ولا يليق بأبطال الدفاع المدني أن ينتظروها، فهم أَسْمَى مقاماً، وسيق في ذلك أمثلة وشواهد، كنت مدركاً قبل أن أتمنى الفوز بالجائزة ماهية نوبل وأعلم أنها مسيسة ولا تمنح إلا بناء على أجندة وحسابات، وعلمت مؤخراً أن التصويت على موقع الدفاع المدني ما كان ليؤثر في النتيجة ولا يأخذ أحد به من قبل القائمين على نوبل، وأدرك أيضاً أن بوبل منحت للكثير ممن عاثوا فسادا في الأرض، على رأسهم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما الذي منح الأسد وروسيا وإيران وكل المليشيات الطائفية من حيث يدري وقتاً ودعما لقتل السوريين طوال ست سنوات.
لكنني حاولت أن أسكت في داخلي كل السلبية تجاه العالم وأتعلق بقشة أمل في بحر يأس وقبس نور، وأتحلى بالإيجابية علّ العالم يخيب ظني به ويمنح الجائزة لمستحقيها، لكنه لم يفعل رغم الدعم الكبير الذي رافق حملة الترشيح إذ تصدرت صور لهم تنضح بالإنسانية وسائل الإعلام حول العالم وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بطلبات الدعم للخوذ البيضاء، لكن العالم لم يفعل.
كنت أتمنى أن يرى العالم إنسانيتنا البيضاء أن يعلم أطفال العالم شيبه وشبابه أن في سوريا من هم قادرون على إنقاذ حياة من هم صامدون في وجه الموت الذي يمطرهم به مقاتلات نظام الأسد وروسيا، هؤلاء الذين يلاحقون في قلوبهم وعيونهم المروحيات والطائرات في السماء، يتعبون البراميل للبحث عن أهدافها، بحثاً عن أهدافهم مع الفارق الهائل بين من هدفه القتل ومن يسعى لإنقاذ الأرواح، لابل كانوا بذاتهم هدفا في مرات عديدة للبراميل والصواريخ، ولمن يسأل عن الجدوى أقول بأن في هذا الكوكب من لايرى ولا يسمع إلا من خلال ما يراد له وجائزة نوبل كانت ستضع هؤلاء الناس ومعهم مأساتنا أمام كل البشر، لكن العالم لم يفعل.
كنت أتمنى أن يركز العالم بقعة ضوء على هؤلاء الخياطين والخبازين والصيادلة وعمال البناء ورجال الإطفاء والمعلمين والأطباء وغيرهم وهم يعملون بصمت وتفانٍ لإنقاذ الجرحى وانتشال جثث الشهداء من تحت الأنقاض، هؤلاء الذين يقضون ساعات بالحفر بين الركام بحثا عن أي نَفَس، سعياً وراء أي شهيق، لماذا لا أدعم ترشيحهم وماذا كنا سنخسر لو نالوا جائزة نوبل، هل سيصغرون في عيوننا ويتحولون إلى عملاء وخونة هل كانوا سيصبحون لو حملوا الجائزة كباراك أوباما أو شمعون بيريز، هل نحن هشون لدرجة تجعلنا نراهم كذلك؟
كنت أتمنى أن تصلهم أموال الجائزة علهم يستطيعون دعم فرقهم لدعم الحياة، لأن الأسد وروسيا مستمرون بقصف كل شيء في سوريا، كنت أتمنى أتنمى أن يخذل العالم بشار الأسد ولو مرة واحدة وهو الذي سخر بضحكة بلهاء من رجال الدفاع المدني.
العالم خذل الخوذ البيضاء، لكنهم ماضون فيما هم فيه مادام القصف ماض في حصد الأرواح وتدمير البيوت، وإن لم يربحوا الجائزة فهم الرابحون لقلوب الناس هم الرابحون حقاً، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ فرحة أم يُنتشل طفلها حياً من تحت أنقاض مبنى من خمس طوابق على يد متطوع لم يسعفه تماسكه فانهار باكياً في سيارة الإسعاف والطفلة بين ذراعيه هذه إنسانيتنا البيضاء التي لم تربح جائزة نوبل وهذه الصور وغيرها بطلها الدفاع المدني السوري.
التعليقات (2)