إخلاء سبيل

إخلاء سبيل
لإمضاء معاملة “إخلاء السبيل” من بلدة مضايا المحاصرة، أنت بحاجة إلى الموت أو الاقتراب منه قليلاً، ففي الحالة الأولى ستصعد روحك إلى السماء دون مناشدات لمنظمات وهيئات محلية ودولية، أما في الثانية عند اقترابك من الموت نتيجة إصابة خطيرة، قد تعاني منها أياماً أو أسابيع  كما حصل مع مصابي “التهاب السحايا” سيسمح لك الخروج، سيمضى على معاملتك “مع الموافقة” إما شمالاً إلى إدلب أو نحو العاصمة دمشق.

وإذا كانت الوجهة إدلب فأنت على بعد خطوات من الأراضي التركي، وتصبح بعيداً عن الحرب نوعاً ما، أما نحو العاصمة سيرافقك هاجس الخوف، إذ أنك عرضة للاعتقال، أو ستلاحق من أجهزة المخابرات السورية، وهذا حصل مع عدد من مرضى مضايا الذين أُخرجوا إلى دمشق، حيث وضعوا تحت الإقامة الجبرية رغم مرضهم وإصابتهم.

في معاملة “إخلاء السبيل” يجب أن تجتاح صورك مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تتكلم باسمك كل المنظمات المحلية والأجنبية، كما حصل مع الطفلة غنى قويدر التي أصيبت بطلق ناري من قناص في ساقها اليسرى، فتهافت المنظمات في المناشدة لإخلائها خارج الحصار لتلقي العلاج، حتى منظمة العفو الدولية أصدرت بياناً طالبت فيه كل الأطراف لإخلاء تلك الطفلة.

تلك المناشدات لم تشفع لوالدة الطفلة فتعرضت للتحقيق، وأوقفت لساعات، كما أنها أُجبرت أن تظهر على الإعلام الرسمي لتتهم “المسلحين” بإصابة ابنتها!!.

الخطوة الأهم في معاملة إخلاء السبيل ليست المناشدة أو الضغط على أطراف الصراع فحسب، وإنما الحصول على حالة مماثلة لحالتك في بلدتي الفوعة وكفريا – وذلك بحكم الاتفاق المعروف باتفاق الزبداني / الفوعة –  ولا يتم إخلاء حالة إنسانية من بلدة دون إخلاء مقابلها من البلدة الأخرى.

عند إصابة الطفلة غنى قويدر، وأثناء التواصل مع الأمم المتحدة (بصفة شخصية) كان جواب المسؤول عن البعثة في دمشق “نحن نحتاج لحالة مماثلة في الفوعة ليتم إخلاء الطفلة”، وعند انتشار السحايا في مضايا، تم إخلاء أكثر من 10 أشخاص منها مقابل إخراج أعداد مماثلة تحمل نفس الأعراض في الفوعة.

إذاً… لتحصل على كل التأشيرات في معاملة “إخلاء السبيل” عليك الموت أو الاقتراب منه قليلاً، وأن تتحول إلى نجمٍ بآلامك، وصراخك على مواقع التواصل الاجتماعي، والأهم أن تبحث عن شريك لقصتك من بلدة الفوعة يطابق مواصفاتك!!!

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات