إيران.. تاريخ من انتهاكات حقوق الإنسان

إيران.. تاريخ من انتهاكات حقوق الإنسان
قالت "هيومن رايتس ووتش" في التقرير العالمي 2016 إن قوات الأمن والمخابرات هما أكثر من انتهك حقوق الإنسان في إيران في 2015، حيث فرضت السلطات بشكل متكرر قيودا خانقة على حرية التعبير والمعارضة، وواجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والفنانون والصحافيون أحكاما قاسية بتهم أمنية مريبة، وزُج بالعشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في المعتقلات بسبب أنشطتهم السلمية أو المهنية.

وأعلنت السلطات الإيرانية في 2 أغسطس/آب 2016 إعدامها 20 اتهمتهم بـ"محاربة الله"، والمحكومون تمت إدانتهم من المحاكم الثورية بعد اتهامهم بانتمائهم لجماعة معارضة تصفها إيران بـ"الإرهابية".

ووثقت الهيومان رايتس ووتش أكثر من 230 إعداماً في الفترة ما بين كانون الثاني حتى آب 2016، وبهذا تبقى إيران الرائدة إقليمياً في عمليات الإعدام.

وفي عام 2015، أعدمت إيران "بحسب الرايتس ووتش" بين 966 و1055 شخصا، ووثقت منظمات حقوق الإنسان إعدام 4 أحداث على الأقل في 2015، في خرق التزامات إيران بمقتضى القانون الدولي.

ومن أبرز الإعدامات في عامي 2015 و2016، إعدام شهرام أميري العالم الإيراني متخصص في الفيزياء النووية في آب 2016.

ووفقاً لأرقام منظمة العفو الدولية، فإن إيران أعدمت 694 شخصا في 7 أشهر في العام الماضي، بمعدل 3 إعدامات يومية، وفي الشهر الأول من العام 2015، تمت المصادقة على أحكام إعدام صادرة بحق 27 شيخا وداعية من أهل السنة بتهمة الدعاية ضد النظام.

https://orient-news.net/news_images/16_10/1477468141.jpg'>

رسالة من محكوم بالإعدام

قبل عام وبضعة أشهر وصلت لمنظمة العفو الدولية رسالة نادرة من محكوم بالإعدام في إيران، ولعل حامد الأحمد (كاتب الرسالة) واحد من قلائل جداً استطاعوا أن يصفوا ما حدث معهم إلى ما قبل الإعدام، وتم إعدام الأحمد في 4 مارس/آذار 2015، وإن خرجت شهادته إلى العلن، فإن شهادات غيره ماتت في جوفهم وذهبت معهم إلى القبر، ولا تزال إيران تمارس انتهاك حقوق الإنسان وترتكب جرائم موصوفة بحق إيرانيين لأسباب تتعلق بحرية الرأي أو حرية ممارسة العقائد الدينية، وفي الوقت نفسه، لا تزال بعيدة عن الاتهامات المباشرة، وعن الملاحقات القانونية الحقيقة، حتى إن جرائمها لا تشغل الإعلام الغربي بالقدر الذي تستحقه.

ومن المعروف أن الأقليات الدينية والعرقية لها نصيب كبير من هذه الإعدامات التي استحوذت إيران على المرتبة الأولى فيها بعد الصين، بحسب منظمة العفو الدولية، ويضاف للأقليات الدينية والعرقية معتقلو الرأي والمعارضون، وفي الرسالة التي تحدثنا عنها في المقدمة، ثمة تفاصيل عن التعذيب النفسي الذي لقيه الأحمد (تهمته كانت المشاركة بجريمة محاربة الله).

إذن.. تبدو إيران حاضرة غائبة دائماً، دوليا بتصريحات وتصريحات مضادة مع أميركا، واتفاق أرضى البعض وأغضب البعض الآخر، وبقي قيد التشكيك والتصديق يتعلق بالنووي الإيراني، حاضرة في الملف السوري، إذ احتلت ميليشيات إيران الشيعية الطائفية جزءا كبيرا من سوريا منذ عدة سنوات، وأشرفت ونفذت الكثير من المجازر الطائفية تحت علم النظام السوري ولوائه وباسمه، لتنتقل بعض هذه الميليشيات إلى العراق، ولتتعالى الأصوات المتخوفة في العالم من مجازرها الطائفية.

تاريخ من القتل

يعد شهر تموز من عام 1988 الشهر الأكثر دموية في التاريخ الإيراني الحديث، حيث أصدر الخميني فتوى سرية باعتبار أعضاء "مجاهدي خلق" المعارضة لحكمه، اعتبرهم أنهم "يحاربون الله، وأنهم مرتدون عن الإسلام"، وجاءت النتيجة بتنفيذ مذبحة حقيقية وإعدامات جماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين من الزمن، وبقيت المجزرة قيد الشك والمعلومات القليلة إلى أن أخرج أحمد منتظري نجل المرجع الشيعي الراحل آية الله منتظري تسجيلاً صوتياً يدين مسؤولين في النظام الإيراني ويثبت قيام النظام الإيراني حينها بتنفيذ الإعدامات الجماعية بحق الآلاف من المعارضين خلال شهرين.

الوثيقة الصوتية جاءت بمثابة قنبلة إعلامية لم تفقد قيمتها رغم حذف الملف الصوتي بطلب من وزارة الأمن، وفي الوثيقة الصوتية أبدى آية الله منتظري "مسرب وناشر الوثيقة والذي كان يشغل حينها منصب نائب الولي الفقيه، أبدى احتجاجه على الإعدامات، ووصف الإعدامات وقتها بأنها أبشع جريمة ترتكبها الجمهورية الإسلامية الإيرانية" منذ تأسيسها في عام 1979، وتم عزله من منصب نائب الولي الفقيه بسبب معارضته لإعدامات 1988.

https://orient-news.net/news_images/16_10/1477468210.jpg'>

ظروف اعتقال قهرية

قلصت السلطات الإيرانية بشدة من حقوق حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع، فاعتقلت وحبست الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين وغيرهم ممن جاهروا بالمعارضة، بتهم فضفاضة وغامضة. وظل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ضد المعتقلين أمراً معتاداً مع إفلات مرتكبيه من العقاب، وكانت أحوال السجون قاسية. واستمرت المحاكمات غير العادلة في بعض القضايا، ما أدى إلى صدور أحكام بالإعدام. وواجه النساء وأفراد الأقليات العرقية والدينية تفشي التمييز في القانون وفي الممارسة العملية. ونفذت السلطات عقوبات قاسية، بما في ذلك سمل العيون وبتر الأطراف والجلد. وفرضت المحاكم أحكام الإعدام على مجموعة من الجرائم، وأعدم العديد من السجناء، بينهم أربعة أحداث جانحين على الأقل.

وظل زعماء المعارضة مير حسين موسوي، وزهراء رهنورد ومهدي كروبي تحت الإقامة الجبرية دون تهمة أو محاكمة. واستمر عشرات من سجناء الرأي رهن الاعتقال أو يقضون أحكاما بالسجن بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وكان من بينهم صحافيون وفنانون وكتاب ومحامون ونقابيون وطلاب ونساء ونشطاء بشأن حقوق الأقليات ومدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم.

وفي مارس/آذار الماضي عبّر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن القلق البالغ للانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في إيران، وقرر تمديد مهمة عمل المقرر الخاص لحقوق الإنسان هناك لجولة مدتها سنة واحدة أخرى، وتتالت أحكام الإعدام على أسس طائفية وعرقية وفكرية، وتنوعت التهم من "محاربة الله" إلى "التحريض ضد النظام"، وكانت المعارضة مريم رجوي أصدرت بياناً أواخر العام الماضي تحدثت فيه عن ملف لجرائم النظام الإيراني، وشددت على ضرورة إحالته إلى مجلس الأمن واعتبارها جرائم ضد الإنسانية، وقالت إن جرائم النظام منها120 ألف حالة إعدام سياسي، و7 مجازر في مدن أشرف وليبرتي.

وبلغ عدد قرارات الأمم المتحدة التي أدانت فيها انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، 63 قرار إدانة، خصوصا أن الإعدامات والقتل السياسي هما من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان الموجعة في إيران، نظراً لأعداد ضحاياها الكبيرة، ولأن عدداً منهم من فئة اليافعين، ممّن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، كما تؤكد التقارير الدولية.

على أن سجل انتهاكات لحقوق الإنسان في إيران، يضم أيضاً ملاحقة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، والاعتقالات والتعذيب داخل السجون، وقمع التحركات الطلابية، واضطهاد الأقليات الدينية والقومية غير الشيعية والفارسية.

ونددت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضواً، بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ولا سيما قيامها بحملة على النشطاء والصحافيين والمعارضين، واستخدامها المتزايد لعقوبة الإعدام.

وصدر قرار عن الجمعية العامة في شهر ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، في أحدث الإدانات الدولية، ومن المعروف أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة لكن يمكن أن يكون لها ثقل سياسي.

https://orient-news.net/news_images/16_10/1477468247.jpg'>

موت بطيء

بعث سجناء سياسيون إيرانيون في 14 أكتوبر الحالي رسالة إلى مقررة الأمم المتحدة في قضايا حقوق الإنسان في إيران السيدة عاصمة جهانكير، أكدوا فيها أنهم يتعرضون للموت البطيء في سجن رجائي شهر سيئ الصيت بمدينة كرج، شمال غرب العاصمة طهران.

وقال السجناء في الرسالة إن سلطات سجن رجائي شهر تعرضهم لمختلف الأمراض والموت البطيء.

وسبق أن كشف بعض النشطاء عن الأوضاع المزرية في سجن رجائي شهر من خلال صور تم نشرها عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

وذكر مدونو الرسالة "قلة الأدوية" و"قذارة المكان الذي يعالج فيه المرضى"، كما قالوا إن من بين السجناء من أصيبوا بأمراض مثل التهاب الكبد والإيدز لكن يتجاهل مسؤولو السجن معالجتهم، خصوصاً أنهم بحاجة لرعاية خاصة.

وقال السجناء إنهم لا يحصلون على الطعام الكافي، وإنهم يتعرضون للتجويع، مذكرين أن "محسن دكمه جي" و"شاهرخ زماني" و"علي رضا كرمي خير آبادي" و"منصور رادبور" و"افشين اسانلو" و"مهدي زالية" توفوا بسبب سوء المعاملة والإهمال واللامبالاة في ظروفهم الصحية.

وفي أحدث الاتهامات، اتهم حزب "الحياة الحرة الكردستاني" بتاريخ 13 أكتوبر الجاري، في بيان أن إيران ربما استخدمت ضد مقاتليه السلاح الكيمياوي، وذلك بعد أن أعلنت طهران مقتل 12 مسلحا كرديا معارضا في مدينة ثلاث باباجاني بإقليم كرمانشاه الكردي غرب البلاد، وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن عن مقتل 12 مسلحاً من جماعة وصفها بـ"الإرهابية" بالقرب من الحدود العراقية.

وفي 13 أكتوبر وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" رسالة إلى آري غراسا، رئيس "الاتحاد الدولي للكرة الطائرة"، للطلب منه التوقف عن منح إيران الحق في استضافة بطولات دولية ما لم تضمن حضور المرأة لمباريات الكرة الطائرة.

ويصل عدد سكان إيران إلى 73 مليون نسمة، وتحاول السلطات الإيرانية عدم نشر إحصائية رسمية بالتوزيع العرقي، بسبب سياستها القائمة على تفضيل العرق الفارسي، لكن تقديرات أميركية تشير إلى أن الفرس يشكلون 51%، والأذريين (أتراك) 24%، والجيلاك والمازندرانيين 8%، والأكراد 7%، والعرب 3%، واللور 2%، والبلوش 2%، والتركمان 2%، وأعراق أخرى 1%.

وتتضارب المعلومات بشأن الحجم الحقيقي للسنة في إيران، ففي حين تقدر الإحصاءات شبه الرسمية أنهم يشكلون 10% من السكان فإن بعض مصادر السنة تؤكد أنهم يشكلون 30%، وهو يوافق الإحصائية القديمة التي أجريت أثناء حكم الشاه، في حين ترى مصادر أجنبية أنهم بحدود 20%.

https://orient-news.net/news_images/16_10/1477468383.jpg'>

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات