كبار بالسن وكبار بالهامة.. عن شيوخ الثورة في اليوم العالمي للمسنين

كبار بالسن وكبار بالهامة.. عن شيوخ الثورة في اليوم العالمي للمسنين
تحيي دول العالم في الأول من شهر تشرين الأول اليوم العالمي لكبار السنّ الذي اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1990.

الذاكرة 

ففي الوقت الذي تحتفي فيه الدول بمسنيها لتقدم لهم المزيد من الاهتمام والرعاية الصحية، يقف السوريون على الجهة الأخرى من هذا العالم الذي يتعامى عن مسنّي سوريا وهم يعانون الجوعَ وانعدام الأدوية والمواد الطبية الأساسية في مضايا والوعرِ والمعضمية والغوطة الشرقية وغيرِها من المدن المحاصرة من دون أن تتحرك مساعدات الأمم المتحدة لإيصال علبة دواء لهم، بالإضافة إلى المعاناة التي يقاسيها كبار السنّ في المخيمات والسجون ومناطق القصف اليومي والتهجيرِ القسري الذي يعني للكبار اقتلاعاً لأرواحهم المتجذرة في المكان. 

وبمعزل عن المناسبات التي تخصصها الأمم المتحدة للطفولة وللمرأة وللشيخوخة التي تذكر فقط بما ينبغي أن يكون عليه حال الطفل وحال المرأة وحال المسن، تزخر ذاكرة الثورة بأسماء الكثير من المسنين الذين قدموا أمثولة حية في تضحيتهم وعطائهم.

أبو صبحي الدرة

فمن لا يذكر صورة الشهيد "أبا صبحي الدرة" وهو يردِّد على أسماع المتظاهرين في دوما قصيدةَ الشاعر "شفيق جبري" التي كتبها في أربعينات القرن الماضي، بمناسبة جلاء القوات الفرنسية عن سوريا، لتتدفق هذه القصيدة على لسان عجوز ثمانيني وكأنها قصيدته التي كتبها للمتظاهرين في حينها بعد أن أنعش حراك الثوارِ القصيدة في وجدان أبي صبحي الدرة.

WJeUYRHgUeE

لاحقاً، أيقظت صور استشهاده، وهو ملقى بين الركام بجوار الرصيف في أحد شوارع مدينة دوما ذاكرة الثوار كلما اعتراهم الوهن أو الضعف هم الذين عايشوا هذا الطاعن في السن، وهو يكافح حتى اللحظة الأخيرة من أجل أن يكسب لقمة عيشه حيث كان يبيع حزم البقدونس قبل أن تعاجلَه القذيفة، وتنهي رحلة كفاحه بالشهادة. 

h6DIIAg9be4

شيخ المجاهدين

تلك كانت واحدة من آلاف القصص التي عرفناها في بداية الحراك السلمي، حيث برز في كل مرحلة من مراحل الثورة العديد من الشخصيات، وبخاصة في مرحلة المواجهة العسكرية التي لم يكن متوقعاً من كبار السن المشاركة فيها لاسيما في ساحات القتال، لكن شخصيات مثل شخصية الشهيد محمد طيب اسماعيل الغزال " أبو الطيب " حققت استثناءً في تزعُّمها قيادة عائلته التي قاتل ثلاثون من أفرادها ضمن الجيش الحرّ، ولم تثن سنوات أبي الطيب  الثمانون عزيمته عن خوض عمليات عسكرية في مدينة حلب.

7jBFUI0IHkU

ويظهر أبو الطيب الملقب بـ"شيخ المجاهدين" في فيديوهات تظهر إقدامه وشجاعته وهو يقاتل في الصفوف الأمامية حتى لحظة استشهاده أثناء الاشتباكات في حي سيف الدولة، فقبيل هذه اللحظة تعالت أصوات الثوارِ، وهم ينادونه بـ (جدي أبو الطيب) تراجع .. ليستشهد أبو الطيب بتاريخ 1/3/2013 ويترك بصمته في وجدان كلّ من عرفه. 

كتيبة المشايخ المتطوعين

قبل عامين تم تشكيل كتيبة تحت مسمى ( كتيبة المشايخ المتطوعين ) في مدينة حلب حيث تراوحت أعمار من يقاتل فيها مابين الخمسين والسبعين عاماً، وأصرَّ مقاتلو الكتيبة على المواجهة في خط النار بقريتي النبل والزهراء بغية إيصال رسالة محفزة إلى جيل الشباب ، حيث حمل كل مقاتل منهم على كاهله حكاياتٍ طويلة عن القمع والاضطهاد الذي عاشوه لعقود في عهد نظام الأسد علاوةً على من فقد منهم أبناءه خلال الثورة .

KtuhmBEW8H8

ولأنه ينبغي أن يكون للمناسبات طابعها الاحتفائي لعل السوريين سيكتفون اليوم بالقصص المشابهة لقصة (أبو صبحي) و (أبو الطيب) وغيرِهما.. كيلا تستيقظَ ذاكرتهم على الصور الموجعة المسرَّب منها والمعلن من قبل شبيحة الأسد، تلك الصور التي تظهرهم وهم يعذبون ويهينون كهولاً وشيوخاً انتقاماً من أحفادهم الثائرين، أو ربما انتقاماً من التاريخ الذي حمله الأجداد عن جرائمهم .  

بهذا المفهوم الخاص عن الشيخوخة الذي صنعته مجريات الثورة يحق للسوريين الاحتفاء بيوم لكبار في السن وكبار في الهامة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات