه "ليس متفائلا بشأن آفاق المستقبل في سوريا على المدى القريب"، وليذهب تصريحه وكأنه لم يكن، فلا نقاش ولا حوار ولا مقارنات حوله.

وقبل ذلك وفي الشهر الأول من العام الجاري، ومن خلال وثائق من البيت الأبيض، كشفت فرانس برس أن أوباما ينتظر أن يترك بشار الأسد السلطة مع موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في آب 2017، ما يعني أن كل تلك التصريحات النارية والحادة والإصرار على أن أميركا لا ترضى ببشار الاسد ليست أكثر من بروباغندا إعلامية يمارسها أوباما وإعلامه والإعلام العربي عن الموت في سوريا.

أميركا اليوم، حكمها رئيس كذب على العالم بكلمة "ديموقراطية"، ويغسل يديه سريعاً من دم السوريين برفضه إقامة منطقة آمنة متعللاً بالإرهاب، ويطرد اللاجئين، ويمنّن السوريين أنه ربما يستقبل بضعة آلاف من اللاجئين، ولنكتشف نحن السوريون الموتى، أن جملة الألماني جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية وأدولف هتلر: «اكذب،اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس" هي أيقونة أميركا والغرب، بإعلام  يتجاهل السوريين، ولتبقى الحقيقة هي الضحية الأولى في سوريا.

لكن هل كان الإعلام العربي ومن اشتهر من سياسيينا، على شاشات الإعلام، أفضل حالا؟ للأسف ولسخرية القدر المريرة، كانوا مجرد مراكب تسير في تيار الإعلام الجارف، ولا يمكننا الجزم أنها مراكب مجبرة. من حق الغرب ودول العالم المستقرة أن تترك الإعلام يمارس تجارته في السوق، لكن أن يصبح الإعلام العربي سوقا مزدهرا على حساب الدم السوري، فهي الطعنة الأشد إيلاما لسوريا؛ الفلاشات المبهرة، الأخبار الغير موثقة، تتبع الإثارة في نقل الحدث، أدخل السوريين في فخ الأوهام. تجارة الأوهام بدأت يوم قالوا للسوريين أن الغرب قادم، وأنها حرب سنة وشيعة، وأنها ستنتهي خلال شهور، وسنسوي الأخطاء بعد ذلك.

التعليقات (3)

    سامي الصوفي - واشنطن

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    موقف أوباما حول سوريا كان واضحاً حتى قبل ضرب الكيماوي في الغوطة في آب ٢٠١٣. إذ يكفي التذكير بأن أوباما اختار يوم اعلان البيت الأبيض عن دعمه الجيش الحرّ في ذلك اليوم في أيار ٢٠١٣، ليخرج هذا الإعلان من الناطق باسم مساعد مستشارة الأمن القومي، و الذي لم يسمع أحد به من قبل، لأن أوباما فضّل يومها أن يلقي كلمة في «تجمع للمثليين» في واشنطن. الحقيقة كانت و ستبقى بأن أي تدخل لأوباما في سوريا، كان و سيكون لإنقاذ النظام السوري!

    جنيد حسن تقال

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    المتنبي صدق في شعره:

    التاريخ

    ·منذ 7 سنوات 5 أشهر
    الذي لايعرف السياسة الغربية سيقول ان اوباما يكذب اوباما ضعيف..لكن الحقيقة ان اوباما وبوتين ينفذون مايامرهم عليهم دينهم والصهيونية وهي الحرب على المسلمين(السنة) والقضاء عليهم ومافعله اوباما الا مسرحيه اهم شيء يستمر القتل في السوريين(السنة) وتدمر مناطقهم وتحتل.امريكا ديموقراطيه نعم لكن العيب فينا احنا طالما الدول الا سلامية ساكته وماعملت شيء حتى طلقة واحدة ماارسلتها للثوار وسمحت لايران ترسل كل الجنود والعتاد. فكيف بدك امريكا تتدخل؟ الغرب بيحاربنا واحنا الى الان ماتعلمنا نصنع سلاحنا بايدينا
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات